توحي دراسة حديثة لحساب الحكومة الفيدرالية أنه كلما طالت مدة قلي البطاطا وبعض الأغذية الأخرى الغنية بالنشويات، أو تحميرها في الفرن، زاد فيها مستوى مادة يحتمل أنها تسبب السرطان.
وكانت تلك المادة التي تدعى «Acrylamidez» قد احتلت أخبارها عناوين الصحف في الربيع الماضي عندما اكتشف علماء سويديون أنها تتشكل في الأطعمة المقلية ورقائق البطاطا (تشيبس) والمواد الغذائية الأخرى الغنية بالنشويات، إذ جرى طبخها بدرجات حرارة عالية.
وقد أكدت عدة بلدان أوروبية أخرى الاكتشاف السويدي. والآن تبين أحدث مجموعة من الفحوص كشفت عنها دائرة الأغذية والادوية الأميركية أن مستويات الاكريلاميد تتفاوت كثيرا داخل الماركة الواحدة من الأطعمة.
تتشكل مادة الاكريلاميد خلال الطبخ بالأساليب التقليدية - سواء اشتريت المأكولات جاهزة، أو قليتها أو حميتها في الفرن من العناصر النيئة في المنزل - والظاهر أنه كلما طالت مدة الطبخ، وخصوصا بحرارة مرتفعة، زادت كمية الاكريلاميد.
ماذا يعني كل ذلك للمستهلك؟
تسبب مادة الاكريلاميد السرطان في حيوانات الاختبار، إلا أنه لم يثبت أنها تسبب السرطان للإنسان أيضا، ما يعني أن لا أحد يعرف ما إذا كان تفاوت المستويات داخل مادة غذائية واحدة هو مشكلة. وقد شدد علماء إدارة الأغذية والأدوية على أنه ليس هناك أي سبب لتجنب تناول بعض المأكولات خوفا من الاكريلاميد. وهذا القول هللت له المطاعم وقطاع صناعة الأغذية.
بل كل ما هو مطلوب، بحسب رئيسة قسم سلامة المأكولات في دائرة الأغذية والأدوية جانيس أوليفر هو التركيز على تناول مختلف الأغذية الغنية بالألياف من حبوب وخضار.
وأشار احد علماء الدائرة هو برنارد شويتز إلى أنه بالنظر إلى كون الاكريلاميد تتشكل خلال الطبخ بالأساليب التقليدية، فإن تناولها مع المأكولات يجري منذ وقت طويل.
إلا أن التفاوت في المستويات يعني أنه يمكن تخفيض مستوى الاكريلاميد في المأكولات، كما ذكر علماء الدائرة أمام الهيئة الاستشارية الغذائية التابعة للدائرة الفيدرالية. وقد اشترى الخبير الكيماوي في الدائرة ستيفن مسرة لمختبره كمية من البطاطا المجمدة المعدة للتحمير ولم تكن تحتوي سوى على القليل من الاكريلاميد، ووضعها في الفرن لمدة 10 إلى 15 دقيقة بحسب التعليمات المكتوبة على الغلاف، فحدثت زيادة طفيفة في مستوى الاكريلاميد. ولكن العلماء الستة اعتبروا أن الطبخة لم تصبح جاهزة للأكل فأعادوها إلى الفرن لمتابعة التحميص.
وبعد 30 دقيقة من التحميص اكتسبت البطاطا لونا بنيا ذهبيا وازدادت نسبة الاكريلاميد 120 ضعفا. وبعد 45 دقيقة أصبحت البطاطا «مقرمشة» جدا فيما وصل مستوى الاكريلاميد أعلى بأربعمئة مرة مما لو جرى التحميص لربع ساعة فقط. والأمر لا يخص البطاطا فحسب، فلقد أظهر الاختبار الذي أجرته دائرة الأغذية والأدوية أن تحميص الخبز يرفع مستوى الاكريلاميد من ستة إلى عشرة أضعاف. وفي المقابل أن طبخ المأكولات المجمدة بالميكرويف لم ينتج عن اي اكريلاميد وكذلك يقول علماء آخرون ان هذه المادة الكيماوية لا يبدو أنها تتشكل في الأغذية المسلوقة. ولا أحد يعرف سبب ذلك، ولكن الأرجح أن الطبخ بالسلق لا يكون حارا على النحو الكافي لإحداث التفاعلات الكيماوية التي يعتقد أنها لازمة لتشكيل الاكريلاميد.وتستخدم مادة الاكريلاميد في صناعة البلاستيك والأصباغ وتكرير الماء. ومع أن بعض رسوباتها توجد في الماء فإن لا أحد توقع العثور عليها بمستويات عالية في المواد الغذائية الأساسية.
والآن يعرف العلماء أن الاكريلاميد يبدو أنها تتشكل عندما تسخن الأحماض الأمينية الطبيعية المعروفة باسم «اسباراجين» مع سكريات معينة مثل الغلوكوز، مع ان المأكولات المصنوعة من الحبوب بل وحتى الهليون تحتوي عليها. والحقيقة أن تحميص الهليون انتج كميات عالية جدا من الاكريلاميد.
وفي المقابل فحصت دائرة الاغذية والادوية عينات من الاطعمة وعثرت على بعض المنتوجات، من حليب الاطفال وأطعمة الاطفال إلى الخضار واللحوم المجلدة الخالية من الاكريلاميد وهي تحتوي على كمية ضئيلة من الاسباراجين أو أنها لا تطبخ بدرجات حرارة عالية جدا.
ويشدد مصنعو المواد الغذائية على أن منتوجاتهم ليست خطرة، ولكن الشركات المصنعة تتعاون مع دائرة الأغذية والأدوية بغية فهم كيفية تشكل الاكريلاميد وتخفيض مستوياتها إذا أمكن، بحسب مندوب الجمعية الوطنية لمصنعي الأغدية هاري تشين، الذي حذر أيضا «أن ذلك قد لا يكون سهلا»
العدد 131 - الثلثاء 14 يناير 2003م الموافق 11 ذي القعدة 1423هـ