العدد 198 - السبت 22 مارس 2003م الموافق 18 محرم 1424هـ

سلمى حايك: تصبح جادة في فيلم فريدا

كان الوقت فيما بعد الظهر في أحد أجنحة فندق الدورشستر وكانت سلمى حايك في كامل حيويتها تصف أحد أفضل اللوحات التي تعجبها من رسومات فريدا كالو. وهي اجتماعية وتتحدث بسرعة، كانت تجلس وهي معقوفة القدمين، ترتشف الكولا وتدخن، ولم تمدح اي من اللوحات البسيطة التي رسمت فيها فريدا نفسها وهي تحدق بتعبير مرير وعلى جبينها ترتسم صورة زوجها غير المخلص دييغو ريفييرا، وكان الموضوع الذي تود التحدث عنه هو انتحار دوروثي هيل. كانت هذه صورة كلفتها بها كلير لوس ناشرة كتاب «Vanity Fair» في العام 1938. كانت لوس تأمل في الحصول على لوحة تقليدية لهيل وهي ممثلة وصديقة للوس انتحرت أخيرا بالقفز من نافذة شقتها التي تقع في طابق علوي، ولكن ما حصلت عليه لم يكن سوى صور مرعبة ومضحكة في الوقت ذاته لجسد يطير بين السحاب ولامرأة جميلة في فستان سهرة تسبح في بركة من الدم على الرصيف. تقول حايك: «نعم أرادت «فريدا» أن تكون مستقلة وأن تجمع بعض المال، ولكنها لم تحصل على ترضية أبدا. كان لها اسلوبها الخاص وحتى لو لم يحبه الناس لم يكن يهمها الأمر ولم تكن تحاول ان تغير اسلوبها. ان شبحها يطاردني. منذ خمس سنوات لم يكن أي أحد سيصدق ان حايك كانت قادرة على لعب دور معقد كدور فريدا، ففي منتصف ونهاية التسعينات كانت دائما تشارك في بطولة أفلام مثل ild ild est وفيلم «Fled»، وكانت الممثلة البالغة من العمر 36 عاما تعامل دائما على أنها مجرد رمز اسباني آخر للجنس - وينظر لها دائما على انها المكسيكية الغاضبة لوب فيليز في التسعينات. وتعترف بصراحة بانها كانت تمثل هذه الأفلام لتدفع ايجارها، تقول انا التزم بعملي حتى في الأفلام الغبية فعند ما أقول نعم فانني اذهب وأقدم أفضل ما لدي ولكن زملائها المكسيكيين لم يكونوا معجبين بها دائما، تقول البيديا كاريلو بطلة فيلم «TheBorder » لوني ريتشاردسون في اي فيلم تظهر تصبح دائما الفتاة المثيرة، هل هذا هو التمثيل؟ أنا لا أعتبر ذلك تمثيلا، انا أعتبر ذلك بيعا لنفسها.

لم يكن الخطأ في ان تقوم سلمى بالدور نفسه دائما خطأها بالكامل، تتساءل جولي تيمور، مخرجة فيلم (فريدا) ما الخطأ في صناعتنا بحيث تجعلنا جميعا لا نريد من هذه المرأة سوى جسدها؟ فمع النساء الجميلات لا يريد أي أحد أي شيء سوى السطح الخارجي وفيما عدا ذلك فلا رغبة لديهم في اي شيء آخر. سلمى لديها الكثير «لتقدمه اكثر مما كان الناس مستعدين لاستقباله منها. كانت بدايات عمل سلمى خاطئة، وكما أخبرت مايك فيغيز عند ما قابلها حين كان يؤلف كتابه «Projections 01» عملت هوليوود جاهدة لكي لا تسمح لي بدخولها، كان لديهم صورة محددة للمكسيكيون ولم اكن اتناسب مع تلك الصورة، المكسيكيين هم دائما أفراد عصابات، يعيشون على الخدمات الاجتماعية مع أطفالهم مذ يصبح عمرهم 15 عاما ويضعون الكثير من مساحيق التجميل وهم مبتذلون ورائحتهم كريهة. كذلك يعتقدون بأننا غير متعلمين ولا نحمل اي ادراك للموضة.

وفي ضوء هذا فان فريدا تبدو شجاعة بشكل خاص. عند ما وصلت سلمى الى لندن، كان لديها أقل من يوم لتستوعب ترشيحها لجائزة الأوسكار، تقول بخصوص ذلك في الليلة الماضية شعرت بالانهاك من شدة الفرح، لا يمر الكثير من الناس بما أمر به ـ أن أرى أفراد عائلتي يصرخون فخرا وسعادة بي ـ لا أريد أن أكون ساخرة بخصوص هذا الأمر ولكن في الوقت ذاته انا لا آخذه بجدية فحياتي لا تتعلق بالكامل بهذا الأمر. تعودت كالو ان تدعو الولايات المتحدة الأميركية «Gringolandia» أو الارض الغريب ولكن سلمى حايك أقل انعزالا من فريدا عن البلد الذي بنت فيه مهنتها اي كانت المعوقات التي وضعت في طريقها. تقول سلمى اشاركها حبها للمكسيك ولكن علي أن أقول ان الولايات المتحدة تعاملت معي بشكل جيد، لدي آراء عن كل شيء لأنني أمرأة عنيدة ولكني ممتنة للولايات المتحدة. احب المكسيك ولكن يصعب علي أن أعيش هناك، لم يكن الصحفيون والمصورون يطاردون فريدا في أيامها. ما كانت قصة حياة فريدا لتمثل أبدا من دون سلمى فلقد انتجت الفيلم وكذلك قامت ببطولته كما حصلت على حق استخدام لوحات كالو من حبيبة ريفييرا.

تقول سلمى لقد عملت على تطوير هذا العمل والتفكير فيه لسبع سنوات، لكنني كنت أحب فريدا قبل أن أعرف بأنني سأكون ممثلة. مات المشروع لدي مرات كثيرة عندما لم أشعر بوجود جميع العناصر. كانت حايك في الرابعة عشرة من عمرها عندما رأت احدى لوحات كالو لأول مرة، في البداية اثارها انغماس اللوحات في الأمور الحسية والحالة المرضية التي تسودها، تعلق سلمي انها مثل شخص يصرخ معلنا كل تفاصيله الشخصية جدا ونحن لسنا معتادين على ان يرحب بنا في مثل هذه الأماكن الحساسة، في البداية اعتقدت ان عملها كان رهيبا وشاذا جدا ودمويا وبشعا، عند ما تكون في سن الرابعة عشرة يبدو الأمر بالنسبة لك مرعبا ولكنني لم أستطع نسيان الأمر. خلال حياتها الراشدة كانت فريدا تعاني من آلام كثيرة، في العام 1925 عند ما كانت بالكاد في الثامنة عشرة من عمرها تعرضت لحادث تصادم بالباص أوشك أن يقضي على حياتها وكانت غالبا طريحة الفراش. وكما يعرض الفيلم كان عليها أن ترتدي دائما مشد غير مريح، وعلى رغم شهرتها كمتمردة فنانة وسياسية وأمرأة مثيرة، وعلى رغم علاقتها العاصفة مع ريفييرا، وعلاقاتها ورحلاتها، فان العزلة والاحباط هو ما دفعها للرسم.

وقد صرحت سلمى بلا مبالاة بأن نقل آلام فريدا على الشاشة كان أمرا سهلا ومباشرا عندما تحب شخص ما لدرجة كبيرة، يسهل عليك أن تشعر بآلامه، كان الأداء سهلا، ما كان صعبا هو الساعات الطويلة التي قضيناها في العمل لأنني كنت المنتجة أيضا. لم تود سلمى التحدث عن المشكلات في علاقة دييغو وفريدا، ومع ذلك فقد اصرت على انه لم يكن هناك غيرة وظيفية بينهما عاشت فريدا في رعايته ولكنها لم تحاول أبدا أن تصبح رسامة كبيرة، كما ان الشخص الوحيد الذي قدرها كان دييغو ـ وبفضله أصبح لديها متحف.

من الواضح ان علاقة سلمى مع الممثل ادوارد نورتن الذي لم يعترف بفضله احد ولم يدفع له احد لكتابته جزءا كبيرا من نص فيلم فريدا، أقل اضطرابا من علاقة فريدا مع دييغو وتصرح سلمى قائلة نجحنا في ذلك، نحن لا نتحدث عن العمل في حياتنا الخاصة، ولا نتحدث عن حياتنا الخاصة في العمل. وقد ترفعت كل من سلمى وجولي تايمور عن قوانين نقابة الكتاب القديمة التي انكرت فضل نورتن في فيلم فريدا، تقول حايك لدي ثقة مطلقة به ككاتب، والا لما قبلته حتى لو كان صديقي وحقيقة انه لم يعترف بفضله في الكتابة فاجأت الجميع. التسابق لعمل فيلم عن فريدا كالو مؤرخ بشكل جيد، ففي احدى المراحل كانت مادونا تحاول ان تكسب التأييد للعب دور الفنانة المكسيكية، تقول حايك عن منافستها السابقة لمرة واحدة ساعدني ذلك لأن الجميع يريدون أن يعرفوا ماذا تفعله مادونا. مع حلول العام 2000 كان هناك فيلمان عن فريدا كالو على وشك الحصول على موافقة، فيلم سلمى حايك ونص ستقوم ببطولته جنيفر لوبيز، وتعتقد تيمور أن المرأة الأنسب فازت اذ تقول سلمى تشبه فريدا أيضا بطريقة تكفي لوضع صورة سلمى لتصدق أنها فريدا، سلمى هي مزيج رائع من اللبنانية والمكسيكية، أما فريدا فقد كانت هنغارية يهودية ومكسيكية وهما متشابهتان من ناحية المظهر الجسدي، لدرجة ان سلمى ارتدت احد قمصان فريدا كالو الحقيقية. تم تصوير فيلم فريدا بموازنة متواضعة -12 مليون دولار-، طبقا لكلام تيمور التي تعتقد أن ترشيح سلمى للأوسكار لا يمكن أن يساعد الا في تحسين الأمور للممثلين الاسبان في هوليوود هناك القليل جدا من الأدوار للممثلين اللاتينيين، وهي بالكاد غير موجودة، اذا كانوا سيمثلون فانهم يلعبون أدوار خدم. في الولايات المتحدة، كان لفيلم فريدا جمهور ضخم من اللاتينيين لأنه فيلم ممتاز.

بعد الانتهاء من فيلم فريدا، قامت سلمى بالاخراج لأول مرة في فيلم The Maldonado Miracle الذي عرض للمرة الأولى في سندانس، وتصرح سلمى انا مكتفية ذاتيا، فأنا استطيع أن انتج، واستطيع ان اخرج، واستطيع أن امثل». وتعترف بأن وضعها الجديد بالتأكيد سيمكنها من أن تختار أدوارها، لا أعتقد انني سأمثل مرة أخرى فيلم مثل Wild Wild Westولكن لا تستطيع الحكم على اي فيلم حتى تراه.

خدمة الاندبندنت - خاص بـ «الوسط

العدد 198 - السبت 22 مارس 2003م الموافق 18 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً