أوصى خطيب جامع سار الكبير الشيخ جمعة توفيق في خطبة الجمعة أمس، المؤمنين بتقوى الله في أمر الطلاق، وقال إن «الطلاق شريعة محكمة وليس أهواء متحكمة ولا انفعالات طائشة ولا كلمات فارغة».
وأضاف أن «مناقشة قضية ليست بجديدة، تكلمنا عنها في خطب سابقة ولكنها مازالت مستمرة، إنها قضية التهاون في الطلاق، وإن مما وقع فيه كثير من الناس التهاون بأمر الطلاق؛ هو جهل بأحكامه، تلاعب به، غفلة عن عواقبه، إيقاع له في غير محله، استخفاف وتهور وطيش».
وبين أن «التهاون في الطلاق ليس وليد العصر بل كان منذ عهد النبي (ص)، والتلاعب بالطلاق والتهاون بأمره تلاعب بكتاب الله يوجب سخطه وعقوبته، ففي الحديث أن النبي (ص) أُخبر بأن رجلا طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعا - وهو حال كثير من الناس ولا أراه جاء إلا من المسلسلات والأفلام العربية التافهة التي علمت الناس وألصقت في عقولهم أن الطلاق لا يكون إلا بهذه الطريقة وما يدرينا أن هذا المشهد مقصود ومدبر للأمة حتى يفككوا الأسر المسلمة ويهدموا المجتمع المسلم، بل لا يكون الطلاق في المسلسلات إلا بهذه الطريقة، فهل سألنا أنفسنا لماذا؟ - فقام (ص) وهو غضبان ثم قال: (أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم) فقام رجل فقال: يا رسول الله ألا أقتله؟ رواه النسائي. فاتقوا الله أيها الأزواج واعرفوا لهذا الأمر حقه فإن الله جل وعلا قد فرض فيه فرائض فلا تضيعوها وحد حدودا فلا تعتدوها».
وأشار إلى أن هذا حدث في عهد النبي (ص)، وأما في العهود التي بعده فكان بعضهم يبدع في طلاقه، (...) وهذه الصور كثيرا ما تتكرر واليوم كثر الطلاق المعلق وهو أن يعلق الطلاق على أمر ما مثل: أنت طالق إن خرجت من البيت، أو إن فعلت كذا فأنت طالق وهكذا، بل أحدهم طلق امرأته لأنها تشتري من محل هو أغلى من المحل الآخر بربع دينار.
وأوضح أن المطلقين «بعد أن يفعلوا هذا تراهم يجولون بين القضاة والعلماء وشيوخ الدين لعلهم يجدون فتوى ترجع ما تصدع من بيوتهم، وغفلوا عن أمر مهم وهو أن الطلاق لا تصلح معه فتاوى المفتين وإنما هو أمر يتعلق بالقضاء والمحاكم، وهي التي لها الحق في إثبات أو نفي الطلاق، بعضهم يقول: أرجعونا من أجل الأولاد»، متسائلا «وأين حبك للأولاد حين الطلاق؟».
وأسف توفيق «أن كثيرا من سفهاء الأحلام تهاون في أمر الطلاق فترى الواحد من هؤلاء يجري الطلاقُ على لسانه عند أدنى استفزاز ولأوهى سبب لا يراعي في ذلك لله أمرا ولا نهيا ولا يقيم فيه لشرع الله وزنا. ومن هؤلاء الرجال من يطلق الطلقات الكثيرة في مناسبات عديدة من دون أن يلتزم بمقتضى هذه الكلمات فتجده يعاشر المرأة ويبقيها معه مع أنه طلقها مرارا وتكرارا وهي لا تحل له». واعتبر ذلك «زنى وسفاحا».
وعدَّد من صور التهاون في أمر الطلاق «ما يفعله بعض الجهلة وضعفاء العقول من الحلف بالطلاق، فما أكثر ما تسمع من أحدهم قوله: علي الطلاق عند تأكيده لأمر أو نفيه له أو حث عليه أو منع منه وبعضهم يقول: علي الطلاق بالثلاث، ما هذا الحمق؟ هل من الكرم للضيف طلاق امرأتك؟».
وأكد توفيق «مما لاشك فيه أن من جعل الطلاق يمينه على طرف لسانه يردده عند كل تأكيد أنه مستهين بهذا العقد متلاعب به وأنه على خطر كبير».
وقال إن من صور الاستهانة بالطلاق تهديد المرأة به عند كل عارض فتجد الواحد من هؤلاء المستهترين يهدد زوجته بالطلاق بكرة وعشيا، ولاشك أن هذا ليس من العشرة بالمعروف وهو ضرب من التهاون والتلاعب فإما إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.
وأضاف أن الله تعالى قد شرع الطلاق لحكمة بليغة، فإن هذه الكلمة بقدر ما تكون مؤلمة موجعة قاسية إذا كانت في غير محلها، تكون عذبة مفرحة مفرجة إذا كانت في محلها على الوجه الذي شرعه الله تعالى.
وقال «إذا أراد أحدكم الطلاق في الحال التي يجوز فيها الطلاق، فليطلق مرة واحدة لا أكثر، فإن ما زاد على الطلقة الواحدة طلاق بدعي محرم وإن من العجب أن بعض ضعفاء العقول يطلق ثلاث تطليقات جميعا ثم يتندم بعد ذلك فيشرق ويغرب بحثا عمن يفتيه بعدم الوقوع».
وأضاف أن «الغضب سبب كبير للطلاق وهو حجة الكثير من الرجال، فيقول: طلقت وأنا غضبان، وقد أمر النبي (ص) الغضبان بأن يتوضأ وإن كان واقفا فليقعد أو قاعدا فليستلقِ، أو ليخرج من البيت حتى يفتر غضبه».
وأوضح أن «من أكبر الجرائم الكذب في قضايا الطلاق، ومنها أن يكذب في عدد مرات طلاقه، لأنه يعلم أن هذه الثالثة فتحرم عليه فيدعي اثنتان، أو يقول قصدي المنع لا الطلاق وهو كاذب والله تعالى يعلم السرائر وليس للقاضي إلا ما ذكر فيقضي بما سمع».
وأشار إلى أن «الطلاق مشروع ولكن إذا تعسرت الحياة واستحالت، ولكنه ليس وصفة يومية تستخدم مع الزوجة ومع كل حالة من حالات الخلاف الأسري».
العدد 2136 - الجمعة 11 يوليو 2008م الموافق 07 رجب 1429هـ