العدد 186 - الإثنين 10 مارس 2003م الموافق 06 محرم 1424هـ

الجانب الرّمزي في العزاء

لقد طبع الخوف والقمع والاضطهاد تاريخ العراق بالحزن ولوّنه بالأسى، الذي مازال يجد تعبيره في مراسم العزاء الحسيني باعتبارها وسيلة من وسائل الرفض والمقاومة الخفية، وجسرا للتعبير عن الذات والدفاع عنها وحمايتها.

وقد تراكمت عبر العصور كميات هائلة من كتب المقاتل والسير وأدبيات الطف ودواوين المراثي، في الفصحى والعامية، منذ تراجيديا كربلاء، ومازال حضورها مستمرا، مشحونا بمزيج من اللوعة واليأس والأمل.

ومع مرور أربعة عشر قرنا على تراجيديا كربلاء، مازال المسلمون يحتفلون بذكراها الأليمة كل عام، فالعود إلى كربلاء هو العود إلى النبع الثوري، والألم المعطاء، وإلى شمس كربلاء التي تنير دروب المقهورين وسماواتهم المعتمة... رسالة حية، وشعلة وهّاجة في وجدانهم.

يظهر التعبير عن أشكال الرفض والاحتجاج بصورة مباشرة وغير مباشرة، وفي كثير من المناسبات الوطنية والدينية والشعبية، وخصوصا خلال الاحتفالات بذكرى استشهاد الحسين (ع)، إذ تتحول مواكب العزاء، في أحيان كثيرة إلى فرص مناسبة لعرض حال التذمر والغضب الخفية، وخصوصا حين تكون هناك فسحة من الحرية، ينفذ منها الخطباء والشعراء لنقد النظام القائم والأوضاع الاجتماعية السيئة.

وغالبا ما يتم نقد النظام من خلال مقارنة استبداد رموزه باستبداد معاوية بن أبي سفيان وابنه يزيد، قاتل الإمام الحسين(ع).

وفي الوقت الذي يتحول فيه يزيد بن معاوية الى نموذج للظلم والاستبداد، يكون الحسين(ع)، من الجهة الأخرى، نموذجا مثالا للرفض والثورة على الظلم والاستشهاد في سبيل الحق.

وبهذا يصبح العزاء الحسيني، إلى جانب وظائفه وأهدافه الأخرى، وسيلة من وسائل التعبير عن الصراع الخفي مع النظام القائم ومقارنته في الوقت ذاته بشكل صريح أو رمزي

العدد 186 - الإثنين 10 مارس 2003م الموافق 06 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً