العدد 185 - الأحد 09 مارس 2003م الموافق 05 محرم 1424هـ

عندما يبكي القتيل لقاتليه...

الحسين كان رجل الرحمة، يمتلئ حنانا وعطفا على الإنسانية، إلى درجة انه بكى يوم العاشر لموقف جيش يزيد لتورطهم في قتله، فلما سألته أخته زينب: ممَّ بكاؤك؟ قال: «أبكي على هؤلاء القوم يدخلون النار بسببي».

لقد أعلن نهاية أعدائه في ذلك اليوم... فهذه المآتم هي مآتم على هؤلاء... لأن الحسين باقٍ...

مأتم القاتلين لا مأتم القتلى

يسيرون للخلود عجالا

الحسين لم يبدأهم بحرب، لم يلقِ سهما... حتى ابتدأوه بالحرب... هذه الرحمة تدل على تلك الإنسانية الكبرى التي أخذها من جده وأبيه.

فالرسول (ص) كسرت رباعيته... فقال رجل: العنهم يا رسول الله، فقال: «إني لم أبعث لعّانا»... إنما قال: «اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون». نعم قال «قَوْمي» وهي تدل على الرحمة.

والحسين حاربهم عندما أصروا على الحرب وعندما انعدمت كل السبل.

لقد تحرك الحسين ليحقق مبادئ أبيه القائلة: «لن تقدس أمة لا يؤخذ للضعيف فيها حقه من القوي غير متعتع»، لهذا تحرك الحسين لأجل إحقاق الحق، وليزرع الكرامة، وكما قال المتنبي: «وكل مكانٍ ينبت العز طيب».

والبطولة تقتضي المواقف، لذلك وقف الحسين وجأر بالحق، وهذه مقتضيات البطولة...

تقضي البطولة أن نمدّ جسومنا

جسرا فقل لرفاقنا ان يعبروا

فكانت شعارات الحسين شعارات حبلى بالمعاني، ومكتنزة لمفاهيم الجهاد... انه اختار الموت الرائع الذي هو في حقيقته حياة أخرى...

لا تبك فاليوم بدأ حياته

إن الشهيد يعيش يوم وفاته

كان يزيد يلعب بمقدرات الأمة، فالناس تتضور جوعا وهو مشغول بتربية القرود واللعب مع الحيوانات ـ كما يقول نبيل فياض في أحد كتبه ـ ولكن المعادلة تغيَّرت بفضل الحسين (ع)، فهو الذي غيّر المعادلة وقلب الطاولة على يزيد، واستطاع أن يفضحه عندما جرّده من كل أوراق التوت التي كان يوزّعها على أصحابه ومحبيه. وفقط بقتل الحسين وسبي حرائره وكشف كل ذلك الزيف الذي مارسه الإعلام الأموي... نعم، ان المجاهدين باعوا أرواحهم واشتروا الجنة ليختصروا الحياة بأشرف موت، وهو موت الشهداء، لأنهم بذلك يؤكدون إيمانهم...

إن ثورة كربلاء ثورة لتصحيح تلك الأخطاء التي علقت بتاريخ الأمة... وانقلاب لذلك الوعي التسطيحي الذي تَشكّل به وعي الأمة

العدد 185 - الأحد 09 مارس 2003م الموافق 05 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً