في النصف الثاني من القرن التاسع عشر بدأ بعض العراقيين بناء «الحسينيات» كمؤسسات دينية - ثقافية، مثل التكايا الصوفية، لإقامة الشعائر والطقوس الدينية وخصوصا العزاء الحسيني، ولذلك اتخذت اسم الحسين (ع) شعارا لها وسميت بـ «الحسينية».

وكانت أولى الحسينيات التي شيدت هي «الحسينية الحيدرية» في الكاظمية العام 1297هـ/ 1876م، وتبعتها حسينية أخرى في بغداد ثم ثالثة في الكاظمية أيضا.

أما في كربلاء فتم بناء الحسينيات في مطلع هذا القرن، إذ شيدت أول حسينية لنزول زوار الإمام الحسين ولإقامة العزاء العام 1344 هـ/ 1906 م. وكانت حسينية الشوشترية أول حسينية شيدت في النجف العام 1319 هـ/ 1884م، وفيها أقدم مكتبة من مكتبات العصر الحديث في النجف.

وقد تطورت الحسينيات بالتدريج وتحولت إلى مؤسسات اجتماعية - ثقافية، ولم تعد مكانا لإقامة مراسم العزاء الحسيني فحسب، بل مدارس دينية ومنتديات اجتماعية وثقافية.

وإلى جانب ذلك شيدت في عدد من مدن العراق، وخصوصا في كربلاء والنجف والكاظمية تكايا بكداشية ترجع في تاريخها إلى دخول الفاطميين إلى العراق، وكانت تقام فيها حتى وقت قريب مراسم الذكر على الطريقة البكداشية التي تعود في أصولها إلى الحاج بكتاش ولي في القرن العاشر الهجري/السادس عشر الميلادي.

أما بعد الإحتلال الإنجليزي للعراق العام 1917 فقد اتبع الإنجليز سياسة التحبيب والترغيب، فأخذوا برعاية المواكب الحسينية بصورة خاصة، وأحاطوها بالعناية والحماية وأمدوها بما تحتاج إليه من مواد كانت نادرة آنذاك كالنفط لكسب الناس إلى جانبهم والالتفاف حولهم. وفي العام الذي تلاه أمرت الحكومة البريطانية بغلق ملهى ليلي يقع بالقرب من القنصلية الإيرانية في بغداد إذ كانت المواكب الحسينية تمر في ذلك المكان احتراما لحرمة عاشوراء. وفي 1 محرم 1337هـ/ 1918م أصدر الحاكم العسكري العام في بغداد «إعلانا» نشرته جريدة العرب في 8 أكتوبر/تشرين الأول 1918 ينص على ما يلي: «بما أن التياترو الواقع بجانب الكرخ هو قرب قونسلخانة إيران وجميع السبايا تمر من هناك، فاحتراما لهذا الشهر يجب سد التياترو المذكور أعلاه ثلاثة عشر يوما ابتداء من أول شهر محرم إلى نهاية الثالث عشر منه بحسب طلب الأهالي». وقد وقع الإعلان القائم مقام حاكم بغداد العسكري «اي هوب»