تربية الأطفال وبناء شخصيتهم تعد من المهام الأكثر صعوبة التي يخوضها الآباء والأمهات منذ اليوم الأول لقدوم الوافد الجديد، فالسنوات الثلاث الأولى من عمر أي طفل هي السنوات الفاصلة التي يتأثر فيها الطفل بمن حوله وفيها يتم توجيهه وتعديل سلوكه ولذلك نجد السؤال الملح على لسان الآباء والأمهات، كيف تتشكل شخصية هذا الصغير؟ والإجابة أن ذلك يتطلب غرس القيم الإيجابية لدى الطفل وتقويم سلوكه وعدم التفرقة في المعاملة بين الولد والبنت.
تقول أستاذ علم نفس الطفولة بجامعة عين شمس سعدية بهادر: «إن السنوات الثلاث الأولى في عمر الطفل والتي هي مرحلة ما قبل المدرسة من أهم سنوات الطفل التي يمكن فيها أن يتأثر بمن حوله وهي أهم مرحلة يمكن فيها توجيه الطفل وتعديل سلوكه لينمو شخصا سويا واجتماعيا يستطيع أن يتكيف مع المجتمع الذي يعيش فيه ويحب الناس ويتعامل معهم وبالتالي سيستمتع الناس بالتعامل معه والسعي لكسب صداقته ومودته».
وتضيف سعدية أن توجيه الطفل يتطلب غرس بعض القيم فيه مثل حب النظام والنظافة والترتيب فمثلا يتم مساعدته على أن يجمع لعبه وأشياءه في علب أو في أدراج كلما انتهى من اللعب ويحرص الأبوان بعد ذلك على أن يقوم بهذه المهمة بنفسه بعد كل مرة يلعب فيها، فلا تقوم أنت بالعمل بدلا منه فهو يستطيع القيام بهذه المهام البسيطة كما أنه سيستمتع بإنجازه الذي حققه بنفسه وسيعتاد بعد ذلك على أن يكون منظما في كل شيء في حياته حتى في كلامه وأفكاره.
وتشير سعدية إلى ضرورة تعود الطفل على المشاركة مثل مشاركة بقية الأطفال في اللعب معه بلعبه عندما يحضرون لزيارته وعليه أن يحترم الملكية الخاصة بالآخرين وأن ينتظر دوره حتى لا يشب أنانيا محبا لذاته وحتى يتعلم الصبر والتحمل وعدم الشعور بالملل سريعا، وتضيف أن على الوالدين عدم تلبية كل طلب يطلبه الطفل حتى لو كان في إمكانهما، فالطفل في هذه السن يستطيع أن يفهم جيدا الطريقة التي سيتبعها معه الوالدان فيما بعد فإذا وجد أن الصياح والبكاء والعصبية تؤدي إلى شعورهما بالانزعاج ونفاذ الصبر فيسرعان لتلبية طلباته فسيكون هذا هو أسلوبه معهما دائما، أما إذا وجد الهدوء مع شرح أسباب الامتناع عن تلبية هذا الطلب والإصرار على الموقف فيسكون أسلوبه هادئا وسيعتاد الحوار والمرونة وتبادل الآراء دون عناء، كما تطالب بعدم التفرقة في المعاملة بين الأطفال وخاصة بين الولد والبنت حتى لا يشب الولد مدللا متعاليا فلا يستطيع تحمل أية مسئولية نتيجة التدليل الزائد. ويجب أن يعتاد الطفل منذ صغره على التعبير عن رأيه بصراحة وعما يريده بوضوح فلا تتسرع بالكلام أو بالرد نيابة عنه واتركه يجيب على الأسئلة التي يوجهها إليه الضيوف والأصدقاء وذلك حتى لا يشب خائفا أو مترددا في التعبير عن رأيه.
لكل طفل شخصيته
وتنصح رئيس قسم بحوث الاتصال الجماهيري بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية نسرين البغدادي بضرورة عدم إجراء أي نوع من المقارنة بين طفلك بغيره من الأطفال، فلكل طفل شخصيته وسلوكه والأشياء التي يحبها وأخرى يكرهها أو يخاف منها، موضحة أن الخوف هو شعور طبيعي عنده وهو يجنبه مخاطر كثيرة نتيجة عدم التهور أو التسرع بشرط ألا يكون خوفه من كل شيء حتى المعتاد منها كالخوف من الحيوانات الأليفة أو العصافير مثلا، أما إذا وجد أن أسلوب طفلك مختلف عن طبيعة سنه فمثلا فهو لا يحب اللعب مع بقية الأطفال مثلا منطوٍ، عنيف، لا يتكلم، ويفضل الصمت، يخاف من الناس ويفضل الوحدة ويبكي ويصبح عصبيا وعندما يواجه أية مشكلة في هذه الحالة يمكنك أن تعرضه على طبيب متخصص لمساعدة الطفل إذا كانت هناك مشكلة بالفعل.
وتوضح «ففي هذه السن تنمو موهبة الخيال لدى الطفل وهذه الموهبة تؤدي إلى نمو روح الإبداع لديه فتظهر هذه المواهب في صور مختلفة مثل حب الرسم أو التلوين أو حب الموسيقى أو التمثيل أو الغناء وغيره، لذلك تجد الطفل كثيرا ما يحكي لك قصة على أنها واقع ولكنها من تأليف خياله فهو يتخيل أنه يلعب مع حيوانات تمشي وتتكلم معه وعادة في هذه السن لا يستطيع أن يفرق بين الخيال والحقيقة بوضوح وواجبك أن تبدأ معه بالتدرج في مساعدته على التفرقة بينهما فاستمع له وعندما يفرغ من كلامه وضح له أنك فهمته جيدا وأن هناك فرقا بين القصص التي يسمعها ويشاهدها في التلفزيون وبين قول الحقيقة عندما تطلبها منه أو عندما يوجه إليه سؤالا محددا، فمثلا إذا سألته هل تناولت فطور اليوم؟ فالإجابة تكون نعم أو لا أو ما شابه ذلك ولكن إذا قال إن الأسرة التهمت طعامه ولم يجد ما يأكله فلابد أن تشرح له أنه لا وجود لما ذكره في البيت وأنه لا يجب أن يتهرب من تناول طعامه أو من عدم قول الحقيقة إن يسرد الحكايات الخيالية وألا يتمادي الطفل في سرد القصص حتى يشعر بأنه لا يستطيع أن يقول الحقيقة أبدا وخاصة إذا كان قول الحقيقة سيؤديه أو سيؤدي إلى عقابه فيستسهل الكذب ويعتاد عليه حتى لا يشعر أنه يكذب وينبغي أن يحرص الأبوان على قول الصدق وعدم الكذب».
تبرير الأخطاء
وتوضح أستاذ علم الاجتماع بكلية التربية بجامعة عين شمس سامية خضر ضرورة تعريف الطفل بالتفرقة بين الصواب والخطأ ويجب على الوالدين عدم تبرير أخطاء الطفل، بالقول إنه صغير لا يعلم، فالطفل في هذه السن يستطيع أن يفهم جيدا، لذلك فعندما يفعل الصواب فيجب أن تشجعه وتقول له إنه تصرف بطريقة صحيحة.
والتشجيع يكون مرة بالثناء عليه وبتقبيله ومرة بإعطائه ما يحبه، أما إذا أخطأ وهو يعلم جيدا أنه مخطئ فلابد أن تعرفه أنه أخطأ ويجب ألا يفعل هذا الأمر مرة أخرى فإذا تكرر الخطأ فلابد من العقاب والعقاب لا يعنى أن تضربه أو أن تصرخ في وجهه بطريقة تخيفه بل يمكن فقط أن تقول له إنك لن تتكلم معه لأنك غاضب من تصرفه والطفل يعتبر أن عدم كلامك معه هو بمثابة عقاب كبير له وبالطبع لن يتعلم الطفل في المرات الأولى ولكن إصرارك على تنفيذ كلامك، سيعلمه أنك جاد في كلامك مع تأكيدك له أنك تحبه ولكن لا تحب أخطاءه المتكررة وستجد الطفل بعد ذلك يفكر في نتيجة تصرفاته قبل أن يفعلها.
وتقول سامية إنه من خلال فهمك لنفسية طفلك تستطيع أن تصل بحاستك إلى أفضل وسيلة للتعامل والتفاهم معه والوصول به إلى أن يكون صاحب شخصية جميلة وجذابة لا يشكو من عقد ما ولا يحقد على غيره ويمكنه أن يتعامل مع الجميع بسهولة ويحب دون تدخل منك أو احتياج لتبرير تصرفاته.
العدد 2241 - الجمعة 24 أكتوبر 2008م الموافق 23 شوال 1429هـ
ابنتي وسلبيتها مع زميلاتها وعدم الدفاع عن النفس
السلام عليكم
اود طرح مشكلة ابنتي وهي في السادسه من عمرها وعند دخولها المدرسه علمت انها لاتجيد فن الدفاع عن النفس او لاترغب وتفكر بانها اكبر منهم فلذلك لاتريد ضربهم اذا بداوا وانطوائيه ولاتحاول ان تندمج مع قريناتها وبذالك فهي تنفر من المدرسه ولاترغب بالمذاكره ولاالذهاب الي المدرسه وعندها ايضا عدم التركيز او ضعف بالحفظ مما يتعبني واتعبها نفسيا فاتمنى ان اجد ردا يطمنني على ابنتي وما علي ان افعل حتى اجعل منها طفله مرحه وقوية الشخصيه