رأى عضو جمعية حماية المستهلك خالد المناصر ان انضمام البحرين لاتفاقية التجارة الحرة كانت بداية للتضحية بالمستهلك في مقابل فتح الباب أمام التجار للتلاعب بالأسعار. واعتبر أن إلغاء
قانون حماية المستهلك في العام 1999 كان خطأ كبيرا في حق المواطن الذي بدأ يتأثر بتلك المعاملة غير المقننة من قبل التجار من خلال التلاعب بالأسعار ووضعها في الإطار الذي يكفل للتاجر الربح السريع والوفير على حساب المواطن وحاجاته.
ودعا المناصير غرفة تجارة وصناعة البحرين إلى إشراك المعنيين بحماية المستهلك وعدم اقتصار العضوية فيها على التجار وذلك بهدف إيصال صوت المستهلك وملاحظاته إلى المعنيين في المملكة، متهما ما أسماه بـ «الأيادي الداخلية» بالوقوف وراء «الارتفاع الجنوني في الأسعار».
وأقر المناصير أن هناك جملة من الصعوبات تواجه عمل الجمعية يأتي على رأسها إلغاء قانون حماية المستهلك في العام 1999 والذي كان له دور كبير في حماية المستهلك، وقد كان في السابق قانون من مهامه مراقبة الأسعار التي تضعها الحكومة وفق الأسعار التي تأتي من بلد المنشأ ولا يجوز للتجار مخالفتها كما هو الحال الآن. جاء ذلك ضمن برنامج مجلس خليفة الكعبي الأسبوعي بالبسيتين الذي استضاف المناصير مؤخرا في محاضرة بعنوان «المستهلك بين وعود الحماية وواقع الغلاء». ورفض المناصير ما ساقه البعض كون إلغاء قانون حماية المستهلك جاء تماشيا مع انضمام المملكة إلى اتفاقية التجارة الحرة، مؤكدا ان الاتفاقية لا تعنى فقط بإلغاء الاحتكار وإنما هناك ضوابط لابد وأن تكون متوازية مع ذلك الإلغاء «وللأسف الشديد لم يعمل به في البحرين حيث كان انضمامنا لتلك الاتفاقية بداية للتضحية بالمستهلك في مقابل فتح الباب أمام التجار للتلاعب بالأسعار».
وأشار المناصير إلى أن جمعية حماية المستهلك تأسست في عام 2002م ومن ضمن أدوارها نشر الثقافة الاستهلاكية والشرائية بين المستهلكين وأيضا رصد العوامل المؤثرة على الأسعار ومحاولة وضع الحلول الكفيلة بحماية المستهلك البحريني.
وشدد على أن جمعية حماية المستهلك تبذل كل ما في وسعها لحماية المستهلك بالاعتراض على الرفع المبالغ فيه للأسعار، غير أن تلك الاعتراضات تواجه باللامبالاة من قبل الجهات الرسمية التي لا تلتفت في العادة للأمور التي تعكر صفو العلاقة بينها وبين التاجر.
ولفت المناصير النظر إلى صعوبة العمل في لجان أو جمعيات تعنى بحماية المستهلك طالما أن «الأمور حاليا تسير بهذا الاتجاه وبرهن على ذلك فشل الكثير من الجمعيات أو اللجان التي تحركت في ذلك الاتجاه ولكنها اختفت فجأة من الساحة بعد أن اتضح لها صعوبة العمل في هذا المجال أو ربما استحالته»، مؤكدا أنه لا يوجد حاليا حماية للمستهلك وإنما استغلال لحاجاته والذي يتضح جليا في ارتفاع أسعار السلع البديلة التي لم يتوان أصحابها من استغلال حاجة المواطن لها حتى وإن كانت ستوفر له الحد الأدنى من الإشباع.
ورأى أن الحل يكمن في تفعيل جمعية حماية المستهلك التي يمكن أن تستمد قوتها من خلال قانون متعارف عليه وترعاه الدولة يكون على غرار القانون الذي ألغي في العام 1999، اذ طالب المناصير أعضاء البرلمان بالعمل على طرح فكرة إعادة ذلك القانون للعمل لضمان حد معقول من الغلاء يستطيع المواطن التعايش معه خصوصا وأن الارتفاع الجنوني في الأسعار ليس مرده بلد المنشأ فقط كما يقال وإنما هناك أيادي داخلية تسهم في رفع الأسعار واستغلال حاجات المواطنين، وفق تعبيره.
كما اقترح السماح بتنوع البضائع وإدخالها من الدول الغير معتادة بهدف تقليل الاعتماد على بعض السلع القادمة من دولة بعينها وتوفير البدائل التي يمكن أن تحل ولو جزئيا معضلة الغلاء.
وعلى رغم تحميل المناصير جزءا كبيرا من مسئولية الغلاء لتلاعب التجار بالأسعار إلا انه يرى أن بعض التجار وخصوصا الصغار والمتوسطين منهم يمكن أن يكونوا ضحايا لتلك الموجة العاتية التي تتحكم فيها جملة من العوامل من بينها عوامل خارجية قد لا يستطيع التاجر الوقوف في وجهها.
وأصاف «لم يعد بإمكان التجار استيراد السلع بنفس الكميات السابقة نتيجة تغير أسعارها في دول المنشأ وأيضا ارتفاع أسعار الشحن وكذلك تغير نمط العيش في بعض الدول أو وجود أزمات دولية تحتم على بعض الدول تخزين السلع مما يسهم في ارتفاع أسعارها وأيضا قلة المعروض منها فعلى سبيل المثال لا يستطيع التاجر الذي يستورد الأرز في البحرين أن يحصل على الكميات السابقة اذ يوجد تنافس كبير من أسواق دبي التي تستطيع أن تغري المنتجين من خلال السيولة الكبيرة المتوفرة هناك التي تأتي في وقت يرتفع الطلب على هذه السلعة نتيجة لارتفاع أعداد السكان سواء كانوا مواطنين أو وافدين.
ويرى المناصير أن الأزمة الحالية وبالرغم من ضلوع التجار فيها بقوة إلا أن المواطن أيضا له دور في الدفع بها للأمام من خلال عاداته الاستهلاكية الخاطئة التي تجعله عرضه لذلك الاستهداف المباشر.
العدد 2174 - الإثنين 18 أغسطس 2008م الموافق 15 شعبان 1429هـ