يبدو ان الزمن هو احد العناصر التي اصبحنا نحن العرب لا نحسب لها حسابا، ففي سنة 1948 وقع ما يقارب 78 في المئة من الاراضي الفلسطينية تحت قبضة الاحتلال الاسرائيلي، وتشتت الفلسطينيون ولجأ 60 في المئة منهم في داخل فلسطين او تفرقوا على الدول العربية المجاورة. وتم اقتلاع ما بين 83 في المئة و93 في المئة من سكان فلسطين المحتلة من اراضيهم. في العام 1967 توسعت «اسرائيل» اكبر ثلاثة اضعاف مساحتها، ولجأ الفلسطينيون انفسهم.

وكانت هزيمة 1967 الخاتمة التي اغتيلت فيها روح المقاومة عند العرب، فانصرفوا الى تلفيق التهم الى بعضهم بعضا بغرض ابعاد شبح اسباب الهزيمة عن انفسهم. والمحزن حقا هو ان هدفهم الوحيد كان في ابعاد الشبهة او التهمة عن انفسهم اكثر من معرفة الاسباب الحقيقية وراء الهزيمة ومحاولة علاج ذلك الخلل.

تتزامن هذه المشاعر مع الذكرى السنوية الثانية لاندلاع انتفاضة الاقصى وهو التاريخ نفسه الذي رحل فيه القائد الاسطورة جمال عبدالناصر. وكأنما يشاء القدر ان يخلد يوم رحيله بذكرى ولادة نهضة جديدة من قبل الامة. اليوم الذي خرجت الجماهير العربية من كل اقطار هذه الامة لوداع زعيمها وفارسها العربي الاصيل الذي وقف في ايام النكسة بكل شجاعة، محملا نفسه المسئولية كاملة ومقررا التنحي تماما، الا ان عزيمته التي التي زرعها في قلوب محبيه جعلتهم يقفون معه مساندين له ومطالبين بعودته على رغم الهزيمة الموجعة.

واذ اننا لا نرى سوى الصمت المريب الذي بات سمة تميزنا عن غيرنا من الشعوب، فقد وجدت انه ليس اقل من كلمة حق تقال في حق كل مناضل عربي شريف اثرى هذه الامة بانجازاته واحيا كلمة الحق.

واخيرا ما يمكننا رؤيته بوضوح هو ان «اسرائيل» نجحت في سياسة التشتيت التي تتبعها مع العرب، واشعال الخلافات العربية - العربية. واستدرجت العرب الى المنحدر الذي لا يسعهم فيه سوى الاكتفاء بردود الفعل لا الفعال. اما الوهم الكبير المسمى بعملية السلام حيلة تتيح الوقت للعدو لتثبيت اقدامه في المنطقة لتوسيع المستوطنات وتشريد الفلسطينيين اكثر واكثر. ولكن عندما يصل الحد الى حصار الرئيس عرفات في مقره والتهديد بنسفه ومن جهة اخرى التهديد بقلب النظام العراقي، فهذا اظن الاستهانة بالكرامة وصل حده الاعلى وبات لا بد على الانظمة العربية التي لا تريد التحرك من التفكير: على من هو الدور المقبل؟

البحرين - ليالي ابراهيم