أكدت دراسات اقتصادية أن الزكاة لها تأثير على الاستثمارات وتحريك العملية الإنتاجية نحو النمو والازدهار وتساعد على الاستقرار الاقتصادي من خلال البيئة الاجتماعية التي توجدها.
وأثبتت تلك الدراسات أن الزكاة هي العلاج الأمثل للقضاء على أية طاقات إنتاجية عاطلة مكنوزة «رأس المال، العمل الثورة والدخل» ولها دور في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتعمل على تحفيز الاستثمارات.
الاستثمار في اللغة
ويُقصد بالاستثمار في اللغة الاقتصادية: الإنفاق الكلي الذي يؤدي إلى زيادة رصيد رأس المال المتاح، وكذلك تعويض ما يستهلك من هذا الرصيد، أي أن المستثمر ينفق على مشروع ما بهدف دَرِّ عائد من هذا المشروع يغطي النفقات ويحقق له الربح. وفي الاقتصاد الوضعي يتحدد القرار الاستثماري عن طريق سعر الفائدة (سعر للنقود)، بينما القرار الاقتصادي في الاقتصاد الإسلامي يقوم على تقييم معدلات الربحية المحتملة، ويعتبر هذا التقييم الوسيلة الفعَّالة التي على أساسها توظّف الاستثمارات في الاقتصاد الإسلامي.
ويُعَدُّ الاستثمار من العناصر الأساسية في العملية الإنتاجية، التي تفضي إلى إنتاج السلع والخدمات الملبية لحاجات الإنسان المتعددة، وبمقدور أي مجتمع أن ينتج ما يستطيع من سلع وخدمات بقدر ما يخصص لذلك من الموارد الاقتصادية المتاحة، وبحسب طريقة الفن الإنتاجي المستخدم. وبذلك، يمكن اعتبار التخصيص أو التوظيف الأمثل للموارد الاقتصادية لإنتاج السلعة أو الخدمة بكفاءة عالية من الأهداف الاقتصادية المطلوب تحقيقها، ويصبح الاستثمار أحد المحددات الرئيسة لتخصيص الموارد الاقتصادية.
والمجتمع المسلم لديه من الأدوات والأساليب ما يمكنه من تخصيص موارده الاقتصادية وتشغيلها بطريقة مُثلى، ومن أهم هذه الأدوات الزكاة؛ فهي تعمل كأداة تمويلية فعَّالة إذا تم تطبيقها على نحو منظم، تقوم فيه الدولة - وإن لم تكن فالجمعيات الأهلية - بدورها في تحصيلها من مصادرها وإنفاقها في مصارفها المقررة في الشريعة الإسلامية، وكذلك بالتزام أفراد المجتمع المسلم بأداء زكاة أموالهم كفريضة دينية، وواجب اجتماعي نحو فقراء المجتمع وأصحاب الحاجات فيه.
آثار الزكاة على المستثمر
ويقول أستاذ الاقتصاد بكلية الزراعة جامعة صنعاء علي العسلي: «الاستثمار الغرض منه هو تحريك التنمية وزيادة الناتج القومي ، فإذا دفعت الزكاة سيعود نفعها على المستثمر من خلال توفير الخدمات وغيرها، كما تعمل على المساعدة في الاستقرار الاقتصادي فتتم من خلال البيئة الاجتماعية المستقرة التي توجدها الزكاة، وبالتالي البيئة الاستثمارية المستقرة؛ إذ يشعر المستثمرون بالأمان وقلة المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها استثماراتهم، فالإنفاق على الفقراء والمساكين يعمل على تألف المجتمع والفقراء».
وتعد الزكاة فريضة دائمة تتصف أحكامها بالثبات النسبي وخصوصا في المنصوص عليه بالقرآن والسنة، فمعدلاتها لا تخضع لا للزيادة ولا للنقصان، كما أنها لا تهتم بعائد العملية الإنتاجية فقط وإنما تتعداه في كثير من الأحيان إلى رأس المال في حد ذاته حتى لا تطغى ولا يتجاوز حدوده. وقد خصص الله سبحانه وتعالى خمسة مصارف لتحقيق ذلك الغرض، من بين المصارف الثمانية تؤخذ الزكاة تحت مسمى الحاجة والفقر، ولا يمكن بحال من الأحوال وتحت أي ظرف من الظروف أن تبذل حصيلتها إلى غيرهم، إلا في حدود ما تبقى من الأصناف الثمانية.
حساب زكاة الاستثمار
تحسب زكاة الاستثمارات مثلها مثل زكاة عروض التجارة ، ويقصد بالعروض التجارية هي كل ما يعد للبيع والشراء لأجل الربح وهي واجبة بدليل قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم) ودليله من السنة عن سمرة بن جندب قال: (كان رسول (ص) يأمرنا ان نخرج الصدقة مما نعد للبيع يحدد وعاء الزكاة لعروض التجارة عن طريق (الإقرار) أو الموازنة المقدمة ويتم الفحص والتقدير بناء على ما جاء من بيانات ومعلومات المركز ويحتسب كالآتي: الأصول الثابتة ناقصا الخصوم المتداولة. إذا ملك التاجر من البضائع والنقدية بالخزنة والديون المرجوة مخصوم منه الديون التي عليه وبلغ الصافي ما قدره 85 غراما من الذهب (النصاب الشرعي) وحال عليه الحول يقومه بالسعر الحالي في السوق ويخرج ربع العشر.
ويجمع الفقهاء وخطباء المساجد أن زكاة الاستثمارات تثمن بالقيمة وتخرج عنها الزكاة إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول فتخرج عنه بالمقدار المحدد وهو ربع العشر، مؤكدين أن زكاة الاستثمار هي زكاة التجارة لأن كل عمل يقصد منه تحقيق الربح فهو تجارة وزكاته التجارة.
ويقول مدير الإرشاد بأمانة العاصمة اليمنية وخطيب وإمام جامع غزوة بدر الكبرى بالأمانة جبري إبراهيم حسن إن الاستثمارات المخزونة أو المودعة أو أموال تستثمر كالأسهم هو مال فإذا بلغ النصاب وحال عليه الحول فيه زكاة وفيه ربع العشر وتحسب بقيمتها المالية، أما أن تكون هي عروض تجارية للبيع والشراء فهذه تقوم بما قيمتها وتؤدي فيها ربع العشر إذا حال عليها الحول.
فيما يوضح رئيس محكمة الصومعة بمحافظة البيضاء القاضي شرف محمد المنصور زكاة الاستثمارات هي زكاة التجارة؛ لأن كل عمل يقصد منه تحقيق الربح فهو تجارة وزكاته زكاة التجارة، مقدار 2,5 في المئة؛ أي ربع العشر.
العدد 2205 - الخميس 18 سبتمبر 2008م الموافق 17 رمضان 1429هـ