يتوقع أن تزداد نسبة مساهمة القطاع الصناعي بدولة الإمارات العربية المتحدة، في الناتج المحلي الإجمالي لتشكل ثاني أكبر نسبة بعد قطاع النفط، وخصوصا بعد دخول المشاريع الكبيرة المزمع إقامتها حيز التنفيذ في الفترة الواقعة بين العامين 2010 - 2012، إذ ستتجاوز نسبة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي 15 في المئة مع حلول العام 2012.
وقال تقرير لصحيفة مصرف الإمارات الصناعي إن قطاع الصناعات التحويلية شهد تغيرات مهمة في السنوات الثلاث الماضية، تمثلت في تدفق استثمارات كبيرة من قبل القطاعين العام والخاص وإعلان مشاريع ضخمة ستكون لها تأثيرات ايجابية على مجمل القطاع الصناعي في الدولة، باعتباره أحد أهم القطاعات الاقتصادية غير النفطية المؤهلة لتنويع مصادر الدخل القومي. وسبق لمصرف الإمارات الصناعي أن أشار إلى أهمية الاستفادة من الأفضليات الإنتاجية التي ترتيب على انضمام دولة الإمارات لمنظمة التجارة العالمية والتي أعلن إنشاؤها في العام 1995، وهو ما يتم الأخذ به حاليا. ويبدو أن هذا الاتجاه الرامي إلى تحقيق أقصى استفادة من الميزات النسبية التي تتمتع بها الإمارات في الاقتصاد العالمي بدأت تأخذ مسارها الصحيح من خلال تنفيذ مشاريع كبيرة تعتمد على الطاقة ومنتجات النفط والغاز.
وأعلن القطاع العام في السنوات الثلاث الماضية تنفيذ أربعة مشاريع كبيرة باستثمارات تجاوزت 73 مليار درهم (20 مليار دولار) وذلك في قطاع البتروكيماويات والألمنيوم والحديد، وذلك بالاشتراك مع مؤسسات.
من جانبه، أعلن القطاع الخاص استثمارات كبيرة في قطاع الصناعات التحويلية، وخصوصا بعد أن توافرت له سيولة كبيرة ناجمة عن ارتفاع أسعار النفط وعودة جزء من استثماراته الخارجية بعد سلسلة الأزمات التي ضربت الأسواق العالمية والتضييق على الاستثمارات الخليجية في الخارج. وأعطت مجمل هذه التوجهات دفعة قوية للقطاع الصناعي، وذلك إلى جانب العوامل الموضوعية المتمثلة في النمو المتسارع للاقتصاد المحلي وارتفاع الطلب على السلع والخدمات، بما في ذلك السلع الصناعية المنتجة محليا.
في هذا الجانب، ساهمت المناطق الصناعة المقامة في مختلف إمارات الدولة في استقطاب المزيد من الاستثمارات الصناعية الأجنبية، بما في ذلك الصناعات الحديثة المرتبطة بالسليكون وإنتاج الأجهزة الحديثة وأشباه الموصلات ذات التقنية العالية.
وارتفعت نتيجة لذلك، القيمة المضافة للقطاع الصناعي بنسبة 16,6 في المئة في العام 2007 لتصل إلى 85,6 مليار درهم، مقابل 73,4 مليار درهم في العام 2006، إذ أدى ذلك إلى زيادة حصة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي لترتفع من 12,2 في المئة العام 2006 إلى 13,1 في المئة في العام 2007، وذلك على رغم الارتفاع الكبير في مساهمة القطاع النفطي والناجم عن زيادة العائدات النفطية في العامين الماضيين. ويتوقع أن تزداد نسبة مساهمة القطاع الصناعي، في ظل هذه التطورات الايجابية، في الناتج المحلي الإجمالي لتشكل ثاني أكبر نسبة بعد قطاع النفط، وخصوصا بعد دخول المشاريع الكبيرة المزمع إقامتها حيز التنفيذ في الفترة الواقعة بين العامين 2010 - 2012، إذ ستتجاوز نسبة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي 15 في المئة مع حلول العام 2012.
وتتطلب هذه النقلة المرتقبة للقطاع الصناعي، إعادة النظر في التشريعات التي تتعلق بشئون الصناعة عموما والتي يمكن أن تتيح استقطاب المزيد من الاستثمارات الصناعية في السنوات المقبلة.
وضمن إعادة النظر هذه لابد من زيادة مساهمة القطاع الخاص في سن التعديلات الخاصة بالتشريعات الصناعية على اعتبار أن للقطاع الخاص رؤيته للكيفية التي يمكن من خلالها تنمية القطاع الصناعي وزيادة قدراته التنافسية.
وإلى جانب طبيعة الملكية الخاصة للمشاريع الصناعية وأحقية الحصول على تسهيلات تمويلية من المصرف الصناعي، فإن هناك أمورا أخرى عديدة لا تقل أهمية، تتعلق بأسعار الطاقة التي تضاعفت محليا في السنوات الثلاث الماضية مقارنة بالبلدان المجاورة، كما أن هناك الإعانات الخاصة بالتصدير والإعفاءات الجمركية والتي تؤدي جميعها إلى توفير بيئة ملائمة للاستثمار الصناعي. ويمكن أن يتضمن مشروع قانون تنظيم شئون الصناعة الجديد المعروض على لجنة الفتوى والتشريع بوزارة العدل، العديد من التعديلات التي تتناسب ووجهة نظر القطاع الخاص الذي يملك تجارب مهمة في كيفية التسويق محليا وخارجيا وهي مسألة في غاية الأهمية لتنمية القطاع الصناعي في الدولة. وتشير تجربة مصرف الإمارات الصناعي المرتبطة بتقديم التسهيلات التمويلية للقطاع الخاص الصناعي إلى أن المستثمرين الصناعيين يبحثون عن ضمانات تشريعية يمكن سنها بمساهماتهم وبالاستفادة من تجربتهم العملية.
كما يمكن للقطاع الخاص الاستفادة من الميزات النسبية للدولة من خلال تغيير نمط استثماراته المتمحورة حاليا في الصناعات الصغيرة والمتوسطة، مثلما عمد القطاع العام إلى الاستفادة من الميزات النسبية للدولة وشرع في إقامة مشاريع كبيرة تعتمد على الطاقة. ومثل هذا التوجه للقطاع الخاص الصناعي في الدولة أمر ممكن، وذلك إذا ما شملت البنود الجديدة من مشروع شئون الصناعة ضمانات إضافية لتقليل المخاطر الخاصة بالاستثمارات الصناعية الكبيرة.
وتدل المؤشرات كافة على أن قطاع الصناعات التحويلية مقبل على نمو كبير في سنوات العقد المقبل، ما يتطلب وضع الأسس والتشريعات التي تتناسب وهذا النمو المتوقع والذي يعزز مكانة الدولة في العلاقات الاقتصادية الدولية المستجدة
العدد 2201 - الأحد 14 سبتمبر 2008م الموافق 13 رمضان 1429هـ