المتفوق هو الذي يحقق قدرا عاليا من الفهم والإدراك للمادة العلمية وتطبيقاتها، ويكون على استعداد دائم للابتكار والتعرف على ما حوله، والمتفوق يحتاج إلى الرعاية الدائمة والتشجيع والتنوير والنصح الذي يساعده على صقل موهبته وتطويرها. ويتم تشجيع المتفوقين وتقديم المكافأة لجهودهم عبر الكثير من الطرائق التي من بينها منحهم أفضل البعثات التي تتناسب مع ميولهم واحتياجاتهم.
وخلال فترة توزيع البعثات يساور الكثير من المتفوقين وأولياء أمورهم الشك بخصوص آلية توزيع البعثات، وتطرح الكثير من التساؤلات عن مدى الشفافية في توزيع البعثات، وماهية المعايير المستخدمة في توزيعها؟
وقد ذكرت وزارة التربية والتعليم أن خطة بعثات هذا العام جاءت متنوعة، وكذلك الحال بالنسبة للجامعات، وذلك بغية تحقيق الهدف الأساسي الذي تسعى له وزارة التربية والتعليم لتأهيل الكوادر البشرية التي ستتخرج من أرقى الجامعات وبأفضل التخصصات لسد احتياجات سوق العمل في المملكة للسنوات المقبلة.
وأفادت الوزارة بأن النسبة المئوية العالية هي المعيار الأساسي لتوزيع البعثات على الطلبة، بما يتناسب مع المسار الذي التحق به الطالب بحيث لا يقل المعدل التراكمي عن 90 في المئة، كما أكدت الوزارة أنها تحاول قدر الإمكان تحقيق رغبات الطلبة وميولهم بشرط ألا يؤثر ذلك على خطة البعثات التي تعد بدقة للاستجابة لاحتياجات سوق العمل.
البعثات الخارجية وسوق العمل
إلى ذلك، أكد عبدالله الصفار (مشرف أكاديمي) أن مبدأ تكافؤ الفرص لم يتحقق هذا العام لأن هناك طلبة حققوا معدل 95 في المئة ولم يحصلوا على رغباتهم، وشدد على ضرورة زيادة عدد البعثات وخصوصا البعثات الخارجية مع دراسة احتياجات سوق العمل جيدا لكيلا يصطدم الطلبة بواقع العمل بعد التخرج, وأقر الصفار بأهمية ابتعاث الطلبة البحرينيين لدراسة تخصصات تحتاجها سوق العمل وبالتالي توظيفهم بعد التخرج من دون الحاجة إلى موظفين من الخارج.
غياب الشفافية في توزيع البعثات
وترى الطالبة فاطمة إبراهيم (حاصلة على بعثة لدراسة هندسة حاسوب) انعدام الشفافية في توزيع البعثات، إذ إن الكثير ممن يستحقها بجدارة لا يعي في نهاية المطاف إلا على صفعة الزمن وخيبة الآمال، كما تتساءل عن سبب اشتراط وزارة التربية والتعليم نسبا معينة للحصول على بعض البعثات، لافتة إلى أن المعدل التراكمي لا يعبر دائما عن قدرات الطالب، وشددت على ضرورة زيادة فرص الحصول على بعثات معينة دون خلق الاشتراطات الحادة على الطالب، كمعدلات معينة مثلا لبعثات الطب أو غيرها، والتي لا يصل إليها إلا النادر القليل من الطلبة.
وفي المقابل تؤكد نجود العجلان (هندسة معمارية) أن الوزارة منصفة في توزيع البعثات لأنها تعتمد معيار الكفاءة في التوزيع. وناشدت العجلان وزارة التربية والتعليم بزيادة عدد البعثات والتخصصات للبحرين وخارجها، بالإضافة إلى تطوير خطة توزيع البعثات.
معدل أعلى لبعثة أفضل
إلى ذلك، أفاد حسين الخباز (هندسة كيميائية) بأن «وزارة التربية والتعليم تتبع منهجا يقوم على منح البعثة للطالب الأكفأ والأفضل في التحصيل العلمي، ويكون ذلك وفق معايير وأسس أهمها التخصص الأكاديمي والمعدل التراكمي»، وتمنى الخباز أن تشرك الجامعات البريطانية في خطة البعثات للعام المقبل، ويوافقه سيدمحمد فيصل الرأي على أن من يستحق هذه البعثات هو الحاصل على معدل أعلى من غيره فتجب أن تكون المفاضلة بين الطلاب على أساس المعدل، ولزينب مرهون (بعثة تصميم داخلي) وجهة نظر أخرى فهي ترى أن من يستحق البعثة هو الطالب الطموح المحب للدراسة الذي يحمل بداخله مسئولية خدمة الوطن بغض النظر عن معدله التراكمي ثم تأتي الأحقية للمتفوقين أكاديميا.
وعود وزارة «التربية» إلى أين؟
ومن جانب آخر، أشارت زهراء عبدعلي (بعثة أبناء المعلمين) إلى أن غالبية البعثات لا تتناسب وميول الطالب إذ إن محدودية التخصصات وازدحام الطلبة عليها يحرم الكثير من تحقيق رغباته، كما يلجأ الكثيرون لدراسة تخصصات أخرى على حسابهم الخاص، وتضيف أنه توجد تخصصات تصرح الوزارة بأنها مطلوبة في سوق العمل وتخصص لها بعثات كثيرة وبعد التخرج لا نرى مثل هذه الوعود على أرض الواقع.
ومن المنطلق نفسه يوضح فيصل أن رغبات بعض الطلاب لا تتناسب مع البعثات، وأفضل مثال على ذلك غياب تخصص هندسة الاتصالات من رغبات المسار العلمي ما بدد طموح الكثير ممن لديهم الرغبة في دراسة هذا التخصص.
عقبات في طريق المبتعثين
وتعد مشكلة الازدحام في مراكز تسجيل البعثات وكذلك بُعد مراكز إنهاء الإجراءات عن بعضها بعضا مثل البصمات وغيرها من أم المشكلات التي عانتها مرهون أثناء تسجيلها للبعثة، بينما يرى الخباز أن ضيق الوقت لاختيار البعثات لم يتح له الفرصة الكافية للاختيار الصحيح، كما أن عدم توافر كل التخصصات المطلوبة، والتعب النفسي الذي يعانيه الطلاب خوفا من عدم حصولهم على رغبتهم كانت من بين أبرز العقبات التي عرقلت مسيرة هؤلاء الطلاب.
وطالب المتفوقون وزارة التربية والتعليم بتوفير مراكز متعددة للتسجيل قريبة لوحداتهم السكنية بالإضافة إلى اعتماد مبدأ تكافؤ الفرص أثناء توزيع البعثات، لضمان توفير الظروف الملائمة للمتفوقين للانطلاق في مسيرة تفوقهم، وعلى الوزارة توزيع مقاعد البعثات والمنح الدراسية على أسس علمية وموضوعية تراعي الاحتياجات المستقبلية للقطاعات المختلفة في البحرين، فضلا عن الزيادة في الموازنة المخصصة للبعثات في الأعوام المقبلة وزيادة عدد البعثات في بعض التخصصات النادرة للدول الأجنبية بهدف تشجيع المتفوقين والمتفوقات على تحسين مستوياتهم التعليمية مستقبلا، بالإضافة إلى تطبيق نظام المفاضلة حسب أعلى المعدلات يحقق المساواة بين جميع الطلبة المتفوقين.
العدد 2135 - الخميس 10 يوليو 2008م الموافق 06 رجب 1429هـ