العدد 210 - الخميس 03 أبريل 2003م الموافق 30 محرم 1424هـ

القانون الدولي لحقوق الإنسان: بين الخصوصية والعالمية

حقوق الإنسان كانت ولاتزال من أهم الموضوعات المطروحة على الساحة الدولية، وهناك تصارع بين الأيديولوجيات والدول بشأنها. وتنقسم حقوق الإنسان إلى قسمين رئيسيين، القسم الأول: حقوق سياسية ومدنية، والقسم الثاني حقوق اقتصادية واجتماعية وثقافية. الحقوق السياسية والمدنية تركز على حرية الإنسان في التعبير عن رأيه والمشاركة في إدارة شئون بلاده وحمايته من التعذيب والإهانة. الحقوق الاقتصادية والاجتماعية تركز على حق المجتمع في التنمية الاقتصادية والتنمية البشرية.

هناك من يطرح أن الحقوق السياسية والمدنية يجب أن تسبق التنمية الاقتصادية - الاجتماعية، بينما يطرح آخرون وجوب تقديم التنمية (الجماعية) على الحقوق (الفردية). غير أن الإعلان العالمي ينص على أن جميع هذه الحقوق مترابطة، تعتمد على بعضها الآخر، وهي غير قابلة للفصل أو التقديم أو التأخير، وأنها تدعم بعضها الآخر. بمعنى آخر فإن موقّعي الإعلان العالمي لحقوق الانسان يجب عليهم احترام جميع حقوق المواطنين، سواء كانت سياسية - مدنية أو اقتصادية - اجتماعية.

وعلى هذا الأساس فإن ادعاء دولة ما بأنها تهتم بالتنمية البشرية فقط بينما تعتقل وتعذب وتحرم مواطنيها من الحقوق السياسية والمدنية، أمر غير مقبول على الساحة الدولية. والدول التي تحتمي بالقول إن مسئولياتها تتحدد في توفير الأكل والملبس بينما تحرمهم من أمنهم الشخصي للحفاظ على أمن الدولة، إنما تقول ذلك للتهرب من مسئولياتها أو التزاماتها الدولية. ومثل هذا الحديث قد يستفاد منه في إلهاء الرأي العام - الداخلي أو الخارجي - إلا أنه لا يقدم ولا يؤخر من الأمر شيئا.

الأمر الآخر الذي تطرحه بعض الدول هو اتهام الآخرين بالتدخل في شئونها الداخلية إذا اعترض أحدهم على انتهاكات حقوق الإنسان. غير أن هذا الاعتراض ليس في محله. وهناك الآن سعي حثيث لتمكين «القانون الدولي لحقوق الإنسان» وتوفير الوسائل الدولية لتقديم شكاوى «لمحكمة دولية» ضد أي طرف، وأية دولة، وأية جهة تمارس التعذيب وإهانة الإنسان، سواء كان ذلك داخل سيادتها وأراضيها أو خارجها. والقانون الدولي لحقوق الإنسان هو مجموعة المعاهدات الدولية التي وقع عليها الكثير من دول العالم كالعهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بالإضافة إلى البروتوكولات والمعاهدات الأخرى الخاصة بمنع التعذيب والتمييز العنصري وانتهاك حقوق المرأة والطفل. المجموعة الكاملة لهذه المعاهدات والعهود والاتفاقات والبروتوكولات هي ما يطلق عليه «القانون الدولي لحقوق الإنسان».

