قال امام الجمعة في جامع الامام الصادق بالدراز الشيخ عيسى أحمد قاسم ان رد فعل العالمين العربي والاسلامي تجاه الحرب المحتملة على العراق «مخجل وغريب جدا»، مقارنا بين «المظاهرات في العالم العربي والإسلامي من جهة والتعامل معها من قبل الأنظمة، وما هي عليه في العالم الآخر إلى حد أن يوجد بين المتظاهرين هناك من هم من أقارب صرعى الحادي عشر من سبتمبر/أيلول». وقال ان هذا يؤشر على «موت الأنظمة في البلاد العربية والإسلامية» التي اصابت بـ «الوهن والخور عزيمة الشعوب في هذه الأقطار».
وقال قاسم ان «سحق كرامة الإنسان في هذه الأمة وحكمه بالحديد والنار، وملاحقة شبح القتل والسجن والتشريد والتعذيب له في ليله ونهاره، وتهميشه الدائم جعل الكثيرين لا يشعرون بألم الجروح، ويعانون من الجبن عن أي لون من المقاومة ولو بالصراخ، ويحكمون على أنفسهم كما حكمت عليهم الأنظمة بألا رأي لهم في مصيرهم أبدا وإن كان يتهددهم القتل والذبح ويقف على الأبواب».
وقال «إن اضطهاد النظام العراقي لشعبه، وموقفه من دول الجوار، والحربين العدوانيتين اللتين شنهما على دولتين مسلمتين مجاورتين أثار بدرجة كبيرة موقف جماهير الأمة من العدوان الأميركي المرتقب على العراق إلى حد أن جمهورا عراقيا واسعا قد يدفعه عذابه إلى تمني الحرب على يد من لا يرضاه».
واشار قاسم الى انه «وبعيدا عن ردود الفعل من موقع الألم الممض وبملاحظة ما تستهدفه الحملة الأميركية من إحكام القبضة على العراق، وإقامة حكومة عسكرية أميركية فيه، وما تعتزمه بصورة جدية من بسط نفوذها المباشر على المنطقة بكاملها، والهيمنة التامة عليها، واللعب بخريطتها كما يحلو لها، وتفرضه مصالحها المادية المتمددة، وما تعنيه الحرب على العراق من تدمير شامل لما تبقى من بناه، وتصفية واسعة لجماهير شعبه، وما قد تجر إليه من تدمير المنطقة بكاملها، وسقوط مئات الألوف قتلى من أبنائها مع التلوث البيئي الواسع، وانتشار الأوبئة في الإنسان والثروة والحياة، بملاحظة كل ذلك يتوجب على شعوب المنطقة والعالم الإسلامي كله أن يشاركوا العالم كله صرخة الضمير، بل أن يستنهض الضمير العالمي بدرجة أكبر من خلال مسيرات احتجاجية ضد الحرب المرتقبة يشارك فيها ملايين الكبار والصغار والرجال والنساء ومن كل المستويات ولو من باب الدفاع عن النفس والاستنجاد بالصراخ من الموت والدمار الذي يتهدد الجميع، كيف وأن الملايين في المنطقة لا يملكون ملاجئ ولا أقنعة واقية في حرب يتوقع لها مشعلوها أن يكون من بين أسلحتها السلاح النووي والجرثومي والكيماوي؟».
وقال ان الولايات المتحدة «تقدم البترول على الإنسان، تقدم النفط على الإنسان، تقدم المال على القيم، تستثير الصدام الحضاري، تقبر فرصة الحوار الحضاري، تنسف مستقبل الإنسان، تحيل الأرض إلى فوضى»، ولذلك فاننا «نقف ضدها».
وبالنسبة إلى ما نشرته الصحف المحلية من اكتشاف خلية متهمة بحيازة السلاح وأمور أخرى محل التحقيق قال قاسم «إننا نؤكد على احترام حق المواطن وإن كان في حال اتهام، وعدم تعريضه للتعذيب أو النيل من سمعته بلا قانون، وان يحصل على محاكمة عادلة، ويتمتع بفرصة دفاع كافية عن نفسه بالأصالة أو الوكالة». كما أكد على حرصه «الشديد على أمن البلد واستقراره، وتجنيبه مختلف أشكال العنف وصوره، والابتعاد به عن شبح الإرهاب المخيف»، ولكن «لا يعني هذا المساس بكرامة أي مواطن، أو الإشارة بإصبع الاتهام لأية جهة من الجهات. فالمتهم بريء حتى تثبت إدانته. على أنه يتحتم على كل الأوطان، وكل الدنيا أن تواجه الأمرين معا في عرض واحد، وفي وقت واحد الإرهاب وأسبابه مجتمعين، ومواجهة الأسباب تعد جذرية لأن من شأنها أن تنفي المسبب بنفي سببه، أما مواجهة النتائج وحدها فلا تستأصلها، إذ إنه مادامت الأسباب قائمة فالنتائج لابد أن تستمر. أعاذ الله هذا الوطن وكل أوطان المسلمين من السوء، وجنبنا جميعا الفوضى والقلق والاضطراب، وويلات الحروب وكوارثها المروعة»
العدد 169 - الجمعة 21 فبراير 2003م الموافق 19 ذي الحجة 1423هـ