اتفقت كل من رئيسة جامعة الخليج العربي رفيعة غباش وسلمان رواف على أن نسبة عالية من أعداد المرضى المترددين على مراكز الرعاية الصحية الأولية في العالم يعانون أساسا من أمراض نفسية أبرزها «الاكتئاب» في الوقت الذي قدرت غباش النسبة العالمية في ذلك بأكثر من 25 في المئة.
جاء ذلك خلال مجموعة من المحاضرات التي بدأ بها مؤتمر الرعاية الصحية الأولية نشاطاته العلمية صباح أمس.
وكان وزير الصحة خليل حسن قد افتتح المؤتمر بمحاضرة له تحدث فيها عن الرعاية الصحية الأولية في البحرين وساق فيها الواقع الحالي والتوجهات المستقبلية. وأعقبتها محاضرة للاستشاري أحمد عبداللطيف تناول فيها الحديث عن الاستراتيجية المستقبلية للرعاية الصحية الأولية.
ثم تحدثت رئيسة جامعة الخليج العربي رفيعة غباش عن التعاون والتكامل العلمي بين كليات الطب في دول مجلس التعاون إذ ذكرت أن من أهم أهداف الجامعة تحديث الأنظمة حسب حاجات المنطقة في الخليج العربي.
مشيرة إلى أن الهدف من مشاركة الجامعة في هذا المؤتمر هو التحسين المستمر للتعليم الطبي. وخصوصا أنه يجمع بين خبرات المنطقة في التعليم والممارسة الطبية. وذكرت غباش أن الجامعة تسعى حاليا إلى خلق برنامج لتبادل الطلاب بين دول الخليج، والاعتراف بجامعة الخليج باعتباره مركزا للطب المبني على الدلالات. مشيرة إلى أهمية وجود التعاون بين الجامعات لدعم الاستثمار في مجال التعليم الطبي.
وأشارت غباش إلى مجموعة من الدراسات التي سبق أن أعدتها في مجال الرعاية الصحية الأولية إذ أثبتت إحدى الدراسات التي أجرتها في إمارة دبي أن 22 في المئة من المترددين على مراكز الرعاية الصحية الأولية كانوا يعانون أساسا من أمراض نفسية، وعندما كررت الدراسة لاحقا في إمارة العين توصلت إلى النتيجة نفسها تقريبا.
وكان للاستشاري علي محمد فخرو محاضرة لاحقة تحدث فيها عن عدالة وكفاءة الرعاية الصحية الأولية من خلال «أنسنتها». واعتبر فخرو أن توفير الرعاية الصحية الأساسية للجميع على حد سواء في أي دولة هو أمر ضروري جدا لأنه يربطها بمفهوم الإنسانية. ويتحقق هذا الأمر عن طريق توفير خدمات الرعاية الأولية للجميع بعدالة إذ أنه واجب الدولة وليس منة أو منحة تقدمها للمواطنين.
وأكد فخرو ضرورة وجود ملف لكل عائلة وليس لكل فرد في العائلة بحيث يتم تسجيل عدد من أفراد العائلات وتسجل في مركز صحي واحد وتحت رعاية فريق صحي واحد. مشيرا إلى أهمية تكوين فريق صحي واحد يقوده أخصائي طب العائلة، ويضم عددا من الأطباء العامين والأخصائيات والممرضات ومساعدي الرعاية الصحية الأولية إذ يرتبط ذلك بقدرات كل مجتمع ونوع المكان وظروف ساكنيه. ويقدم هذا الفريق رعاية لمجموعة محددة من العائلات من دون تغيير أعضائه لبناء علاقة إنسانية حميمة بين الفريق الصحي وتلك العائلات.
وأضاف فخرو أن ما يتم تحقيقه من إنجازات على هذا الصعيد يتمثل في تعود أفراد الأسرة على التعامل مع كل أفراد الفريق الصحي دون الإصرار على رؤية الطبيب المسئول بناء على الثقة إذ تنشأ علاقة صداقة حميمة بين الطرفين.
مؤكدا أهمية العودة للعناية الشاملة في الفريق للمريض ككل وليس لأعضاء محددة منه وبالتالي يتم الاهتمام بالفرد بشكل عام وبظروفه وأوضاعه كافة.
بعدها تحدث سلمان الرواف عن نظرة معاصرة للرعاية الصحية الأولية من خلال تجربة المملكة المتحدة. ورواف هو طبيب بريطاني من أصل عراقي أشاد في محاضرته بمستوى مراكز الرعاية الصحية الأولية في البحرين. وأسهب في الحديث عن تجربة المملكة المتحدة في أنظمتها الصحية مشيرا إلى أن النظام البريطاني بدأ يتغير في السنوات الأخيرة بشكل متكامل إذ بدأ يتحول إلى الاعتماد على الرعاية الصحية الأولية. وفي بريطانيا لا يحق لأي طبيب غير طبيب العائلة أن يعطي وصفة طبية. كما أن 50 في المئة من مصارف الصحة تذهب إلى المستشفيات والرعاية الصحية الثانوية والثلاثية.
وأشار رواف إلى أن معظم الحالات التي تتردد على مراكز الرعاية الصحية الأولية سببها نفسي، في تأكيد لما ذكرته رئيسة جامعة الخليج العربي.
وفي مجال الحديث عن التداخل المهني أكد رواف أهميته وخصوصا الاستفادة من آفاق العمل المتطورة التي قد يرأسها أحيانا مساعدو أطباء وليس أطباء فعليين إذ أن المهم هو التجانس بين الفريق. الأمر الذي يتطلب تغيير مناهج الطب التي يتم تدريسها في الجامعات.
وأشار رواف إلى ضرورة تطوير الممارسة الطبية لدى الأطباء إذ أن عمر الشهادة الطبية في الدول الأوروبية كافة لا يزيد عن خمس سنوات يجب بعد انتهائها تقييم الطبيب لاستخراج شهادة جديدة لممارسة المهنة.
واختتم البرنامج بمحاضرة للاستشاري السعودي توفيق بن أحمد خوجة تحدث فيها عن تحديات التقويم الشامل من خلال نظرة مستقبلية لأنظمة الرعاية الصحية الأولية
العدد 173 - الثلثاء 25 فبراير 2003م الموافق 23 ذي الحجة 1423هـ