العدد 2147 - الثلثاء 22 يوليو 2008م الموافق 18 رجب 1429هـ

الغرب يرحب باعتقال كرادجيتش

رحب الاتحاد الأوروبي أمس (الثلثاء) باعتقال زعيم صرب البوسنة السابق رادوفان كرادجيتش، معتبرا أنه يشكل «مرحلة مهمة» على طريق انضمام صربيا إليه، في وقت رأت فيه واشنطن «تحية» إلى ضحايا الفظائع التي ارتكبت خلال حرب البوسنة (1992-1995).

وكان إلقاء القبض على كرادجيتش - الذي تطارده محكمة الجزاء الدولية للنظر في جرائم حرب في يوغوسلافيا السابقة منذ 13 عاما - مرتقبا منذ فترة طويلة.


بعد 13 عاما من ملاحقته بتهم ارتكاب جرائم حرب في يوغوسلافيا السابقة

اعتقال كرادجيتش في صربيا وبدء التحقيق معه

بلغراد - بي بي سي

كشف مدعون في صربيا عن تفاصيل اعتقال زعيم الحرب الصربي السابق رادوفان كراجيتش.

وقالوا في مؤتمر صحافي في بلغراد إن كرادجيتش اعتقل الاثنين وهو على متن حافلة في العاصمة الصربية حيث كان يحمل أوراقا وبطاقة هوية مزيفة.

وأضافوا أنه كان مقنعا جدا في أوراقه حيث بدا كرجل غير صربي يكسب عيشه من العمل في مجال الطب البديل.

واتضح لاحقا أنه كان يعمل في عيادة خاصة، متخفيا بشكل يصعب كشفه حيث كان بشعر أبيض ولحية بيضاء طويلة، وكان يدعو نفسه دراغان بابيتش، حسب ما صرح مسئول صربي.

وقال المدعون إن اعتقال كرادجيتش يظهر التزام الحكومة الصربية باعتقال مجرمي الحرب.

وقد أحيل كرادجيتش على قاضي تحقيق محكمة جرائم الحرب في بلغراد، كما ينص على ذلك قانون الاتفاق مع المحكمة الدولية من أجل يوغوسلافيا سابقا، وذلك بعد إلقاء القبض عليه الليلة قبل الماضية.

وقال كبير المدعين في المحكمة الجنائية الدولية إن كرادجيتش سينقل إلى لاهاي في الوقت المناسب.

وكان كرادجيتش مطلوبا للمحكمة منذ العام 1995، مع مساعده راتكو ملاديتش الذي لايزال مختفيا.

وكانت الرئاسة الصربية قد أعلنت عن اعتقال كرادجيتش المطلوب بتهمة اقتراف جرائم حرب والتطهير العرقي أثناء الحرب الأهلية.

وجاء في بيان عن الرئيس الصربي بوريس تادتش أن «رجالا من قوات الأمن الصربية حددوا مكان كرادجيتش واعتقلوه».

ولم تعط السلطات الصربية أي تفاصيل إضافية عن اعتقال كرادجيتش، ولكن أحد المسئولين قال لوكالة «فرانس برس» للأنباء مشترطا عدم ذكر اسمه إن كرادجيتش بدا مكتئبا حين القبض عليه ولم يبد أي مقاومة لاعتقاله.

ووصف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الحدث بـ «اللحظة التاريخية لضحايا الجرائم» التي نفذت لدى تولي كرادجيتش ومسؤولياته.

وقد رحب الاتحاد الأوروبي على لسان كل من مسئول سياسته الخارجية خافيير سولانا ومفوضه للشئون الخارجية مانويل باروسو ومفوضه لتوسيع الاتحاد أولي رين باعتقال كرادجيتش كخطوة مهمة لصربيا على طريق الانضمام للاتحاد ولتحقيق المصالحة الدائمة غربي البلقان.

يذكر أن اعتقال كرادجيتش وتسليمه لمحكمة لاهاي كان أحد الشروط المفروضة على صربيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

وهنأ البيت الأبيض في بيان حكومة صربيا وعبر عن شكره لكل من نفذ العملية التي أفضت إلى اعتقال كرادجيتش «بشجاعة ومهنية»، قائلا إنها تبرهن على عزم الحكومة الصربية الالتزام بالتعاون مع المحكمة الدولية».

كما قال ريتشارد هولبروك الدبلوماسي الأميركي الذي توسط في اتفاق دايتون للسلام في البوسنة العام 1995 «انه يوم تاريخي. لقد اعتقل واحد من أسوأ الأشخاص في العالم»، ملقبا كرادجيتش بـ»أسامة بن لادن الأوروبي».

وأشادت بريطانيا على لسان وزير خارجيتها ديفد ميليباند باعتقال كرادجيتش، حيث قال إنها أخبار سارة جاءت بعدما أفلت من قبضة العدالة لأكثر من عقد من الزمن.

وأضاف مليباند أن هذا الاعتقال «سيساعد على طي صفحة النزاع في المنطقة والذي دام لعقود، وتمهيد الطريق أمام مستقبل أوروبي زاهر لكل من صربيا والمنطقة».

ورحب حلف شمال الأطلسي هو الآخر باعتقال كرادجيتش، حيث قال متحدث باسمه إنه بالفعل خبر سار، وهو ما كان المجتمع الدولي يأمل به.» أما زعيم الحزب الصربي الراديكالي الكسندر فوتشتش، فقال إن كرادجيتش «بطل صربي، وان ردة الفعل ستكون قوية».

من ناحيتها قالت زوجة كرادجيتش ليليانا: «ما كاد الهاتف يرن حتى عرفت أن ثمة شيئا ما. أنا مصدومة وفي حيرة من أمري. على الأقل أعرف الآن أنه على قيد الحياة».

وكرادجيتش، الذي كان يتزعم صرب البوسنة أثناء الحرب التي دارت رحاها بين سنتي 1992 و1995، مطلوب من قبل المحكمة بتهمة اقتراف جرائم حرب والإبادة الجماعية.

ونفى الزعيم الصربي السابق التهم الموجهة إليه العام 1995، ورفض الاعتراف بشرعية المحكمة الدولية.

ولكن مواطني البوسنة من المسلمين والكروات عبروا عن ابتهاجهم لاعتقال كرادجيتش، وقالت كادا هوتيتش التي فقدت ابنها وزوجها في عمليات القتل التي مارستها القوات الصربية: «لقد تحققت العدالة أخيرا. ما حدث هذه الليلة يثبت أن مجرمي الحرب لا يستطيعون الفرار إلى الأبد».

يذكر أن كرادجيتش والقائد العسكري لصرب البوسنة إبان فترة الحرب راتكو ملاديتش قد تمكنا من الإفلات من قبضة العدالة زهاء 13 عاما. ودأب جنود حلف شمال الأطلسي وقوة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأوروبي على مداهمة منازل الأسرة الواقعة في بلدة باليه قرب العاصمة سراييفو، إلا أنهم لم يوفقوا في إلقاء القبض على رادوفان كرادجيتش المختفي منذ 1996.

وتتهم لاهاي القوات التابعة لرادوفان كرادجيتش بقتل 7500 مسلم على الأقل في بلدة سربرنيتسا في شهر يوليو/ تموز من العام 1995، وذلك في نطاق حملة تهدف إلى «ترهيب وتخويف الأقليتين المسلمة والكرواتية في البوسنة».

كما توجه إلى رادوفان تهم أخرى تتعلق بالحرب منها قصف سراييفو بالمدفعية.


اعتقال كرادجيتش قد يسرع التقارب بين البوسنة والاتحاد الأوروبي

بروكسل - اميليه بوتولييه-دوبوا

يشكل اعتقال الزعيم السياسي السابق لصرب البوسنة رادوفان كرادجيتش مساء الاثنين خطوة قد تسرع تقدم صربيا على طريق الاتحاد الأوروبي إذ تسمح في مرحلة أولى بالشروع في تطبيق اتفاق تقارب أساسي كان لايزال حتى الآن مجمدا.

وأعلنت الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي في بيان أن «هذا التطور يثبت التزام الحكومة الجديدة في بلغراد المساهمة في السلام والاستقرار في منطقة البلقان. ويشكل مرحلة مهمة على طريق تقارب صربيا مع الاتحاد الأوروبي».

وهو رأي عبرت عنه أيضا المفوضية الأوروبية والممثل الأعلى لسياسة الاتحاد الأوروبي الخارجية خافيير سولانا.

واعتبر رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو أن هذا «يثبت تصميم الحكومة الصربية الجديدة على التوصل إلى تعاون كامل مع محكمة الجزاء الدولية. إنه أيضا أمر بالغ الأهمية لطموحات صربيا الأوروبية».

وقالت كريستينا غالاش المتحدثة باسم سولانا إن «هذا يدعو إلى ارتياح كبير. إن الحكومة الجديدة في بلغراد تمثل صربيا جديدة تدعو إلى علاقات من نوع جديد مع الاتحاد الأوروبي».

وأشارت إلى أن اعتقال كرادجيتش المتهم بالضلوع في مجزرة سريبرينيتسا التي راح ضحيتها ثمانية آلاف شخص، وقع بعد أقل من أسبوعين على تشكيل الحكومة الصربية الجديدة المقربة من أوروبا، معتبرة أنه يؤكد «تمسكها القوي بالقيم الأوروبية».

ووقعت صربيا في نهاية أبريل/ نيسان اتفاق استقرار وشراكة مع الاتحاد الأوروبي يشكل الخطوة الأولى للانضمام إلى الكتلة الأوروبية، غير أنه بقي حتى الآن حبرا على ورق.

ولن يدخل هذا النص حيز التطبيق إلا إذا «تعاونت بلغراد في شكل كامل» مع محكمة الجزاء الدولية للنظر في جرائم الحرب في يوغوسلافيا السابقة.

ويتوقف الأمر بعد هذه الإشارة القوية من السلطات الصربية على ما إذا كانت هولندا التي تعارض تطبيق الاتفاق إلى جانب بلجيكا ولو بقدر أقل، ستعتبر اعتقال كرادجيتش مؤشرا كافيا لهذا «التعاون الكامل».

وأعلنت وزارة الخارجية الهولندية ليلا «من المؤكد أن اعتقال كرادجيتش هو خطوة جبارة إلى الإمام»، مضيفة «ينبغي النظر في الأسابيع المقبلة إلى النتائج التي سيخرج بها الاتحاد الأوروبي بالنسبة إلى علاقاته مع صربيا».

وكان الهولنديون الذين أربكهم عجز جنودهم الدوليين على التحرك خلال مجزرة سريبرينيتسا، يشددون حتى الآن خصوصا على وجوب اعتقال الزعيم العسكري السابق لصرب البوسنة راتكو ملاديتش المتهم أيضا بارتكاب جرائم إبادة لمشاركته في مجزرة سريبرينيتسا.

وقال دبلوماسي أوروبي الثلثاء «لا شك لدي بأن اعتقال كرادجيتش سيكون له تأثير فوري على اتفاق الشراكة. لا أشك إطلاقا بأن ذلك سيؤثر على الهولنديين».

ويعقد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اجتماعا كان مقررا منذ فترة طويلة قبل الظهر في بروكسل لإصدار إعلان يثني على الحكومة الصربية الجديدة وعلى التزاماتها حيال أوروبا، غير أنه من المتوقع بحسب الدبلوماسي أن يعدلوا كليا نص هذا الإعلان.

وفي حال دخل اتفاق الشراكة حيز التنفيذ ولم يعد التعاون مع قضاة لاهاي يشكل عائقا، فإن صربيا قد تتقدم بعدها بسرعة كبيرة على طريقها إلى الاتحاد الأوروبي.

ويردد المسئولون الأوروبيون باستمرار أن هذا البلد له القدرة ولاسيما على الصعيد الإداري على تطبيق الإصلاحات المطلوبة في إطار المرحلة المقبلة من التقارب مع أوروبا بشكل سريع لاكتساب صفة المرشح رسميا للانضمام في آخر محطة قبل بدء المفاوضات بهذا الصدد.

وأعلنت أجهزة الرئيس الصربي بوريس تاديتش مساء الاثنين أن أجهزة الأمن الصربية اعتقلت كرادجيتش وأكدت محكمة الجزاء الدولية الأمر لاحقا.

العدد 2147 - الثلثاء 22 يوليو 2008م الموافق 18 رجب 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً