يرى دبلوماسيون وخبراء أن ازدياد النفوذ الروسي، كما بات واضحا من خلال النزاع بين روسيا وجورجيا، من شأنه أن يعقد اعتماد قرارات بشأن المسائل الحساسة المدرجة على جدول أعمال مجلس الأمن الدولي مثل الملف الإيراني.
وبينما كان 15 عضوا في مجلس الأمن يجهدون السبت الماضي من اجل وضع مشروع قرار معدل يضفي صفة رسمية على وثيقة وقف إطلاق النار التي عرضتها فرنسا ووقعتها كل من موسكو وتبيليسي، أوضح دبلوماسي روسي أن أي نص نهائي لهذا المشروع يجب أن توافق عليه روسيا.
وقلل الدبلوماسي من أهمية بعض الأصوات في واشنطن وأوروبا التي تطالب بفرض عقوبات على «استخدام روسيا المبالغ به للقوة» ضد جورجيا، كما وصفه حلف شمال الأطلسي.
ونفذت روسيا حربا خاطفة استمرت خمسة أيام على جورجيا بعد هجوم شنته تبيليسي ضد جمهورية أوسيتيا الجنوبية الانفصالية لاستعادتها. وتتمسك موسكو حاليا ببقاء أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا خارج الأراضي الجورجية، وهي نقطة ستجعل بالتأكيد المحادثات المقبلة عن وضع هاتين المنطقتين أكثر صعوبة.
وأثار التبادل الكلامي المتشنج بين مندوبي الولايات المتحدة وروسيا في الأمم المتحدة الخشية من عودة الحرب الباردة. وقال دبلوماسي الجمعة «إنه لأمر جميل أن يقال نريد فرض عقوبات على الروس، لكننا في الواقع نحتاج إليهم» من اجل حل المسائل الكبرى في العالم.
وردا على سؤال عن تأثير النزاع الجورجي المحتمل على مفاوضات الدول الست (أعضاء مجلس الأمن الدولي الدائمين وألمانيا) المتوقعة الشهر المقبل من اجل فرض عقوبات جديدة على إيران، قال الدبلوماسي «العديد من الأشخاص الحكماء يأملون ألا يكون لهذا أي تأثير أو أن يكون تأثيره محدودا».
وقال الخبير في الشئون الجورجية ديفيد فيليبس من معهد الدراسات «اتلانتيك كاونسيل» في واشنطن «أعتقد أن الروس سيتصرفون بما يخدم مصلحتهم الوطنية التي تلتقي هذه المرة مع مصلحة الأميركيين».
كما يبدو موقف موسكو المتشدد بمثابة رد على الاهانة والتحدي اللذين تعرضت لهما مع إعلان استقلال كوسوفو واعتراف عدد كبير من الدول به. وحذرت روسيا التي تدعم صربيا الرافضة لاستقلال إقليمها السابق، مرارا من أن استقلال كوسوفو ستكون له انعكاسات على أراضٍ أخرى متنازع عليها.
كما تثير طموحات الجمهوريات السوفياتية السابقة في الانضمام إلى الحلف الأطلسي قلق موسكو. وقال المندوب الروسي إلى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين الخميس الماضي «لم نخفِ يوما موقفنا لجهة اعتبار توسيع الحلف الأطلسي خطأ، وهناك بالفعل مشكلات أمنية جديدة تطرح عند كل موجة توسيع».
وقال نائب رئيس هيئة الأركان في الجيش الروسي أناتولي نوغوفيتسين بعد التوصل إلى اتفاق بين وارسو وواشنطن بشأن نشر الدرع الأميركية المضادة للصواريخ في بولندا الخميس، فإن بولندا تجعل من نفسها هدفا للجيش الروسي بنسبة «100 في المئة» بقبولها نشر أجزاء من الدرع الصاروخية الأميركية على أراضيها.
ووصف ديفيد فيليبس كلام نوغوفيتسين بأنه «غير مؤول». بينما رأى الخبير في شئون الأمن الدولي في معهد «اتلانتيك كاونسيل»، جيم تاوسند، أن هذه العبارات «تدل على أن هناك عملا كثيرا ينتظر الإدارة الأميركية الجديدة لكي تجعل من روسيا شريكا ولكي تتخلى موسكو عن فكرتها القائلة إن الدرع تستهدفها».
وستركز واشنطن في بولندا بحلول 2012 عشرة صواريخ اعتراضية للصواريخ الباليستية الطويلة المدى. كما ستركز رادارات في جمهورية تشيكيا تسمح لواشنطن بحماية أراضيها من تهديدات دول مثل إيران.
العدد 2173 - الأحد 17 أغسطس 2008م الموافق 14 شعبان 1429هـ