عمود «وخزٌ... آت»... غاب باختيار من أسماه... ورجع بإرادة من اختار ذلك الغياب المفاجئ له... وكم كنت وكان البعض الصادق من عشاق الصراحة... الخالصة... ألوم ويغرقونني بذلك العتاب الممزوج بروح اللوم المعشق بالصدق.
عدت أو إن صح التعبير عاد غائبكم الداعين له بالعودة... ولكن رجوعه هذا كان جوازه الخوف... وأمتعته التردد... لماذا؟ هناك عدة أسباب وأهمها... بأن المرسى هذا غيَّر ميناءه الأصلي الذي ترعرع فيه... والفكر المخاطب والمشارك غير ذلك الفكر الذي طال التسامر معه... تربته صعبة ويصعب التعامل معها... من دون التأقلم مع مناخها المتسبب في عمقها ذاك... لقد راهنت على هذا الفكر وعلى تألقه ورهاني كان معززا بقناعة قديمة فقلت: إنه أحد غصون شجرة الإبداع خليجيا، فكان كما قلت... وجاء ليزرع بذوره هنا... حسّه... فلسفته... عمقه... مخزونه الإبداعي، وأصبح هكذا لأسباب كثيرة وأعظمها بأنه ترعرع مبدعا بعيدا عن تلوثات هذه «القزمة» التي تسمى «ساحة»... هنا كتب على آخر رياحينه «جواشن» الذي من المفترض أن يكون «هطول إلى الأعلى»... ولكن لغرابة الاسمين تلخبط الطبّاع فيما بينهما، كتب جمعية الشعر... صباح الملاحظات... فكم هي جميلة تلك الملاحظات وكم هو جميل حبّه... والأكثر جمالا هو هدوءه وهو ينثر جمراته على زوايا ذلك التمثال الجليدي.
يسعدني في أولى إطلالات الغائب أن أسايره في الترتيب... ومحاولتي أن تكون فكرا أيضا... فقد قال في أولى ملاحظاته: «إن الجمعية بحاجة إلى الدعوة إلى اجتماع مفتوح»... قصده «إدارة الجمعية»... ولقاءاتها اجتماعات مفتوحة، فإن كنت لا تعلم... فها أنت علمت، لقد حاولت سابقا ولأكثر من مرة دعوتك إلى الحضور إلى مبنى الجمعية ولم أوفق، كنت أتمنى لو حضرت لمرة واحدة لكي ترى من هم الحضور ومن هم الشعراء الموجودون دائما في اللقاء الأسبوعي «وكم عددهم»... قلت ذات هم: إن الإدارة الحالية التي عهدت على نفسها عدم التغيير مبتدئا بأعضائها إلى آخر درجة في التغيير... إنها لا مهمها من هم الحضور بقدر ما يهمها عدد الحضور... بمعنى آخر لو غاب المواظبون على الحضور حاليا وأكثرهم من الاشقاء العرب الذين اكتسبوا جنسية المملكة... وحضر آخرون ولو كانوا من غير الناطقين بالعربية لكفى... يريدونها ألا تغلق وكفى، كما تعلم... كم حاولت هذه الإدارة إنجاح مشروعاتها ولكن لا أمل في ذلك.. وهذا يرجع إلى الأساس الهش المبني على المصالح الذاتية المتخفية تحت مسمى «الحفاظ على التراث» وما هم سوى معاول لهدم الباقي مما يزعمون الحفاظ عليه. الملاحظة الثانية: قلت ضرورة القيام بالتنسيق بين الجمعية والصفحات المهتمة بالشعر... أي تنسيق ذلك المرجو من بين «أصل... وصورة»... هناك موضع الألم... هنا عمق المشكلة التي لا يمكن الفكاك منها إلا بنهاية المبتلى بها... كيف وأين ومتى يتم ذلك؟... مادامت تلك الصفحتان العتيدتان تحت إشراف النصف «الأهم» في إدارة الجمعية المخاطبة... فمن المؤكد في مثل تلك الحالة أن تصبح الصفحتان صوت الجمعية الذي يسايره صداه «في كل حركة».
فهل بإمكان أيّا كان أن يتجرأ ويرسل موضوعا يمس تلك «العفيفة» بأي سوء، ولو حصل وأرسل أحدهم فمن المستحيل أن يلاقي ما يتمناه... لأنها كلمة وتقال أكثر من مرة وفي أكثر من موقف... وقائلها أحد معدي إحدى تلك الصفحتين... لا يمكن أن أنشر شيئا يسيء إلى الجمعية، والمعد الآخر عندما يتكلم عن الصفحة المسئول عنها كأنه يتكلم عن شيء من أملاكه ولا يمكن التنازل عنه... يا أخي أثبت وجودك بابتعادك عن هذه الغايات السطحية... وحاول التغيير الذي لا يمكن أن يطرأ على اسلوبك وفكرك الذي عششت فيه وعليه الرتابة. الملاحظة الرابعة: نعم... لقد تعديت الملاحظة الثالثة وبقصد... جاريا بلهفة إلى الرابعة تلك العزيزة... يا عزيزي... يقول صديقي العربي الذي لم يتبحرن إلى الآن: عيب العرب ما يقولوا كذا... لقد أصبت وبقصد منك وإن كانت من غير قصد، كنت أفتكرك غائبا ولكنك مغرق بالحضور... هذه يا عزيزي لب ملاحظاتك، ومن الأشياء التي يخشون أن تذكر أبدا أن هناك في الداخل أمورا فظيعة تتعلق بعملية التمويل الداخلي للجان العاملة وكيفية توافر الموازنة على رغم وجودها كما ذكرت... فالحرص والأمانة يصلان إلى أعلى مستوياتهما في الجمعية، أنا لا أعلم بأنها تدعم ولكنني أعلم بأن الاستفادة من ذلك الدعم والتحريك لأي نشاط أو أي عمل تنوي أية لجنة أن تقوم به ولو كان مصروفه عشرون دينارا تكون بعد ذلك الطلب اجتماعات وبعد ذلك يقرر صرف المبلغ... أو النظر في أمور أخرى لتوفيره... وهذا طبعا يعد حرصا وقوة إدارة... لا شك! الملاحظة الخامسة: كان سببه ضعف في اللجان السابقة وخصوصا اللجنة قبل الأخيرة... فلقد أخفقت إخفاقا ذريعا بسبب عدم تمكن أعضائها من إدارتها وعلى رأسهم «مشرف اللجنة»... عزيزي حبذا لو تكرمت واطلعت على أسماء أعضاء اللجنة الجديدة ومتابعة أعمالها باعتبارها لجنة اختيرت لحصد النجاحات... الملاحظة السادسة: هناك دورة رمضانية سداسية في كرة القدم تقدمها الجمعية دعما منها للرياضة... اقترحنا عليهم الاستفادة من ذلك المبلغ المرصود لذلك في أعمال خيرية أو عمل مسابقة ثقافية سنوية على مستوى كبير ولكنهم أكبر من تلك الاقتراحات ويعتبرونها... أي الاقتراحات والملاحظات... «مهاترات» ولا يمكن لتلك المهاترات أن تثنيهم عن الوصول وتحقيق مصالحهم الشخصية..
العدد 196 - الخميس 20 مارس 2003م الموافق 16 محرم 1424هـ