منهم من يشرف هذا العالم بولادته وحيدا، ومنهم من يأتي متوأما. ويبدو أن ما يصح في ولادة البشر، قد يصح أحيانا أيضا في الصناعة وهو ما يستوقف في احتفالات جنرال موتورز هذه السنة، بالذكرى المئوية لتأسيسها.
فعند سماع عبارة «الذكرى المئوية» لتأسيس شركة ما، تتوقع انطلاق الأخيرة مع سيارة معينة، أو طائرة أو قطار أو غيرها، وعادة تحت اسم ماركة واحدة... إلا لدى «جنرال موتورز». فتلك لم تبدأ بماركة واحدة، بل انطلقت من البداية مع بويك Buick وأولدزموبيل Oldsmobile اللتين جمعهما وليام (بيلي) دورانWilliam Durant تحت عنوان «جنرال موتورز» General Motors في 16 سبتمبر/ أيلول من العام 1908.
ولا تتوقف المفارقة هنا، فوجوه اختلاف جنرال موتورز تلفت في أكثر من موضع. وهل يمكن أصلا تصدر صانعي السيارات في العالم لأكثر من سبعة وسبعين عاما، هكذا بفعل الصدفة؟ بل ثمة من يرى أن أهم ما في تاريخ جنرال موتورز ليس في سرعة توسعها فقط، وهي التي أضافت الى «محفظتها»، وبعد تأسيسها بأربع سنوات فقط، ماركات كاديلاك Cadillac وشيفروليه Chevrolet وأوكلاند Oakland التي أصبح اسمها بونتياك Pontiac منذ العشرينيات، إضافة الى جي إم سي GMC التي اشتهرت بتخصصها في عالم الشاحنات منذ تلك الأيام.
وإن أمكن تخصيص كتب لمعظم ماركات جنرال موتورز التي أصبحت دزينة كاملة في العام الماضي (على رغم زوال بعضها، وآخرها أولدزموبيل مطلع العقد الحالي)، ثمة ما يتعذر حصره بأرقام الإنتاج والمبيعات والمعادن والزجاج والمطاط.
وهو البعد الذي تعبر عنه مفاهيم جنرال موتورز من الأساس، قبل ولادة «سيارة الشعب» الألمانية (فولكسفاغن) بأكثر من عقدين، إذ شكل نشوء جنرال موتورز تطويرا لمبدأ وضع السيارة في متناول الشعب، مع تنويع خيارات موديلات وماركات عدة ضمن المجموعة ذاتها. طبعا، رمت الخطة الى تنمية المبيعات بنسب تفوق قدرة نمو ماركة منفردة، لكن نتيجة ذلك هي أيضا هبوط الكلفة والثمن مع نمو الإنتاج... وزيادة فرص العمل في الصناعة والتجارة والصيانة والتأمين وغيرها
العدد 2201 - الأحد 14 سبتمبر 2008م الموافق 13 رمضان 1429هـ