القانون الدولي لحقوق الإنسان

الإعلان العالمي لحقوق الإنسان صدر في 1948 لتحديد المبادئ العامة التي وافقت عليها غالبية الدول الأعضاء للأمم المتحدة بعيد الحرب العالمية الثانية. والإعلان العالمي حاول عدم التدخل في تلك المفاهيم المختلف عليها وذلك للتوفيق بين الدول وأطروحاتها المختلفة. ولذلك فإن الإعلان العالمي هو ميثاق سياسي بالأساس، وليس طرحا فكريا محضا. والقول إنه سياسي بالأساس، يعني أن كثيرا من الاختلافات الفكرية أزيحت جانبا لكي لا يتعطل توقيع الإعلان. ولهذا فإن العهود والمواثيق الدولية التفصيلية تم إعدادها لاحقا لتوضيح الحقوق وما يترتب عليها. العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16 ديسمبر/ كانون الأول 1966، وبدأ تنفيذه في 23 مارس/ آذار 1976 (بعد عشر سنوات). ويركز هذا العهد على الحقوق الفردية أساسا ويلقى دعما كبيرا من الدول الغربية التي تؤمن بالحرية الفردية قبل كل شيء. كما أن العهد يحتوي على بروتوكول اختياري يسمح لإحدى لجان الأمم المتحدة بمتابعة الدول ومراقبة تنفيذها لبنود العهد. إضافة إلى ذلك فقد تم صوغ بروتوكول ثانٍ وعرض على الدول لتوقيعه وراء لحاقه بالعهد الخاص بالحقوق المدنية وهو يهدف بالأساس لإلغاء عقوبة الإعدام.

العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية صدر في الفترة نفسها ودخل حيز التنفيذ في 3 يناير/ كانون الثاني 1976 ويهتم بالحقوق الجماعية بالأساس، وهذا العهد كان يلقى دعما من الدول الشرقية أكثر من الدول الغربية. ونظرا إلى اتساع النفوذ الأوروبي والأميركي (الغربي) فإن العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أنشئت له آليات أكثر تطورا لمتابعة تنفيذ البنود الخاصة بالحقوق الفردية. غير أن مجموعة الدول الشرقية استطاعت الحصول على «إعلان عن حق التنمية» صدر بأكثرية الجمعية العامة في 1986 واعترف بحق التنمية في «إعلان فيينا 1993» باعتباره حقا أساسيا. وفي العام 1997 صوتت الجمعية العامة على اعتبار هذا الحق مكملا ومساويا للحقوق المتضمنة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين، ولذلك يعتبر جزءا من مجموعة التشريعات المكونة «للقانون الدولي لحقوق الإنسان».

القانون الدولي لحقوق الإنسان، إذن يضم الإعلان العالمي والعهدين الدوليين والبروتوكولات الملحقة، بالإضافة إلى الاتفاقات التفصيلية الأخرى التي أنشئت بسبب أهميتها. ومن هذه الاتفاقات: اتفاق مناهضة التعذيب، واتفاق حماية الطفل، واتفاق منع التمييز ضد المرأة، واتفاق منع التمييز العنصري.

السعي الحثيث لمنظمات حقوق الإنسان والناشطين الدوليين يتركز حاليا على دعوة جميع الدول الأعضاء الى توقيع جميع هذه العهود والبروتوكولات والاتفاقات. والتوقيع عادة ينقسم إلى قسمين: قسم يلزم الدولة العضو بالالتزام بصورة ذاتية بهذه المواثيق. أما القسم الثاني فينص على سماح تلك الدولة العضو لإحدى لجان الأمم المتحدة بمتابعة ومراقبة ما تقوم به تلك الدولة بشأن تنفيذ البنود الموقعة. وعلى هذا الأساس فإن هناك دولا توقع العهد ولكن لا توقع البروتوكول، أو توقع اتفاق مناهضة التعذيب ولكنها لا توقع المادة التي تسمح لإحدى لجان الأمم المتحدة بمراقبة ما تقوم به تلك الدولة.

وهناك دول تمتنع عن توقيع أية معاهدة أو على مادة من المواد بحجة معارضة ذلك البند لثقافة الدولة المعنية. وهذا ما يطرحه البعض عن الخصوصية والعالمية.

الخصوصية والعالمية

لا شك أن هناك خصوصية معينة في بعض الحالات، وهي أمور ممكن الاعتراف بها، من دون جدال. مثلا، اتفاق حقوق الطفل يتعارض مع الدين الإسلامي بشأن موضوع التبني (تبني الأطفال). وفي هذا الأمر فإن الدول الإسلامية تتحفظ على إحدى المواد الواردة بهذا الشأن، وهو أمر ليس عليه غبار ولا يمثل إشكالية حقيقية.

غير أن الموضوع الأهم هو ادعاء بعض الدول بأن مواطنيها لهم حقوق «أقل» من الآخرين لأسباب ثقافية. فادعاء أية دولة بأن الحقوق المدنية (المساواة أمام القانون) والمشاركة في الحياة السياسية العامة (انتخابات برلمانية وغيرها) أمور تتعارض مع ثقافة هذا البلد أو ذاك، يعتبر أمرا مريبا للغاية. هناك أيضا بعض الدول ممن يقول ممثلوها إن لديهم واجبات أخرى أهم من توفير الحقوق الفردية مثل حق الغذاء وحق التنمية البشرية.

هذا الادعاء باطل من الأساس لأن الحقوق الأساسية متداخلة وتدعم بعضها الآخر، ولا توجد دولة تطورت من خلال إلغاء أي من هذه الحقوق. بل على العكس فإن 20 في المئة من دول العالم هي الأكثر تطورا من ناحية اقتصادية لأنها بالأساس تضمن جميع الحقوق لمواطنيها. وعلى العكس من ذلك الدول التي تحرم مواطنيها الحقوق السياسية، فإنها تهدر اقتصاداتها في الجوانب الأمنية والعسكرية وتحرم مجتمعها من التنعم بالحقوق الفردية والجماعية. والغريب أن عددا من الدول الإسلامية تتذرع بهذا الأمر، على رغم أن وزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي وقعوا إعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام العام 1990، ودعموا الحقوق الأساسية الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من وجهة نظر إسلامية.

العالمية في حقوق الإنسان تعني أن كل شيء يمس كرامة الإنسان فإنه شأن يعم جميع بني البشر ولا يمكن لدولة أن تتذرع تحت اسم «سيادة الدولة» بممارسة الانتهاكات ضد مواطنيها. وقد ضمن هذا المفهوم في اتفاق هلسنكي لعام 1976 بين الدول الأوروبية، إذ نص اتفاق منظمة الأمن والتعاون الأوروبي على أن أي شأن من شئون حقوق الإنسان فإنه يحق للدول الأخرى أن «تتدخل» بصورة قانونية. وتم إعطاء صلاحية للمحكمة الأوروبية بالنظر في القضايا التي يرفعها مواطنو الدول الأوروبية ضد حكوماتهم واعتبرت القرارات الصادرة من المحكمة نافذة على الدول المعنية. ولهذا فإن حركة حقوق الإنسان دعمت مشروع تكوين محكمة الجنايات الدولية.

التشريعات

الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948

إعلان فيينا 1993

جميع الدول الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة يتوجب عليهم الالتزام مبدئيا بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان وإعلان فيينا. ودليل التزامهم الفعلي هو توقيعهم على (وثم اعتمادهم) العهدين والاتفاقات الحقوقية الأخرى.

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (البحرين لم توقع بعد).

العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (البحرين لم توقع بعد).

الاتفاقية الدولية لمنع جميع انواع التمييز العنصري (وقعت البحرين في العام 1990).

اتفاقية القضاء على جميع انواع التمييز ضد المرأة (وقعت البحرين في العام 2002).

اتفاق مناهضة التعذيب (وقعت البحرين في العام 1998).

اتفاقية حقوق الطفل (وقعت البحرين في العام 1992).

الاتفاقية الدولية لحماية حقوق العمال الوافدين وعوائلهم (البحرين لم توقع بعد).

اتفاقيات أخرى...

القانون الدولي لحقوق الانسان

العدد 210 - الخميس 03 أبريل 2003م الموافق 30 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً