شهدت البحرين ودول الخليج كسوفا جزئيا للشمس فيما شهدت دول النصف الشمالي من الكرة الأرضية كسوفا كليا، واختلفت معالم مشاهدته في الوقت الذي كان يشاهده بعض المواطنين بنظارته الخاصة في الشوارع وعلى سطوح منازلهم.
واجتمعت الجمعية الفلكية البحرينية مع مجموعة من المواطنين في مركز الإبداع الشبابي لمشاهدة هذا الحدث الذي صادف أمس وبدأ في الساعة الواحدة وثلاثة وأربعين دقيقة في الوقت الذي بلغ ذروته في الساعة الثانية وواحد وعشرين دقيقة، إذ غطى القمر الشمس بنسبة 15 في المئة.
وبهذه المناسبة ألقى نائب رئيس الجمعية الفلكية وهيب الناصر محاضرة عن كسوف الشمس وكيفية حدوثه بمركز الإبداع الشبابي، إذ قال: «إن الكسوف الذي يحدث حاليا في سماء البحرين يبشر بولادة هلال شعبان، وغرة شعبان اليوم إلا أن الخوف أن يذهب البعض إلى التأرجح بأن يكون شعبان غدا وذلك بتمسكهم بمبرر أنه لا يمكن رؤية الهلال في سبع دقائق ولابد أن تكون المدة أطول».
وأضاف أنه «في حال تم احتساب شهر شعبان غدا فإن الناظر إلى الهلال غدا سيرى أن عمر الهلال بلغ ثلاثة أيام لذلك فإنه بحسب الدقة الفلكية فإن غرة شعبان اليوم وغرة رمضان أول سبتمبر/ أيلول وعيد الفطر سيكون في الأول من شهر أكتوبر/ تشرين الأول».
وأكد الناصر أنه في حال الكسوف الذي حدث أمس فإن الشمس تعكس أشعتها على القمر لذلك فإن ظل القمر يتركز على نقطة معينة من الشمس ويمكن أن يرى بصورة واضحة وبشكل كلي كما رأته منغوليا وشمال الصين أمس على سبيل المثال، إذ كان الكسوف أمس في بعض المناطق بصورة كلية وبلغ ذروته، مبينا أن اكليل الحرارة الذي غطى قرص الشمس تفوق حرارته 6000 درجة مئوية.
وأوضح الناصر أن الكسوف الكلي يحدث عندما يكون مستوى القمر على الأرض مائلا فوق أو تحت الأرض بـ5 درجات، إلا أنه في بعض الأحيان يكون القمر والأرض على مستوى واحد لذلك فإن من لا يقع على الخط في بعض الأحيان يراه بصورة جزئية ويمكن أن تختلف الصورة في بعض المناطق.
وأشار الناصر إلى أن ظاهرة الكسوف والخسوف فريدة فالكسوف دائما ما يعقبه خسوف فضلا أن حالة الكسوف لا تكون كل شهر فإذا صار في يناير/ كانون الثاني فإنه يجب أن تمر عليه ستة أشهر حتى يحدث مرة أخرى لذلك فإن من المستحيل أن يحدث في كل شهر.
وأوضح الناصر أنه خلال هذا الشهر بالإمكان معرفة اتجاه الكعبة في عدد من الأيام وذلك عن طريق أشعة الشمس التي ستدل الناظر على اتجاه الكعبة من دون الحاجة إلى استخدام البوصلة.
وقال الناصر: «إن من الناحية التراثية حاليا فإن المواطنين سيبدأون طالع الذارع أو المزرن والذي هو معروف بشدة الحرارة، إذ إن دخول هذا الطالع ينذر بارتفاع درجة الحرارة إضافة إلى أنه يطلق عليه المزرن لأن هناك مثلا شعبيا يدعو إلى حزم الخصر وجمع الرطب».
خسوف القمر في 16 أغسطس
وذكر الناصر أن الخسوف الذي سيصادف 16 أغسطس/ آب الجاري سيدخل فيه القمر تحت الأرض بدرجة معينة وبعدها سينخسف وسيكون في البحرين بشكل جزئي.
ونوه الناصر إلى أن حدوث ظاهرة الخسوف ستمكن من معرفة ما إذا كانت الكرة الأرضية ملوثة من الناحية البيئية أو لا فإذا كانت الملوثات الموجودة في الغلاف الجوي عادية تمتص الأشعة أثناء الكسوف فإن لون القمر يصبح أحمر وليس قاتم السواد في الوقت الذي يكون في أسود قاتما في حال كانت الكرة الأرضية ملوثة بشكل كبير.
وقال الناصر: «إن الخسوف الجزئي على الكرة الأرضية يحدث عندما لا يدخل القمر كليا في ظل الأرض، إذ إن جزءا من القمر يكون موجودا في شبه الأرض، إلا أنه في بعض الحالات التي يكون فيها الكسوف الكلي يكون القمر قد دخل في ظل الأرض كليا وهناك أيضا ما يطلق عليه الخسوف الكاذب الذي يدخل فيه القمر بنسبة بسيطة جدا في ظل الأرض».
وبين أنه «في السابق وباعتباره شيئا تاريخيا في طقوس بعض الدول كانوا يعتقدون بأن إله الأرض وهو الحوت حاول أن يعتدي على مملكة السماء وإله السماء وهو النجوم قام بقضم جزء من القمر، إذ لم يكن لهم علم بأن هذه الظاهرة هي ظاهرة طبيعية».
أخطار رؤية الكسوف من دون نظارات
وحذر الناصر من مشاهدة ظواهر الكسوف من دون نظارات قائلا: «عند حدوث الكسوف يتسع بؤبؤ العين بشكل ملحوظ وفي الوقت الذي يكون فيه هذا البؤبؤ متسعا لربما تعاود أشعة الشمس بالانكشاف بصورة مفاجئة لذلك فإن تعرض العين إلى أشعة الشمس الحارقة يمكن أن يؤذي بعض ألياف الشبكة الأمر الذي قد يؤدي إلى العمى كما حدث في المملكة العربية السعودية في أحد الأعوام، إذ تسببت إحدى ظواهر الكسوف بعمى 250 حالة تم تسجيلها كحالات عمى (...)، ويجب أن يكون الناس أكثر حذرا عند مشاهدة الكسوف وذلك لتجنب العمى وخصوصا أن الأعراض التي تصاحب تلف الشبكة لا تكون سريعة الظهور فقد تستغرق أسبوعا أو أسبوعين».
اعتقادات خاطئة بشأن الكسوف
وأكد الناصر أن هناك مفهوما خاطئا بين الشعوب أن الخسوف والكسوف هو غضب من الله، مشيرا إلى أن العديد من الشعوب لا تسمح للمرأة الحامل برؤية الكسوف والخسوف فضلا عن أن باقي الشعوب لا يشاهدون هذه الحالة بسبب هذه الاعتقادات.
وأوضح الناصر أن من الضروري وقف هذه الاعتقادات فإن ما يحدث ما هو إلا مجرد ظاهر طبيعية.
ظواهر كسوف وخسوف
ستشهدها البحرين
وقال الناصر: «سيكون هناك كسوف كلي ستشهده البحرين في هيئة كسوف جزئي، إذ سيتغطى نحو 12 في المئة من قرص الشمس وسيكون بتاريخ 15 يناير 2010 وسيبلغ ذروته في الساعة التاسعة والواحدة وعشرين دقيقة صباحا كما ستشهد بعض الدول كسوفا جزئيا تشهده البحرين أيضا بتاريخ 4 يناير 2011 وسيغطي القمر 16 في المئة من قرص الشمس وسيبلغ ذروته في الساعة الحادية عشرة وثمانٍ وخمسين دقيقة».
وأضاف ، سيكون هناك كسوف كلي أيضا في 2 أغسطس في العام 2027، مشيرا إلى أنه سيكون كسوفا كليا ستشهده البحرين وقطر في 3 سبتمبر/ أيلول العام 2081 وستكون الشمس في برج الأسد وسيكون الكسوف لمدة دقيقتين فقط في منتصف النهار.
من جهته، أكد الباحث الفلكي علي الحجري أن شهر شعبان هذا العام سيكون مميزا جراء ما يحتويه من ظواهر فلكية نادرة تتمثل في حدوث ظاهرة كسوف جزئي للشمس تتبعها ظاهرة خسوف جزئي للقمر في شهر واحد، ما اعتبره الحجري فرصة مؤاتية لتوحيد الطوائف الإسلامية حول تحديد بداية شهر شعبان، إذ يمكن رؤية الهلال بعد يوم من الكسوف.
ومن المفارقات الجميلة للحسابات الفلكية أن شهر أغسطس سيشهد ولادة قمرين لشهرين هجريين هما شعبان ورمضان، وقد تكررت هذه المفارقة في العام 1995، وستتكرر في العام 2011 أيضا.
وتشير الحسابات الفلكية التي أجراها الحجري إلى عدم حدوث كسوف للشمس في شهر شعبان في بدايته ولا خسوف في منتصفه إلا قبل 260 عاما من الآن، أي في 25 يوليو/ تموز 1748، فيما لحقه خسوف للقمر بعد أسبوعين أي في 8 أغسطس 1748، لافتا إلى أن هذه الظاهرة ستتكرر في 3 أبريل/ نيسان 2182 أي بعد مرور 174 عاما، فيما سيحدث خسوف الشمس في 18 أبريل/ نيسان 2182 وهذا ما يمنح شهر شعبان خصوصية نادرة الحدوث.
رصد أهالي باربار ظاهرة كسوف الشمس الجزئي أمس بعد صلاة الجمعة في منطقة باربار إذ استعد شباب المنطقة بعمل نظارات شمسية محلية الصنع برعاية عضو مجلس إدارة الجمعية الفلكية البحرينية عبدالعزيز زينل، وعمل مرشحات للتصوير الفوتوغرافي وعمل إسقاط لقرص الشمس بواسطة التلسكوب.
الوسط - محرر الشئون المحلية
اكتظت بعض المساجد في مختلف مناطق البلاد بالمصلين الذين توافدوا لأداء صلاة الآيات حال وقوع الكسوف الجزئي الذي شهدته سماء البحرين وبعض دول مجلس التعاون ظهر أمس (الجمعة)، فيما كان عدد المصلين قليلا في مساجد أخرى، في الوقت الذي فضل البعض أداء الصلاة فرادى في منازلهم.
والكسوف الجزئي الذي بدأ في الساعة 1:43 ظهرا وبلغ ذروته في الساعة 2:29 ظهرا وانتهى في الساعة 3:01 عصرا يعتبر لدى المسلمين «آية» يوجب صلاة الآيات، أي حدثا من الأحداث المخوّفة عند غالب الناس كالريح السوداء أو الخسوف وكذلك حال وقع الزلزال، وهي واجبة عند حدوث كسوف الشمس ولو جزئيا وكذلك في حال خسوف القمر ولو جزئيا أيضا، وهي تتألف من ركعتين في كل ركعة خمس ركوعات، تبدأ بالنية ثم تكبيرة الإحرام، ثم يركع المصلي خمس مرات بعد أن يقرأ قبل كل ركوع سوة الفاتحة مع سورة من قصار السور، وبعد الركوعات الخمس يسجد، ثم يقوم للركعة الثانية ويفعل كما فعل في الأولى ثم يتشهد ويسلم، ويجوز له أن يقرأ قبل الركوع الأول الفاتحة مع آية واحدة من سورة أخرى ثم يقرأ قبل كل ركوع بعضا منها حتى ينهيها قبل الركوع الخامس وعندها لا يكون هناك قراءة لسورة الفاتحة إلا مرة في كل ركعة. وقد أمّ بعض العلماء الناس في الصلاة، فيما أمّ الناس بعض الموثوق بهم من غير الأئمة وخصوصا مع تَكرار الصلاة طوال فترة الكسوف حيث تكون صورة الصلاة من حين بدء الآية - أي الكسوف أو الخسوف أو ما يتخوف منه الناس - الى حين بدء الشروع في الانجلاء، وتتكرر صلاة الآيات بتكرر موجبها، ويستحب فيها الجماعة، وتنطبق على البلد الذي وقعت فيه الآية، ويتوجب أن يعلم بها في الوقت المتصل مباشرة بالآية وهنا يتوجب إتيانها، أو أن يعلم بها بعد الوقت المتصل بالآية فلا يجب عليه الإتيان وإن كان الأحوط استحباب ذلك.
وكانت صلاة الآيات فرصة مناسبة أمس لتوجيه الأسئلة للعلماء عن بعض أحكام الصلاة من قبل بعض المواطنين الذي أرادوا الاستزادة في معرفة الأحكام، وخصوصا في حالة الكسوف أو الخسوف، ففي الحالة الأولى يكون الكسوف جزئيا ولا شيء على من لم يأتِ بالصلاة، أو أن يكون كليا فعليه القضاء.
وتبع صلاة الآيات الدعاء بالأدعية المأثورة طلبا للخير وحسن العاقبة، والابتهال إلى الله سبحانه وتعالى لحفظ البلاد والعباد ممّا يتخوف منه، فيما انشغل بعض المواطنين في قراءة القرآن الكريم واستغلال هذه الآية لنيل الثواب
العدد 2157 - الجمعة 01 أغسطس 2008م الموافق 28 رجب 1429هـ