منذ حقبة زمنية مضت، تعرضت الكعبة المشرفة لمحاولة هدم وتدمير قادها الكافر أبرهة الحبشي. وها هو بيت الله عرضة الى ما هو أشد ضراوة من ذلك، هو على موعد مع أبارهة هذا الزمان، من اعداء الاسلام والحاقدين على اتباعه، فبيت الله الحرام بالنسبة لهم، ليس سوى مأوى يضم الارهابيين تحت قبته، فإذا أراد العالم الخلاص من شر هؤلاء عليه ان يمحو هذه البقعة من على وجه الأرض، فلا يعود حينئذ للمسلمين «الارهابيين» مكان يجمعهم لتنفيذ حملاتهم الشيطانية.
هذه هي عقلية من تواءم معهم الساسة العرب، والذين من أجلهم امتصوا دماء وأنفاس شعوبهم وقدموه لهم، تعبيرا عن الولاء والطاعة.
تواتر على مسامعنا قصة أصحاب الفيل، في تجسيد حي عبّر عنه القرآن الكريم، وها نحن على موعد مع التاريخ، فإذا كان أبرهة مات فأبناؤه الابارهة في كل العصور موجودون. وهم على استعداد تام لشن هجوم على العراق ومن ثم اكتساح البيت العتيق، ولا فرق بين ما فعله الأب وما سيفعله أولياء العهد، سوى الوسيلة المستخدمة، فإذا كان ابرهة استعان بالفيلة، فإن ابارهة القرن الحادي والعشرين فرضت عليهم التكنولوجيا الحديثة، تجهيز واستخدام الاسلحة الجرثومية والصواريخ بعيدة المدى... الخ.
باع العرب فلسطين، في زمن المهاترات السياسية، وها هم يعقدون المناوشات والخزعبلات حول طاولة الاختلافات، للاتفاق على وضع السعر النهائي للعراق. وان كان اكثرهم حنكة يرى ضرورة تطبيق ما نص عليه العقد السابق، وهو ان من حق من اشترى فلسطين ان يحصل على العراق مجانا! وهو الأولى دفعا للخلاف واحتراما للمواثيق والعهود.
فما الذي لم تهبوه بعد؟ وما الذي لم نتنازل عنه؟ ماذا تبقى في جسد الأمة؟ أضعتم أعضاءه الواحد تلو الآخر، ولم يبق الا القلب ـ البيت الحرام ـ وهل سمعتم عن جسد عاش بلا قلب؟!
أقول هذا وانا ارى النكبات المتتابعة تنخر في كيان الأمة الاسلامية، ولا من مستيقظ ولا من هاب.
اللهم، وابعث في امتي من يبث همم الاستنهاض فيها، وارسل على اعدائنا اينما كانو واينما ارتحلوا وكيفما خططوا، «طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل» اللهم ولا تجعل من اوطاننا مخدعا وميدانا لكل ظافر منهم.
فاطمة جاسم
العدد 204 - الجمعة 28 مارس 2003م الموافق 24 محرم 1424هـ