قال مصرفيون إن أزمة الرهن العقاري التي بدأت في الولايات المتحدة الأميركية وأدت إلى خسائر باهظة لبعض المصارف لاتزال تهيمن على السوق المالية العالمية في وقت بيَّن فيه تقرير أن التمويل الإسلامي للسكن مستمر في النمو غير عابئ بآثار المشاكل المحيطة بمؤسسة الإقراض العقارية.
وأبلغ مصرفي غربي «مال وأعمال» في حديث مختصر عن الهزة المالية التي عصفت ببعض المصارف والمؤسسات المالية أن «الأزمة لم تحل إلى الآن، وأن آثارها الضخمة لم تظهر حتى الآن إلى العلن، ولا ينتظر أن تهدأ بين ليلة وضحاها».
وأضاف «أن جذور الأزمة تمتد إلى الكثير من المصارف والمؤسسات داخل وخارج الولايات المتحدة الأميركية، وأن الآثار السلبية ستستمر لبعض الوقت على رغم الحديث عن قرب احتواء الأزمة التي أدت إلى انهيار بعض المصارف».
وجاء التصريح في الوقت الذي ذكر تقرير أن نسبة الزيادة في التمويل الإسلامي للعقارات والمساكن في بعض الدول الأوروبية ومن ضمنها المملكة المتحدة «مقلق، وأن في دول الخليج العربية مثلا فإن المصارف الإسلامية لديها مخصصات (Exposures) كبيرة وغير عادية لقطاع العقارات، وإن المؤشرات توحي بأن الوضع سيستمر على الأقل في المدى المتوسط».
وقام زبائن مصارف في بريطانيا بسحب مدخرات تبلغ قيمتها ملياري دولار أميركي خلال يوم واحد من مصرف عريق بسبب ما اُعتُقد أن الأضرار التي تعاني منها الشركة ترجع إلى تداعيات أزمة الإقراض العقاري في الولايات المتحدة الأميركية.
وزاد الإقبال على العقارات في المنطقة قبل نحو 3 سنوات نتيجة الازدهار الاقتصادي الذي تعيشه دول الخليج العربية والناتج عن صعود أسعار النفط إلى مستويات قياسية بلغت نحو 140 دولارا للبرميل الواحد، الأمر الذي وفر سيولة كبيرة في هذه الدول الغنية بالنفط.
وقال التقرير «بسبب توافر السيولة البالغة 1,2 تريليون دولار في دول الخليج العربية ومعظمها في المملكة العربية السعودية، وبما أن 65 في المئة من سكان دول الخليج هم دون سن العشرين، فإن التوقعات تشير إلى انتعاش سوق الرهن العقاري في السنوات القليلة المقبلة.
وينتظر أن تزيد قيمة سوق الرهن العقاري الإسلامي في المملكة المتحدة على مليار جنيه بحلول العام 2010. أما في ماليزيا فيطغى تمويل السكن العقاري على سوق تمويل الممتلكات والأمر نفسه يحدث في مناطق أخرى مثل دول الاتحاد الأوروبي وجنوب أفريقيا وأميركا واستراليا».
وأفاد التقرير أن مستثمرين من الولايات المتحدة الأميركية ودول الشرق الأوسط هم أكثر المستثمرين الخاصين في سوق العقارات العالمية، وهي سوق رئيسية للموجودات العالمية، إذ قدرت قيمة عمليات العقارات العالمية بنحو600 مليار دولار في العام 2006، بارتفاع يبلغ 25 في المئة عن العام 2005.
وذكر التقرير «مع وجود الأزمة الائتمانية في قطاع المصارف التقليدية، فإن المصارف الغربية تسعى إلى اصطياد الفرص بزيادة عروضها لتمويل الصفقات العقارية الإسلامية».
وكان خبير اقتصادي ذكر أن مؤسسات مالية خليجية ومصارف وكذلك مستثمرين من المنطقة خسروا مئات الملايين من الدولارات في الأسواق الدولية العام الماضي معظمها ناتج عن أزمة الرهن العقاري وتراجع أسواق العقارات، لكن الأسواق الإقليمية ظلت مرنة في وجه التدهور المستقبلي للاقتصاد العالمي. وعلى رغم أن الخسائر تبدو ضئيلة، فإن الشكوك تحيط ببعض المؤسسات.
ويملك مستثمرون في دول الخليج العربية نحو تريليوني دولار من الموجودات المالية العالمية «ومن الطبيعي أنهم تضرروا بسبب تراجع الأسهم العالمية والعقارات. كما أن الشركات التي لديها وحدات في الخارج شهدت تدهورا في أرباحها التشغيلية، وأن البعض قد يلجأ إلى شطب قيمة الموجودات التي يملكها». المصرفي المخضرم طارق فضل الله بيَّن أن أزمة الائتمان العالمية سببت فروقا واسعة بالنسبة إلى المقرضين المحليين في أسواق رأس المال منذ الصيف الماضي، وأن الكثير من الإصدارات الجديدة تمت إعادة تسعيرها أو حتى إلغاؤها.
وكشف مصرفان على الأقل في البحرين عن خسائر جراء أزمة الائتمان في الولايات المتحدة الأميركية وأدت إلى تدخل بعض كبار المصارف المركزية لتهدئة الأسواق. لكن ذلك لم يمنع من انهيار بعض المصارف وخسائر فادحة للبعض الآخر، ولاتزال آثارها تعصف ببعض الأسواق. كما تأثرت كذلك صناديق استثمارية تعمل في البحرين والمنطقة.
وكان مسئول في بنك استثماري مقره البحرين بين أن مشكلة الرهن العقاري التي أدت إلى اضطراب كبير في السوق المالية العالمية هي خطيرة أكثر مما يتصورها الإنسان وأن نتائج ذلك ستنعكس في صورة نقص في السيولة في الأسواق الغربية.
وأضاف «أن النقص في السيولة قادم شيئا فشيئا. سيكون هناك نقص كبير في السيولة وصعوبة الوصول إلى الصناديق المالية، في وقت سيزداد فيه معدل التضخم إلى 10 في المئة فما فوق. سيكون نقص في المعروض من النقد في الفترة المقبلة. نقص السيولة سيحدث بالتأكيد ولكن السؤال ما هي المدة التي ستبقى فيها».
العدد 2149 - الخميس 24 يوليو 2008م الموافق 20 رجب 1429هـ