العدد 196 - الخميس 20 مارس 2003م الموافق 16 محرم 1424هـ

مستقبل الديمقراطية في الخليج مرهون بسلسلة من الإصلاحات

ندوة جمعية العمل استشرفت الحلول

خيمت عبارات التشاؤم على أجواء ندوة «مستقبل الديمقراطية في الخليج في ظلال الحرب» التي نظمتها ليل أمس الأول جمعية العمل الوطني الديمقراطي، وانتدى فيها عضوا الجمعية علي صالح وعبدالله جناحي، إذ قال صالح: «ما يريده المطالبون بالديمقراطية في دول الخليج يتناقض مع ما تريده الولايات المتحدة وبريطانيا من هيمنة»، وان الديمقراطية «ستتدهور في ظل الحرب»، في حين ركز جناحي على أهم معوقات الإصلاح السياسي في المملكة العربية السعودية واستخلص منها أن أسبابا تعوق انطلاق المشروعات الديمقراطية.

وتساءل صالح في بدء حديثه «هل ستأتي الحرب بالديمقراطية وتعززها؟»، وأجاب بأن أكثر الآراء كانت تقول إن أميركا وبريطانيا لا تسعيان الى تثبيت الديمقراطية بل إن مصالحهما «تتعارض مع ما يطالب به المطالبون بالديمقراطية في الخليج» وأضاف «الديمقراطية ستتدهور في الحرب لأن هناك الكثير ممن لا يحبون الديمقراطية، كالأنظمة السياسية وكذلك الدول الاستعمارية فهناك توافق بين هذين الطرفين ضد الديمقراطية».

وتساءل مجددا «إلى أي مدى نحن بحاجة الى تعزيز الديمقراطية في المنطقة؟» وتناول في إجابته على هذا التساؤل بأن دول الخليج ضعيفة من جميع النواحي بما فيها الجانب الاقتصادي، إذ أن هناك عجزا في موازنات هذه الدول إضافة إلى وجود خلل سكاني فيها إذ يفوق عدد الأجانب المواطنين، مؤكدا الحاجة القصوى لدول الخليج الى الديمقراطية لتفادي الخلل.

وتطرق صالح بعد ذلك الى جذور نشوء المطالبة بالديمقراطية في الخليج إذ كانت البحرين والكويت سباقتين في هذا المجال، واعتبر صالح أن التجربة الكويتية ـ التي حُلَّت خلالها خمسة مجالس برلمانية ـ هي الأقوى على رغم المؤاخذات الكثيرة عليها، والتي من أبرزها أن التجربة غير مرتبطة بوعي شعبي ديمقراطي، بل ان الحس القبلي هو الأقوى.

وقال صالح ان الديمقراطية الكويتية تمر بمرحلة الهرم وتحتاج إلى التجديد كما يرى بعض المحللين، واستعرض صالح التجربة العمانية والتي بدأت في العام 1990، إذ يختار السلطان اثنين من المترشحين الأربعة من كل ولاية ليكونا في مجلس الشورى، ثم تطورت الأمور بعد أربع سنوات إذ صارت كل ولاية ترشح عددا من المترشحين حسب النسبة السكانية فيها، فكل ولاية يوجد فيها ثلاثون ألف نسمة تقدم أربعة مترشحين، وإذا كان عدد سكانها أقل ترشح اثنين.

وهكذا تتدرج التجربة لتصل إلى المرحلة الرابعة في أكتوبر/تشرين الأول المقبل إذ سينتخب مواطنو سلطنة عمان مجلسا يضم 83 عضوا منتخبا انتخابا حرا مباشرا وسيكون بجانب هذا المجلس مجلس معين لكنه لن يجتمع بشكل دائم وفي أية قضية مع المجلس المنتخب بل سيجتمع المجلسان حال رأى السلطان ذلك، قائلا: «إن تجربتهم ستصبح أفضل من تجربتنا في البحرين».

وقال عن التجربة القطرية: «وفي قطر أقر أخيرا دستور جديد يتيح إنشاء مجلس ثلثه معين وثلثاه منتخبين أما دولة الإمارات فدستورها مؤقت إلى الآن ويوجد لديهم مجلس شكلي معين».

وحدد صالح معوقات الديمقراطية في المنطقة بغياب حرية التعبير ووجود آلية الضبط السلطوي وتعني إعطاء الأموال للناس لكي تسكت ولا تطالب بشيء، ومن المعوقات غياب مؤسسات المجتمعي المدني أو عدم تفعيلها، إضافة الى غياب الأحزاب وتشتت عمل المطالبين بالديمقراطية في الخليج، وأكد أن المطلوب هو تبني حركة ديمقراطية أو منتدى ديموقراطي كما اقترح علي الكواري.

«الشقيقة الكبرى ومعوقات الإصلاح»

ومن جهته، ركز جناحي في ورقته على المملكة العربية السعودية ومعوقات الإصلاح فيها والتي حددها بالمقومات الراهنة للبنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية في السعودية، مشيرا إلى أن إزالة هذه المعوقات سيمهد لتأسيس مشروع إصلاحي هناك، وان المشروع الأميركي للإصلاح الديمقراطي في المنطقة إذا لم يزل هذه المعوقات فلن يكون المشروع المقبل إلا في صالح المصالح الأميركية.

وقال جناحي: «إن مقولات الإصلاح في السعودية بدأت مع تداعيات حرب الخليج الثانية فبدأت حركات متواضعة لكنها مؤثرة كمطالبة 47 امرأة بحق سياقة السيارات عبر قيادتهن للسيارت في الرياض لكن هذه الحركة واجهت معارضة قوية من التيار السلفي، وكذلك طالب بعض المثقفين بإصلاح سياسي جزئي عبر تقديم عرائض وجاءت عودة المنفيين الثانية خطوة متميزة».

وأضاف «بعد حوادث 11 سبتمبر/أيلول، ومشاركة عدد كبير من السعوديين فيها تعرضت المملكة لحملات كبيرة وتم على إثرها تنفيذ عدد الإجراءات كدمج المؤسسة التعليمية للبنات مع البنين وتشكيل لجان عمالية واستقبال المملكة لوفود من منظمة العمل الدولية ومسئولين من منظمة «هيومن رايتس واتش» والتطور الأهم هو استقبال ولي العهد السعودي لمجموعة من المفكرين السعوديين وتلقيه وثيقة حملت رؤاهم التي دعت إلى ضمان الحقوق العامة والأساسية للمواطن ودعت إلى المزيد من التسامح المذهبي».

وعن معوقات تحقيق الرؤى التي تقدم بها المثقفون أشار إلى أنها كانت ضد الاقتصاد الريعي، على رغم تنفيذ السعودية ست خطط خمسية للتنمية، فإن نتائج الخطط أفرزت زيادة في العجوزات في الموازنة العامة، وبروز ظاهرة البطالة، وهذا دليل على عدم نجاح استراتيجية الاقتصاد الريعي.

ومن المعوقات عدم وجود مؤسسات مجتمع مدني ضاغطة واستمرار البنية القبلية والعشائرية في تأثيراتها، مع ضعف المعارضة السياسية ومراهنة الشخصيات الوطنية على الضغوط الأميركية التي لن تحقق المطلوب وحدها، «وعليه أعتقد بضرورة وجود قوى ضغط سلمية وعلنية ذات مطالب إصلاحية».

وأكد جناحي أن التحولات المحيطة بالسعودية تشكل عوامل ضغط خارجية، وخصوصا بعد 11 سبتمبر، وكذلك التحولات في الجمهورية الإسلامية في إيران نحو تداول السلطة ولو بين الإسلاميين فقط، ومشاركة المرأة هناك بفعالية اجتماعيا وسياسيا، والتحسينات في سورية والإصلاحات في دول الخليج وخصوصا في البحرين، «كل هذا له صداه المباشر على دول الجوار».

واختتم بالقول: «الخلاصة أن المعوقات المذكورة تمنع من سلاسة تنفيذ الإصلاح السياسي في السعودية والتحولات الدراماتيكية المتوقعة في العراق والسعودية كلها مؤشرات إلى أن الحراب الأميركية التي تحاول الإدارة الأميركية غرسها في الجسد السعودي أو الخليجي أو العربي بهدف استيقاظ الديمقراطية في هذه المنطقة، مصيرها فتح باب جهنم وفوضى لا يمكن تصور نتائجها الخطيرة على السيادة الوطنية أو استقلالية قدراتنا الاقتصادية وبالأخص ثرواتنا النفطية»

العدد 196 - الخميس 20 مارس 2003م الموافق 16 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً