لم يفكر أحمد حامد مطولا عندما قرر فتح حساب له ولزوجته في بنك إسلامي، فقد توجه فورا إلى أحد البنوك العاملة في مدينته وتقدم بطلب لفتح حساب لهما، فهو «يبحث عن الحلال ويخشى الحرام» على حد تعبيره.
وعن السبب الذي دفعه إلى التعامل مع بنك إسلامي، أوضح حامد لـ «الأسواق.نت» أن الدافع الرئيس لذلك هو العامل الشرعي، «فالبنوك الإسلامية لا تتعامل بالفوائد الربوية، بالإضافة إلى عدم فرض فوائد مركبة في حال تعثرت عملية دفع الأقساط الشهرية كما هو الحال في البنوك التجارية».
ومع هذا، فقد أشار - في الوقت نفسه - إلى ضعف الكادر البشري والموظفين، فمن خلال تعامله مع بعض الموظفين لم يجد لديهم المعرفة الكافية بالفروق ما بين المرابحة والفائدة الربوية مثلا، مرجحا سبب ذلك بأن أغلبية الذين يعملون في البنوك الإسلامية كانوا في الأساس موظفين لدى البنوك التجارية.
ظاهرة تنتشر
وانتشرت في الآونة الأخيرة في الأراضي الفلسطينية ظاهرة «البنوك الإسلامية»، ما دفع العديد من البنوك التقليدية إلى فتح فروع للمعاملات الإسلامية.
وفي الوقت الذي يؤكد فيه الكثيرون شعورهم «براحة الضمير» بالتعامل مع هذه البنوك، وأنها تقدم خدمة لزبائنها تشابه بل وتتفوق في كثير من الأحيان على البنوك العادية، يشكك آخرون بوجود فروق بين النوعين، مشيرين إلى أن التوجه العام للمجتمع الفلسطيني حتم على بعض البنوك فتح أفرع لها تحمل اسم «إسلامية» شكلا لا مضمونا.
ويوجد في الأراضي الفلسطينية ثلاثة بنوك إسلامية، وهي «البنك الإسلامي العربي» الذي تأسس العام 1995، و»البنك الإسلامي الفلسطيني» وتأسس العام 1997، و»بنك الأقصى الإسلامي» تأسس العام 1998، برأس مال يصل إلى نحو (85) مليون دولار.
فروق جوهرية
وعن الفروق بين البنوك الإسلامية والتجارية، يقول رئيس قسم العلوم المالية والمصرفية في جامعة النجاح الوطنية مفيد ظاهر: «إن الفرق الأساس والجوهري يتمثل في أن البنوك التجارية تعتمد مبدأ الفائدة المصرفية كأساس في تعاملاتها المالية، على عكس البنوك الإسلامية التي تعتمد على «المرابحة» و»المضاربة» و»المشاركة» و»التأجير التمويلي» و»الإجارة المنتهية بالتمليك» وغيرها من المبادئ التي أجازها الشرع.
ويضيف ظاهر لـ «الأسواق نت» «البنوك الإسلامية، وفي حال تأخر المستفيد عن دفع الأقساط الشهرية، فإنه لا يمكنه أن يطلب من المستفيد فوائد أو مبلغا زائدا فوق الأقساط، على عكس البنوك التجارية التي تطلب فوائد على التأخير».
ومن هنا نجد أن معظم أنواع التمويل والاستثمار في البنوك الإسلامية الفلسطينية يقوم على أربعة أنواع من العقود، هي المرابحة والتي تمثل أكثر من 90 في المئة من عمليات التمويل والاستثمار فيها، وذلك لقصر مدة التمويل وحاجة البنوك إلى السيولة، إضافة إلى عقود «المشاركة» و»المضاربة» و»الإيجارة». كما أن هناك أنواعا من العقود مثل «المزارعة» و»الاستصناع» و»بيع السلم» و»بيع التوريد»، لكنها غير فعّالة في الوقت الراهن.
البنوك الإسلامية والاستثمار
ولما كانت البنوك الإسلامية حديثة النشأة فإنه يتوجب عليها أولا أن تثبت نفسها على الساحة المصرفية، وذلك قبل الدخول في استثمارات طويلة الأجل ذات مخاطرة عالية، وبذلك فهي تركز اهتماماتها في الوقت الحاضر على التمويل قصير الأجل، وهذا لا يكون إلا في عقود المرابحة، في حين أن عقود المضاربة والمشاركة قليلة جدا، إذ بلغت نسبة إلى مجموع العقود في البنوك الإسلامية الفلسطينية 7 في المئة فقط، وأما عقود المرابحة فكانت نسبتها 92 في المئة.
واحتل قطاع النقل المرتبة الأولى في التعامل مع البنوك الإسلامية، وذلك لأن معظم تسهيلات هذه البنوك تذهب لتمويل شراء السيارات عن طريق المرابحة، يليها قطاع التجارة في المرتبة الثانية، ثم الإنشاءات والمرافق العامة والخدمات المالية.
ولم تحصل القطاعات الإنتاجية كالصناعة والزراعة والسياحة إلا على حصة يسيرة ، وهذا يتنافى مع فلسفة البنوك الإسلامية التي تقوم على أساس التمويل للقطاعات الإنتاجية، والتي تحجم البنوك التجارية عن تقديم التسهيلات لها.
وعن المآخذ والسلبيات التي يمكن أن تؤخذ على البنوك الإسلامية في فلسطين، يشير ظاهر إلى مسألة ثبات نسبة المرابحة، وعدم تغيرها على غرار البنوك التجارية تحت مسمى «القسط المتناقص» مع ضرورة إيجاد مخرج شرعي. بالإضافة إلى أنها ما تزال «محلية» وليس لديها أفرع خارج فلسطين، بسبب عدم توجه المستثمرين إلى هذا النوع من مجالات الاستثمار.
كما لفت إلى «غياب التوجه الواضح لكيفية تعامل سلطة النقد الفلسطينية مع البنوك الإسلامية، كما أنها تعاني من عدم توفر الكادر البشري وضعف الخبرة لدى العاملين فيها، وخصوصا أن معظمهم يأتي من البنوك التجارية.
وأكثر ما يواجه هذه الأنواع من البنوك في فلسطين المراقبة الحثيثة المفروضة عليها من جهات عدة، فهناك تشديد دولي على مراقبة التحويلات المالية التي تفرضها بعض الدول تحت ذريعة ما يسمى «تجفيف المنابع المالية الداعمة للإرهاب».
العدد 2168 - الثلثاء 12 أغسطس 2008م الموافق 09 شعبان 1429هـ