يواجه آلاف «المنقبين» الذين يمشطون التربة ومجاري الانهار في اقليم كاساي بوسط جمهورية الكونغو الديمقراطية بحثا عن الالماس، جميع انواع المخاطر التي تلامس الموت احيانا لاستخراج الاحجار الكريمة.
ففي وسط القارة السوداء، الذي يبعد اكثر من الف كلم عن جميع حدود زائير السابقة، تزخر كاساي الشرقية وكاساي الغربية بهذه الاحجار الكريمة التي ترفع الكونغو الديمقراطية الى المرتبة العالمية الاولى في انتاج الالماس الصناعي. ويستخرج القسم الاكبر من منجم باكوانغا (ميبا) الذي تأسس في يناير/ كانون الثاني 1961 غداة الاستقلال ثم اصبح شركة اقتصادية تملك الدولة ثمانين في المئة من اسهمها والبلجيكيون في شركة تيسيكا 20 في المئة.
وتسيطر شركة ميبا المسئولة السابقة عن المدارس والمراكز الصحية والمطاعم التابعة للمنجم، على منطقة استخراج الالماس والقسم الاكبر من مبوجي - مايي العاصمة الاقليمية. لكن المستشار في الحكومة الاقليمية جوزف موتيبا وابيا اكد لوكالة فرانس برس، ان «الباحثين عن الالماس الذين يفوق عددهم عدد موظفي ميبا العشرة آلاف هم الذين يؤمنون الاموال».
ويضيف انهم يعدون بالآلاف ولا يبالون بالتعب ويأملون في العثور على الحجر الكريم في مقابل عشرين الف دولار، وينتظم كثير منهم في تجمعات لزيادة فرص نجاحهم.
وقد شكل الغطاسون التجمع الاول لأن الغطس هو المرحلة الاولى في عملية البحث عن الالماس. وقال الباحث عن الماس مكا كينغا «فقدنا كثيرا من الصيادين الذين جرفهم التيار وغرقوا بين الصخور او لأنهم ارادوا البقاء فترة طويلة تحت الماء». وتعتبر الادوات التي يستخدمها الغطاسون بدائية. وللغوص بين الصخور المترسبة، غالبا ما لا يتوافر لهم سوى قناع وحبل لرفع حمولتهم من الحجارة... وقدرة هائلة على التنفس. وبعد جمع الاحجار تسلم الى الحمالين الذين يرزحون تحت ثقل الاكياس التي تزن عشرات الكيلوغرامات.
عندئذ تبدأ عملية الفرز ضمن مجموعات يشتهر افرادها بالخبرة التي تمكنهم من تمييز اصغر احجار الماس حجما بين اكوام الرمال.
وبات الباحثون عن الماس الذين بقوا غير منظمين فترة طويلة يفتشون عن شركات لرعاية انشطتهم وتنظيم حملات البحث ودفع اثمان الادوات المستخدمة والمواد الغذائية... وتستأثر هذه الشركات بالقسم الاكبر من الغلال التي تباع لدى الصاغة او بطريقة غير مباشرة في اسواق انفير وبومباي واسرائيل.
والالماس في كاساي اسطوري يحيط به الكثير من الشعائر والمحرمات. وآخر الروايات قصة صياد تعرف على «مؤشرات جيولوجية محددة» فتخلى عن قفه وغطس.
وقد «عثر على حجر كبير جدا»، كما يؤكد جوزف موتيبا وا بيا الذي يتحفظ كثيرا على تحديد قيمة هذا الحجر. لكن الصياد لم يصبح من اصحاب الملايين. ولتجنب المصير السيء المرتبط بالالماس، اضطر الصياد إلى ابلاغ زعيم القرية بالامر فعمد الى تشكيل «لجنة مناجم» «للحفاظ على مصالح الجميع ومنع الحروب القبلية بين مالكي مكان العثور على الكنز».
واقتطعت اللجنة المذكورة الثمن الذي غالبا ما يكون مرتفعا. ويعتبر الهواة من الباحثين عن الالماس وهم من الشبان الذين يأتون للسرقة في منطقة استخراج الالماس، ان الخطر المميت الذي يتهددهم هو حراس الشركة الذين يطلقون النار بلا تحذير وغالبا ما تكون اصاباتهم قاتلة.
وبلغ عدد «الاعدامات بلا محاكمة» العشرات حتى اليوم ومعظم ضحاياها من جنوب افريقيا. لكن هوياتهم لم تكشف بصورة رسمية ابدا. وبلغت المشكلة من الخطورة حدا دفع حاكم الاقليم المتخوف من انفجار شعبي الى الدعوة لتنظيم ندوة يشارك فيها قضاة ورجال شرطة وباحثون عن الماس ومسئولون من منجم ميبا. وطالب الرئيس الكونغولي جوزف كابيلا الذي جال في كاساي باحترام القانون، داعيا الى معاقبة «منتهكي» حرمة منطقة استخراج الالماس لكنه حذر من عمليات الاعدام السرية، اما المسئولون في منجم ميبا فقد التزموا الصمت
العدد 118 - الأربعاء 01 يناير 2003م الموافق 27 شوال 1423هـ