العدد 237 - الأربعاء 30 أبريل 2003م الموافق 27 صفر 1424هـ

جورج شارباك وبرنامجه «ضع اليد في العجين»

جورج شارباك هو واحد من رجال العالم المشهورين جدا، حاز جائزة نوبل للفيزياء العام 1992. يخوض في كتابه الأخير «كن ساحرا، كن عالما» صراعا لا حد له ضد انحراف العلوم وضد المثرثرين الهامشيين وضد احادية الشكل في التفكير. صاحب ذهن حر، يعود في أصله الى عائلة بولندية، ولع بالمعرفة ووصل الى باريس في السابعة من العمر. هو اليوم باحث في الفيزياء في جنيف في المركز الأوروبي للبحث النووي. لم تجر حياته بهدوء. يعد التربية الشغل الاساسي، ويهدف برنامجه «ضع اليد في العجين» الى ايقاظ حواس التلاميذ على العلوم منذ الصفوف الصغيرة، وانطلاقا من الاختبارات. أصبح برنامج «ضع اليد في العجين» في اطار التجديد الذي تقوم به وزارة التربية الوطنية، مركز نشر الكفاءات التي يستفيد منها مجموع التعليم الابتدائي في فرنسا. ويمنح الاولوية ايضا في عمله الى تقديم تربية جيدة لجميع اطفال الكرة والى تقاسم المعرفة.

شارباك هو رجل علم مشهور جدا على الصعيد الدولي. لا يشبهه العالم المنكب على حساباته أو الهامشي الذي تجعله اختباراته ينسى أن «العلوم من دون وعي هي خراب للروح». صاحب ذهن حر، تحركه رغبة المعرفة وحب المغامرة والحلم، حائز جائزة نوبل للفيزياء، وصاحب برنامج «ضع اليد في العجين»، يخوض صراعا لا حد له ضد انحراف العلوم وضد «سذاجة الخرفان» ومن اجل تقاسم المعرفة.

منذ ولادته العام 1924 في مدينة في أوكرانيا وحتى موقعه الحالي باعتباره عالما في الفيزياء في المركز الاوروبي للبحث النووي في جنيف، مرورا بجائزة نوبل للفيزياء العام 1992، عرفت حياته الكثير من الضجيج.

في العام 1926 ذهب شارباك، مع أهله الى حيفا في فلسطين وعاش هناك عامين، وعاد الى بولندا قبل أن يصل الى باريس في السابعة من العمر. بعد دراسته الثانوية، فاز في امتحان الدخول الى مدرسة المناجم واستقبل في المركز الوطني للبحث العلمي كمتدرب في فريق فريديريك جوليو كوري، المنهمك آنذاك ببناء بطارية زوي النووية. ثم التحق العام 1959 بالمركز الاوروبي للبحث النووي وهناك وضع اللمسات الأخيرة على لاقط الجزيئات الذي كوفئ من اجله بجائزة نوبل.

توخى شارباك المعرفة دائما، يقول: «ساهم أهلي كثيرا بتعلمي اللغة الفرنسية وأعطوني حب المطالعة، وحظيت باكرا باكتشاف هوايتي للعلوم». يعد التربية شاغلا اساسيا «فكل شيء ينطلق منها وبها يتعلق مصيرنا. فهي ضرورية كمحو الأمية في المجال الأدبي. يجب محو أمية الاطفال في مجال العلوم ليدركوا ومنذ الخامسة من العمر معنى الفرضية، وكيف نجري الاختبارات». هذا هو معنى برنامجه «ضع اليد في العجين» المستورد من الولايات المتحدة والمطبق في 350 صفا في اكاديميات فرنسا الخمس. يعتمد البرنامج على مبدأ بسيط هو: لكي يكتشف التلامذة العلوم ويحبوها يحتاجون الى فعل مباشر في الواقع. وهكذا منذ الصفوف الاولى يتم التعامل مع الاطفال كباحثين، ومبدعين لمعرفتهم العلمية. يعملون ميدانيا وينجزون الاختبارات ويطورون حس الملاحظة ويجددون.

لكن لا يتم النشاط الاختباري لذاته، بل يجب ان يؤدي الى معارف. وفي هذا الصدد حددت البرامج الدراسية في الصفوف الابتدائية مجموعة من المعارف تلزم معرفتها لأنها تمثل القاعدة الاساسية قبل الوصول الى التعليم العلمي والتكنولوجي في المرحلة التكميلية. أصبح برنامج «ضع اليد في العجين» في اطار التجديد الذي تقوم به وزارة التربية الوطنية. وتجسَّدَ هذا الدعم أخيرا بظهور كتاب تحت عنوان «تعليم العلوم في المدرسة» عن منشورات وزارة التربية الوطنية وأكاديمية العلوم، سيوزع على جميع المعلمين.

كان صاحب جائزة نوبل في الفيزياء ثائرا دوما على الجهل. معارضا للاستعمال العسكري للطاقة النووية ومدافعا عن استعمال مدني متحكم به. يشير في هذا الصدد الى أن «ديمقراطية القرار ضرورية في هذا المجال». في كتابه الاخير «كن ساحرا كن عالما» يحاول، بدعوته القارئ للشك المنهجي وللتفكير، تفكيك مختلف اشكال الظلامية خصوصا طرائق المثرثرين. يقول: «تكمن المشكلة في اننا لا نبحث عن تفسير عقلاني لبعض الاسرار، وهذا مؤسف لأننا كنا أثرنا اهتمام الكثير من الناس». هدفه هو تشجيع التفكير المنهجي.

يؤمن بأن «تحسين مجتمعنا ممكن دائما وان «الإخاء يكمن في عدم التخلي عن المنسيين» والخطوة الأولى حسب مفهومه للإخاء هي تأمين التربية لجميع الاطفال على كوكبنا وتقاسم المعرفة

العدد 237 - الأربعاء 30 أبريل 2003م الموافق 27 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً