العدد 155 - الجمعة 07 فبراير 2003م الموافق 05 ذي الحجة 1423هـ

التنبؤات الاقتصادية للسنوات الخمس المقبلة

إن أولئك الذين يمضون الوقت في محاولة للتعرف على التغييرات الاقتصادية الكبيرة - ويتنبأون بها بشكل صحيح - قلما يطلب منهم تقديم تفسير لتنبؤاتنا. وفي الواقع اننا نميل الى نسيان تلك التنبؤات، لذلك فإنني شاكر لقارئ وفيّ للاندبندنت (بيتر هول من برستول) لتذكيري بأنني قد كتبت عن ستة توقعات اقتصادية للعام 2002 منذ خمس سنوات إذ قام بإرسال نسخة لي عمّا كتبت في نهاية العام 1997.

لقد كان التنبؤ الأول بخصوص الانكماش العالمي: ان بعض دول المجموعة السبع (G7) بما فيها بريطانيا على الأرجح ستشهد هبوطا في الأسعار في مرحلة ما في الخمس سنوات المقبلة. لقد كان هذا التنبؤ صحيحا تماما بالنسبة إلى واحدة من دول هذه المجموعة وهي اليابان، كما أن أقطارا أخرى مثل ألمانيا قد اقتربت من النقطة نفسها أيضا. ولا بد أن يمتد الانكماش العام الى بريطانيا، مع ان أسعار الكثير من السلع مثل السيارات والملابس تشهد هبوطا الآن. لذلك فإن التوقعات ليست صحيحة تماما ولكنها صحيحة بشكل كبير.

أما التنبؤ الثاني فكان التحذير من ركود اقتصادي بعد دخول الألفية الجديدة: ستعمل نهاية الطفرة الأميركية الطويلة والتأثيرات الانكماشية في شرق آسيا والقلق المرتبط بإدخال العملة الموحدة في أوروبا والفيروس الذي أصاب الحاسوب في الألفية الجديدة على إمكان حدوث كساد عالمي جديد قبل العام 2002. وقد ذكرت أن بريطانيا لربما تكون أقل تضررا من بقية الدول خصوصا إذا بقيت خارج نطاق العملة الموحدة. وقد حددت أيضا الخطر على الاقتصاد الأوروبي نتيجة إدخال اليورو مع ان هذا قد أصبح واضحا تماما الآن. إنني أشعر بالسرور بالنسبة إلى ذلك الاجتهاد لأن الأمر كان يحتاج إلى بعض الشجاعة للتنبؤ بركود عالمي في تلك الأيام المثيرة العام 1997. ولكن أقل سرورا بالنسبة إلى التنبؤ الثالث وهو إمكان أن يؤدي التباطؤ إلى معدلات أعلى للبطالة. ومع أن المعدلات في بريطانيا مازالت أقل من المعدلات في الدول الأوروبية الأخرى، إلا أنني استطعت أن أتوقع سبب الأداء السيئ في الدول الأوروبية. ولم أقدر مدى نجاح صناعات الخدمات في خلق وظائف ليس فقط أثناء الطفرة ولكن أيضا أثناء التراجع الاقتصادي.

وقد زادت عدد الوظائف في بريطانيا عن أكثر من مليون منذ العام 1997، كما زادت الخدمات عن أكثر من نسبة الهبوط في وظائف المصانع.

لقد كان التنبؤ بأن عدد الوظائف في قطاع التصنيع سينخفض العام 2002 عمّا عليه العام 1997 على رغم نمو الاقتصاد هو التنبؤ الرابع. وقد تبيّن ان ذلك قد حدث فعلا إذ هبط العدد من 4,1 مليون وظيفة إلى 3,7 مليون وظيفة. ولكن هذا الأمر كان من السهل التنبؤ به، لذلك لا أشعر بأنني فخور بالنسبة إلى هذا التوقع على وجه الخصوص.

أما التنبؤ الخامس فهو أن بريطانيا ستزيد من حصتها في سوق الاتصالات وصناعات الترفيه وأنه نتيجة لذلك فإن التجارة الفعلية مع دول الاتحاد الأوروبي ستصبح أقل أهمية بالنسبة إلى تجارة الخدمات مع بقية دول العالم. وقد تبين صدق هذا التنبؤ أيضا.

وأخيرا فقد تنبئت بأمر سياسي وهو فوز حزب العمال بغالبية 45 في أكتوبر/تشرين الأول العام 2001، وقد تحقق هذا التنبؤ أيضا.

إن التنبؤ بالموضوع الرئيسي هو حدوث ركود مع قدوم الألفية الجديدة يعتبر من أهم الأمور وقد شجعني ذلك على تقديم هذه التنبؤات الستة حتى نهاية العام 2007.

دعنا نبدأ بالقصة الاقتصادية المهمة وهي التراجع الاقتصادي الحالي. اعتقد ولأسباب عدة حدوث المزيد من المشكلات قبل أن يصبح الانتعاش مضمونا. وتشمل هذه المشكلات بالطبع التوترات المستمرة في الشرق الأوسط والتي ستظل مصدر قلق لنا في العام 2007 والتركيب السكاني غير الملائم والانكماش العالمي والمديونية الخطيرة للمستهلكين في الدول الناطقة بالإنجليزية. إنني أتنبأ بأننا سنحتاج الى عامين أو ثلاثة أعوام من خيبة الأمل قبل إعادة تحقيق نمو اقتصادي عالمي آمن. لذلك فإن التنبؤ الأول هو أن العام 2007 سيشهد طفرة اقتصادية أخرى ولكن الوصول الى ذلك لن يكون أمرا سهلا.

وستبقى منطقة اليورو مخيبة للآمال، ومع أنني لا اعتقد أنها ستتفتت في السنوات الخمس المقبلة - والأكثر احتمالا ان يحدث ذلك في غضون عشر سنوات - إلا أنني أعتقد أنها ستكون فترة صعبة بالنسبة إلى الدول الأعضاء في منطقة اليورو.

أما التنبؤ الثاني فهو أن الولايات المتحدة وبريطانيا ستشهدان نموا أسرع في السنوات الخمس المقبلة من الدول الأعضاء الرئيسية في منطقة اليورو وهي ألمانيا وفرنسا وإيطاليا.

وإذا ما أخذنا في الاعتبار الصعوبات الواضحة المتزايدة فإنني أرى أنه من الصعب أن تنضم بريطانيا لليورو في السنوات الخمس المقبلة.

أما التنبؤ الثالث فهو أن بريطانيا لن تنضم لليورو لسبب آخر وهو الأدلة المتزايدة على حدوث انكماش اقتصادي عالمي. وبحلول العام 2007 لن تكون الدول المتطورة قد حققت استقرارا في الأسعار فقط ولكنها ستتواءم مع فكرة أن الأسعار لا تستمر في الارتفاع الى الأبد وان الناس سيخططون على هذا الأساس.

أما المجال الذي سيكون له تأثير كبير فهو سوق العقارات في بريطانيا. لذلك فإن التنبؤ الرابع هو أن أسعار العقارات لن تكون بشكل عام أعلى بنهاية العام 2007 عما كانت عليه بنهاية العام 2002.

أما التنبؤ الخامس فينظر الى الدول النامية والتي ستستمر في البقاء كأسرع المناطق من ناحية النمو الاقتصادي. ففي شرق آسيا يزيد الناتج المحلي الإجمالي للصين عن إيطاليا. وسيصبح اقتصاد الصين أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة واليابان بحلول العام 2007.

أما التوقع السادس والأخير فهو توقع سياسي يخص بريطانيا، إذ انني أتوقع أن يفوز حزب العمال ثانية بغالبية 45 في يونيو/حزيران 2005. وأتوقع أيضا أن يبدأ اسم رئيس حزب العمل بحرف B.

محلل سياسي اقتصادي

- خدمة الاندبندنت خاص بـ «الوسط

العدد 155 - الجمعة 07 فبراير 2003م الموافق 05 ذي الحجة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً