وسع رئيس لجنة المرافق العامة والبيئة بالمجلس النيابي جواد فيروز من دائرة «أزمة الدفان الجائر» التي تعيشها البلاد عندما أشار في ندوة استضافها مجلس أحمد جناحي بعراد مساء أمس الأول الأربعاء إلى احتمال يحوّل جزء من المياه الإقليمية إلى «أملاك خاصة»، مشيرا إلى أن هناك عمليات دفان ستتم في المستقبل وهي غير محددة في المخطط الاستراتيجي الهيكلي أصلا.
وفي الندوة التي حضرها عدد كبير من أهالي جزيرة المحرق، قدم الناشط البيئي غازي المرباطي تمهيدا للموضوع حيث أشار إلى أن المخطط الهيكلي الإستراتيجي الذي يحدد ملامح التخطيط في البلاد على مدى الثلاثين عاما المقبلة أثار الكثير من اللغط وخصوصا أن هذا المخطط هو الذي سيحدد مستقبل البلاد من الجوانب التنموية والبيئية والإسكانية.
وتطرق في تقديمه إلى الخطاب الذي رفعه رئيس لجنة المرافق العامة والبيئة إلى رئيس المجلس النيابي خليفة الظهراني لمطالبة القيادة السياسية بعرض هذا المخطط الذي يمثل مستقبل البحرين أمام المجلس النيابي والمجالس البلدية المنتخبة، لكن لم يحدث أي تفاعل من قبل الجهات المعنية ولم تتم الاستجابة للخطاب الذي كان الهدف من ورائه وضع العديد من النقاط وعلامات الاستفهام غير الواضحة للتباحث وخصوصا أن المخطط شمل بعض التصنيفات من سواحل وأراض لم تدرج ضمن المخطط، بالإضافة إلى بعض المناطق الصناعية والمشاريع الإسكانية وبعض المشاريع الخاصة التي لم تدرج أيضا في المخطط، معبرا عن أسفه لعدم تفاعل رئيس المجلس النيابي لطرح المخطط أمام النواب للمناقشة في هذه الجوانب.
وأشار المرباطي إلى أن هذا المخطط بدأ بمشكلة في تصنيف بعض المخططات الصناعية، ولم ينجح في أول امتحان له المتمثل في مشروع مصنع الإسمنت بالحد، كما لم يستطع المخطط أن يعالج موضوع إيجاد مساحات صناعية جديدة بعيدة عن المناطق السكنية، ولايزال هذا المخطط يكرس مبدأ أن تبقى المناطق السكنية بالقرب من المناطق الصناعية والعكس، ناهيك عن التأثيرات البيئية الأخرى.
بعد ذلك عرض رئيس لجنة المرافق العامة والبيئة في مجلس النواب جواد فيروز «قراءة نيابية في المخطط الهيكلي الاستراتيجي» باستخدام العديد من الصور والمخططات ضمن ملخص تنفيذي جزئي، ولكنه بدأ بالإشارة إلى أن التغيير العملي من خلال المخطط الهيكلي سيظهر من خلال الجسر القادم بين مملكة البحرين والشقيقة دولة قطر، وأهم المناطق التي ستتأثر من التوسعة والدفان والتغيير الجغرافي هي جزيرة المحرق حيث ستكون مساحة الدفان ضعف المساحة الحالية في كثير من أجزاء الجزيرة وخصوصا الشمالية الغربية.
وشرح للحضور فكرة المخطط الاستراتيجي التي انبثقت العام 2005، وتحديدا في 24 فبراير/ شباط 2005 في ورشة عمل عقدت تحت رعاية سمو ولي العهد، بعدها وقعت المملكة اتفاقية مع شركة سكيديمور الأميركية لوضع هذا المخطط وتم إبرام اتفاقية في 16 مارس/ آذار 2005 وقامت الشركة بإعداد مخطط هيكلي بمبلغ 2.2 مليون دينار، وتطلب وضعه عقد 300 اجتماع ولقاءات مع 50 مختصا، ولكن دور المجالس البلدية كان هامشيا، كما لم يكن لمؤسسات المجتمع المدني أية بصمة أو مشاركة في هذا المخطط كما يحدث في حال وضع المخططات الاستراتيجية في الدول، إذ يتم اخذ آراء الأهالي ومؤسسات المجتمع المدني في الجوانب الرئيسية للمخطط حيث له علاقة بالجوانب التنموية في البلد.
وأشار إلى أن السيناريو الرئيس للمخطط يرسي إطارا تفصيليا للرؤية المستقبلية حتى العام 2030 لما ستكون عليه البحرين من ناحية الخطط الإعمارية، واستخدامات الأراضي والتخطيط الطبيعي - بما في ذلك خطط التنمية الاقتصادية في مجالات الصناعة والسياحة والقطاع المالي والمصرفي وقطاع الإسكان والصحة والتعليم والزراعة والتطورات - والاتجاهات المتوقعة في هذه القطاعات، ويهدف المخطط لوضع خطة متكاملة لاستخدام الأراضي وتحديد أولويات الترميم والردم وتطوير الشوارع والأحياء والبلديات.
وأضاف أن المخطط يساهم في توجيه وتنظيم النمو الحضري بما في ذلك المدن والمناطق الإسكانية الجديدة، وتحديد مواقع المشروعات الاستثمارية صناعية وسياحية ومرافق عامة، ولكنه أشار إلى أن نسبة السواحل تبلغ 3 في المئة كما أثبتتها الدراسة من خلال المسوحات الميدانية التي أجرتها شركة سكيدمور، كما يصوغ المخطط الرؤية عن مسار التخطيط العمراني والطبيعي في المملكة وتصنيفات المناطق والأراضي ومتطلبات خدمات البنية التحتية ويضع الاستراتيجيات البيئية بما في ذلك الحفاظ على البيئة.
وتطرق إلى مشروع تطوير المطار والمناطق الصناعية التي ستشمل مناطق واسعة من جزيرة المحرق والبقعة الأولى من الشمال، وموقع الجزر الصناعية وكذلك توسعة ميناء خليفة بن سلمان وهو الميناء الرئيسي المركزي، وتخصيص الساحل الشرقي للصناعات الخفيفة، وتخصيص الساحل الغربي للصناعات الثقيلة.
وفيما يتعلق بالسواحل العامة التي تبلغ نسبتها 3 في المئة، فالدراسة أرادت رفعها إلى 30 في المئة ضمن تقسيمات المياه الإقليمية ومواقع الدفان فالمياه الإقليمية موزعة إلى خمسة أقسام. وأضاف «لا أبالغ إذا قلت إنه سيتم الاستيلاء على جزء من المياه الإقليمية وستتحول إلى أملاك خاصة بعد دفنها لاسيما وأن الدراسة لم تحدد بعض المناطق للدفان، وسيكون هناك دفان خارج حدود المخطط».
واستخدم فيروز خلال الاستعراض صورا جوية وأخرى تخيلية لما ستكون عليه البحرين بعد ثلاثين عاما، فيما تناولت معظم أسئلة النقاش والمداخلات التعبير عن مخاوف المواطنين من استمرار تقلص الأراضي والسواحل من ناحية، ودعوة الدولة لضمان حقوق المواطنين في المشروعات والمخططات.
العدد 2142 - الخميس 17 يوليو 2008م الموافق 13 رجب 1429هـ