العدد 133 - الخميس 16 يناير 2003م الموافق 13 ذي القعدة 1423هـ

الحل هو إيقاف عمليات الدفن ومياه المجاري والصيد الجائر

صيادو خليج توبلي:

الاقتراب من عالم الصيادين الذين كانوا يصطادون السمك والروبيان في خليج توبلي، يظهر مدى الانتكاسة الاقتصادية التي حدثت لهؤلاء بعد التدمير البيئي الذي تعرض له الخليج ومايزال بفعل عمليات الدفن العشوائي والقاء مخلفات البناء والصيد الجائر. ويحتوي خليج توبلي على ثروة سمكية هائلة ومتنوعة، ضمر جزء كبير منها بسبب الاهمال البيئي وانعدام الرقابة، وجاء الضرر بشكل مباشر على الصيادين الذين يرتزقون منه، وأصبحوا مرغمين أن يرتحلوا مسافات بعيدة داخل البحر لاصطياد السمك، بعد أن كان الخليج مصدرا للروبيان إلى مناطق البحرين جميعها.

الصيادون أوجزوا حلولهم من أجل الحفاظ على الحياة البيئية لخليج توبلي في جملة بسيطة وموجزة، معبرة وصادقة: «ايقاف عمليات الدفن ومياه المجاري والصيد الجائر» فان ذلك - من وجهة نظرهم - سيعيد للخليج طاقته وحيويته، وسيرجع الحياة الفظرية إلى سابق عهدها. وقد قمنا باجراء لقاءات مع صيادي خليج توبلي وسألناهم عن التغير الذي حدث للخليج قبل وبعد أن تعرض إلى الحملة الشرسة لتخريب البيئة، والمشكلات والحلول والاقتراحات التي يطرحونها عن هذا الموضوع.

لا يوجد سمك...

يقول الصياد جميل عبدالله الذي كان يجهز نفسه لرحلة صيد بحرية: «كان الخليج وفيرا بأنواع السمك والروبيان جميعها، وكان محط أنظار الصيادين، والآن لا يوجد سمك... وخلال العشر سنوات الماضية اختفى الروبيان تماما من الخليج». ويواصل بصوت خافت: «مساكين الذين يعتمدون على البحر، لم يكتفوا بما حصل للخليج من عمليات دفن والقاء المخلفات التي أضرت كثيرا بالسمك وجعلته يهرب من الخليج، صار يشاركنا أيضا العمال الأجانب الذين يستخدمون الصيد الجائر المحرم دوليا، وهو صيد عشوائي يضرنا بدرجة كبيرة». ويتحدث جميل عن وجود مرافئ واسعة وآمنة لقوارب الصيادين في الدول الخليجية الأخرى وتنظيم لمهنة الصيد، وهذا الأمر «افتقدناه وأصبح الساحل ضيقا. لم نعد آمنين على قواربنا التي تتعرض بين الحين والآخر إلى سرقات في وضح النهار».

مياه ملوثة

ويكمل زميله الصياد أحمد سلمان بقوله: «لن تجد سمكة واحدة في هذا الماء العفن. انك لا تستطيع أن ترى قاع البحر من مسافة قريبة بسبب مياه المجاري التي تصب فيه باستمرار ومن دون توقف». ويوضح أن الصيادين الأجانب يقومون بحجز الأسماك عند مدخل الخليج (جسر سترة)، «فلا يوجد أمل بالحصول على أسماك في الخليج».

مرافئ للصيادين...

ويؤكد الصياد أحمد جعفر علي أن عمليات الدفان لها الأثر المباشر والسلبي في هجرة الأسماك وعدم توافرها في مياه الخليج، ويقول: «كانت مياه البحر تغطي هذا المكان الذي نجلس عليه، وكنا نسبح ونصطاد السمك بسهولة. أما الآن فالبحارة يئسوا من وجود أسماك قريبة في المنطقة القريبة من الساحل، وعلينا أن نقطع كيلومترات بعيدة للاطصياد. المياه غير صحية لبيئة بحرية منتجة، عليهم أن يوقفوا ضخ مياه المجاري في الخليج». ويبين أحمد أن الحلول التي وعدوا بها من قبل المسئولين لانقاذ الخليج والتي تتمثل في ايقاف عمليات الدفان وتملك الأراضي بحيث تخصص مساحة واسعة لمرافئ الصيادين، «لم تنفذ ومازالت مساحة الخليج تتقلص».

روبيان تحت الأنقاض

ويقول الصياد عبدالأمير حمزة بنبرة فيها أسى: «لا أعتقد أن الوضع سيتغير». ويفسر ذلك بأن الحل سيوجد اذا كانت هناك «نية جادة» من قبل المسئولين لايقاف عمليات استيلاء الأراضي القريبة من البحر أو الأراضي التي تشترى وهي في «وسط البحر». ويتحدث عبدالأمير أن الخليج اقترنت صورته لدى الأهالي بـ «خليج الروبيان وهي حقيقة تغيب ونتمنى عودتها»، ويستغرب من وجود الصيد الجائر الذي يمارسه العمال الأجانب، ويبعد السمك عن مواقع نموه الطبيعية في الخليج. ويذكر لنا عبدالأمير صورة مؤلمة شاهدها بنفسه، وهي العثور على روبيان في مراحل نموه الأولى تحت أنقاض الدفان، واعتبره «مؤشرا خطيرا» لاندثار الحياة البيئية التي «لا ينهض أفراد المجتمع لانقاذها».

يعيل 500 عائلة

ويوضح الصياد عبدالرسول إبراهيم أن خليج توبلي كان يعيل 500 عائلة تقريبا في السنوات الماضية، وبعد التدهور البيئي الذي حدث تقلص هذا العدد بشكل ملحوظ، ويقول عن ذلك: «من الذي سيتكفل بالصرف على هذه العائلات؟ أليس من الأجدر اصلاح أمر الخليج وسيوفر الكثير على الحكومة في ايجاد فرص العمل للعاطلين، وهي مهنة بسيطة لا تكلف الشيء الكثير». وأشار عبدالرسول إلى ضرورة أن تطرح قضية البيئة الساحلية وتحديدا قضية الخليج ضمن جلسات المجلس الوطني، ويكون هناك تحرك شعبي أوسع لحماية الخليج قبل أن يندثر

العدد 133 - الخميس 16 يناير 2003م الموافق 13 ذي القعدة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً