العدد 2157 - الجمعة 01 أغسطس 2008م الموافق 28 رجب 1429هـ

الجودر: العفو الملكي أفشل خطط المغررين بالشباب ودعاة الانتقام منهم

دعا لتعزيز مفهوم التعايش السلمي بين السنة والشيعة

الوسط - محرر الشئون المحلية 

01 أغسطس 2008

قال خطيب الجمعة في جامع طارق بن زياد في المحرق الشيخ صلاح الجودر أمس، إن العفو الملكي الأخير عن 225 من الشباب، أفشل خطط طرفين متقابلين: الأول، من غرر بهؤلاء الشباب على عمليات الحرق، والثاني من دعا إلى إيقاع أقصى العقوبات بهم.

وأضاف الجودر أن «هذا الوطن قد منَّ الله تعالى عليه بالخير الوفير منذ القدم، بالإسلام والإيمان والأمن والاستقرار، ويكفي أبناء هذا الوطن أنهم أسلموا من دون قتال، فقد أسلموا على خطاب من رسول الله (ص)، وكانوا أول من أرسل زكاة ماله للنبي، فعاش أبناء هذا الوطن باختلاف أديانهم ومذاهبهم وطوائفهم وأعرافهم في حب وتسامح وتألف كبير».

واستدرك «لكننا في هذه الأيام ابتلينا كما ابتليت شعوب العالم بأدواء العصر وسموم المرحلة، حين هبت علينا رياح التكفير والطائفية والإرهاب والعنف، فجاءت المخططات الخارجية والأفكار الدخيلة من قبل محرضين مأجورين، من بني جلدتنا ويتحدثون بألسنتنا، فقاموا بتحريض الشباب والناشئة على القيام بأعمال شنيعة، مست أمن الوطن والمواطن، فحرقوا ودمروا وخربوا واستحلوا بأعمالهم النفس الحرام، والمال الحرام، والأمن الحرام، وكان ضحايا ذلك التغرير والتحشيد والتعبئة شباب وفتية صغار لم يتجاوزوا العشرين من أعمارهم».

وقال إن «مستقبل أولئك الفتية كاد أن يدمر حينما تورطوا في أعمال تسيء لهم ولوطنهم، وكادت حياة أهاليهم أن تتحول إلى منغصات وأحزان مستمرة بسبب بُعد أبنائهم خلف القضبان، ولكن بفضل من الله تعالى ثم بفضل من عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة فقد جاءهم العفو الملكي ليتجاوز عن أخطائهم وممارساتهم في حق الوطن، جاء العفو الملكي الأخير عن 225 شخصا مدانا في قضايا الحق العام ليغلق ملف الاحتقان، الملف الذي سعت بعض العقول البالية أن تتكسب منه».

وحمد الله تعالى «أن جعل لنا ملكا يزن الأمور بموازين الحكمة والعقل والمصلحة العامة، ويتسع قلبه لكل أبنائه فيتجاوز عن مخطتهم، ويعفو عن مسيئهم، ويغفر عن مذنبهم، ملك له قلب رحيم متسامح، ملك لم نرَ منه إلا كل خير وسعادة، لذا ندعو الله تعالى ونحن نستقبل شهر الله المعظم، شهر رمضان الكريم أن يحفظ مليكنا من كل سوء، وأن يسدد خطأه وأن يرشده لكل خير، وأن يجعل له البطانة الصالحة التي تدعوه للخير وتعينه عليه، إنه ولي ذلك والقادر عليه».

وأوضح أنه «اليوم بعد أن عاد الأبناء المفرج عنهم إلى بيوتهم وأسرهم دعونا نقف وقفة تأمل وتقييم ومراجعة للأحداث الماضية، ولننظر في الأسباب والمسببات التي دفعت بهؤلاء الشباب إلى هذا المنعطف الخطير».

وبين أن من أسباب ذلك غياب مفهوم دولة القانون عن أفهام الشباب، فدولة القانون لا تستقيم معها الممارسات الغوغائية، دولة القانون هي التي يعالج فيها الفرد قضاياه بالطرق السلمية وعبر المؤسسة الدستورية، وحتى نواكب الدول المتحضرة يجب علينا أن نلجا إلى مجلس النواب (البرلمان) لمعالجة كل القضايا، في السابق كنا نطالب ببرلمان لمناقشة كل القضايا ووضع كل الحلول، واليوم ها هو البرلمان (مع تحفظنا لبعض الممارسات السلبية التي فيه)، إلا أنه هو المخرج والسبيل لمعالجة كل القضايا، فلماذا إذا التعرض لممتلكات الناس وزعزعة أمنهم واستقرارهم ونحن نمتلك برلمانا منتخبا.

وأضاف «شاهدنا وسمعنا ورأينا دعاة الفتنة والتأجيج وهم يدفعون بأولئك الشباب في الشوارع وبأيديهم المولوتوف والقنابل الحارقة. وهذا ما جاء على لسان الكثير منهم ممن غرر به لاستخدام هذه الوسائل، واقرأوا - إن شئتم - تصريحاتهم التي تكشف عن مؤامرة دنيئة ضد هؤلاء الشباب والناشئة، فلمصلحة من يتم التغرير بهم؟». وقال إن هناك صنفا آخر من دعاة الفتنة والتأجيج كان يطالب بأقصى العقوبات في حق الشباب والمغرر بهم، من دون دراسة الظاهرة ومعالجة أسبابها ومسبباتها، وهي دعوات تأجيجية أخرى إلى حرق الشباب وتدمير مستقبلهم، وهذه الدعوات لا تقل خطورة عن التأجيج الأول الذي كان ضحيته الشباب والناشئة، فكلا الطرفين كان يسعى إلى تدمير مستقبل الشباب وحرق حياتهم ودراستهم.

وقال الجودر: «تأملوا معي في أعمار أولئك الفتية فهم ما بين 16 و20 سنة، شباب دفعوا بأيدي آثمة لارتكاب أعمال تخريبية في حق أنفسهم ووطنهم وأسرهم ومدنهم وقراهم. والسؤال: كيف استطاع دعاة الفتنة والتأجيج الطائفي أن يقتنصوا هؤلاء الشباب والناشئة ويدفعوا بهم في أعمال تخريبية، فالعفو الملكي هو رسالة أخرى لكل الشباب أن احذروا من دعاة الفتنة والتأجيج الذين يتباكون أمامكم بالليل ويختبئون عنكم بالنهار؟».

وأضاف أن «العفو الملكي أسعد الأهالي وأعاد الأمل للشباب المغرر بهم من جهة، ومن جهة أخرى أفشل مخططات دعاة الفتنة والتأجيج الطائفي في كلا الطرفين الذين كانوا يسعون إلى حرق الوطن، فالعفو الملكي فوت الفرصة على دعاة الفتنة الطائفية، وأفسد مخططاتهم التخريبية والتدميرية، وهذا دليل على حنكة الملك وقراءته السليمة للأحداث».

وتساءل الجودر: «بعد هذه المكرمة الملكية والدروس المستفادة من تلك الأحداث ماذا يجب علينا؟ وماذا ينبغي منا؟». وأجاب «يجب إحباط كل المخططات التدميرية والتخريبية التي يروج لها دعاة الفتنة الطائفية، إحباطهم بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن».

وزاد «يجب التمسك بكتاب الله وسنة نبيه وأن نقوم بواجب الإخوة الإسلامية، كما يجب تعزيز مفهوم المواطنة الصالحة والتعايش السلمي وتأكيد النسيج الاجتماعي بين أبناء هذا الوطن، سنة وشيعة، فنكون كما كان آبائنا، أبناء وطن واحد، وخلف قيادة سياسية واحدة (ملك البلاد) في وجه أعداء الوطن».

وأوضح أن «لنا رسالة خاصة في هذا اليوم المبارك لرؤساء الجمعيات والأندية والصناديق أن قوموا بواجبكم الوطني وافتحوا قلوبكم وأبواب مؤسساتكم لأبنائكم الشباب والناشئة، ولا تحولوها إلى مجالس عائلية أو طائفية أو فئوية مغلقة، واحتووا الشباب والناشئة بالأنشطة الاجتماعية والرياضية والفكرية والدورات والمسابقات، وضعوا لهم أجهزة الكمبيوتر وهيئوا لهم الصالات والملاعب، وقدموا لهم النصح والإرشاد قبل أن تختطفهم أيدي أعدائكم لتملأ فراغ عقولهم بمصطلحات التكفير والطائفية والتطاول». وبين أن العفو الملكي جاء على إثر الاجتماع الذي جمع عاهل البلاد بالمعنيين بالشأن الديني من علماء ودعاة وخطباء، وكان خلاصة ما جاء في ذلك الحوار واللقاء، مقترح عمل مرصد للحوار الديني يجمع علماء الطائفتين الكريمتين، السنة والشيعة، يتم تناول القضايا الدينية فيما بينهم تحت سقف واحد من الصراحة والشفافية، وترشيد الخطاب الديني وتعزيز أمنه واستقراره لما فيه خير وصلاح البلاد والعباد

العدد 2157 - الجمعة 01 أغسطس 2008م الموافق 28 رجب 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً