قبل سبعة أعوام بدأ الرئيس السابق لنادي ريال مدريد الاسباني لكرة القدم فلورنتينو بيريز في تحقيق حلمه بجلب أفضل لاعبي كرة القدم في العالم إلى صفوف الفريق.
وبدأ المشروع بنجاح كبير ولكنه فقد بريقه وقوته بعد مرور هذه السنوات ووصل إلى النقطة التي تحول فيها إلى الاتجاه المضاد وهو التخلي عن هؤلاء النجوم العمالقة الذين حرص بيريز على التعاقد معهم ليفشل الفريق في الحفاظ على نجومه الكبار.
وسيكون انتقال المهاجم البرازيلي رونالدو من ريال مدريد إلى فريق ميلان الايطالي هو المسمار الأخير في نعش هذا المشروع وبالتالي يمثل نهاية لهذا الحلم.
وكان البرتغالي لويس فيغو والفرنسي زين الدين زيدان والبرازيلي رونالدو والانجليزي ديفيد بيكهام أبرز النجوم العمالقة الذين تعاقد معه بيريز ضمن مشروعه لتطعيم الفريق بأبرز النجوم في العالم والذين قدمهم بيريز إلى الجماهير ووسائل الإعلام آنذاك بقوله: «ولدوا ليلعبوا في صفوف ريال مدريد.»
وعلى رغم ذلك تسببت إخفاقات الفريق على مدار الأعوام الثلاثة الماضية وعدم تحقيق أي لقب في البطولات التي يخوضها الفريق محليا وأوروبيا في انهيار المشروع.
وبدأ الانهيار في العام 2005 عندما انتقل فيجو إلى إنتر ميلان الايطالي وتصاعدت خلال الاشهر الستة الماضية، إذ أعلن زيدان اعتزاله اللعب وقرر بيكهام الرحيل إلى نادي لوس أنجليس جالاكسي بنهاية الموسم الجاري وتردد خبر انتقال رونالدو إلى ميلان.
وظهر رونالدو في مدرجات استاد «جيوسيبي ميازا» بمدينة ميلانو الايطالية مساء الخميس الماضي، إذ جلس بجوار نائب رئيس نادي ميلان أدريانو جالياني في المقصورة لمشاهدة المباراة التي تعادل فيها ميلان 2/2 مع روما في ذهاب الدور قبل النهائي لبطولة كأس ايطاليا.
وترك بيريز نفسه النادي فجأة عندما استقال من منصبه كرئيس لريال مدريد قبل نحو عام واحد فقط.
واعترف بيريز آنذاك بأنه أفرط في تدليل نجومه، إذ كانوا على اتصال مباشر به بدرجة أكبر من علاقة المديرين الفنيين أو مديري النادي به.
والتزم اللاعبون الصمت عندما كان كل شيء على ما يرام وكانت وسائل الإعلام في العالم تطلق على لاعبي الفريق لقب «النجوم العمالقة» خلال العام الأول من عهد بيريز مع النادي والذي ضم فيه فيجو للفريق وفاز ريال مدريد بلقب الدوري الاسباني.
وفي العام التالي انضم زيدان للفريق الذي فاز ببطولة دوري أبطال أوروبا. وفي العام 2002 انضم رونالدو إلى ريال مدريد وفاز الفريق بالدوري الاسباني مجددا.
ومع انضمام بيكهام إلى صفوف ريال مدريد كان مفترضا أن تكتمل دائرة النجوم وكان مفترضا أن يضفي بيكهام على ريال مدريد علامة تجارية عالمية ليصبح النادي الاسباني منافسا خطيرا في شهرته وشعبيته على مستوى العالم للعلامات التجارية البارزة مثل كوكا كولا وماكدونالدز.
ونجح انتقال بيكهام في الترويج فعلا لريال مدريد في البداية، إذ توالت عقود الإعلانات على الفريق بشكل منقطع النظير.
وعلى رغم هذا النجاح على المستوى التجاري من حصيلة الإعلانات وبيع منتجات النادي التي تحمل اسم أو صورة بيكهام وكذلك فانلة اللاعب وغيره من نجوم الفريق «العمالقة» سقط النادي من ناحية أخرى إذ توالت الهزائم وتعرض للانتقادات اللاذعة.
وزادت الاتهامات التي وجهتها وسائل الإعلام والجماهير إلى النجوم العمالقة بالغرور و»العجرفة». وبدأ اللاعبون يتحدثون ولم يعد لديهم الشغف بلفظ «الجالاكتيكوس» أو «العمالقة».
والحقيقة أن الفكرة الأساسية التي مجدت هذا المشروع هي نفسها التي ساهمت في تدميره فالآن وعند الحديث عن «النجوم العمالقة»
في إسبانيا يكون المعنى هو الوهم والابتعاد عن الواقع.
وهذه الأجواء هي التي دمرت رونالدو الذي انتقل للفريق قادما من إنتر ميلان الايطالي العام 2002 وسط ضجة هائلة، إذ نجح رونالدو الذي لقب آنذاك «بالظاهرة» في قيادة المنتخب البرازيلي للفوز ببطولة كأس العالم 2002 في كوريا الجنوبية واليابان قبل انتقاله الى ريال مدريد.
واقترن اسم رونالدو من البداية حتى النهاية بإحراز الأهداف، إذ احتفظ المدربون به في الملعب على رغم الإصابات التي طاردته كثيرا.
وعلى رغم ذلك تغيرت نظرة بعض وسائل الإعلام ومشجعي ريال مدريد إلى رونالدو.
ومع توقف الفريق عن إحراز ألقاب البطولات تحول رونالدو من «ظاهرة» إلى «شاب بدين» ولم يستمر الحديث عن الأهداف التي أحرزها وتحول الحديث إلى زيادة وزن رونالدو التي وضعت الكثير من علامات استفهام عن مستقبله في الملاعب.
وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير هي تعاقد ريال مدريد مع المدرب الجديد الايطالي فابيو كابيللو العام 2006، إذ مارس كابيلو المزيد من الضغط على رونالدو ليدفعه إلى التخلص من الوزن الزائد ووضعه دائما على مقاعد البدلاء، إذ عاني المهاجم البرازيلي من الاضطراب بسبب الانتظار ضمن الاحتياطيين.
وتسبب عناد كابيلو في تفكير رونالدو (30 عاما) في الرحيل مجددا من إسبانيا إلى إيطاليا كما فعل العام 1997 عندما ترك فريق برشلونة لينضم إلى إنتر ميلان.
وكما سبق أن ترك رونالد برشلونة الاسباني وعاد إلى إسبانيا ضمن صفوف ريال مدريد المنافس العنيد لبرشلونة سيترك رونالدو ريال مدريد ليعود إلى إيطاليا ضمن صفوف ميلان المنافس العنيد لإنتر ميلان ليكون بذلك قد لعب لقطبي إسبانيا وقطبي إيطاليا.
وعندما غادر رونالدو العاصمة الاسبانية (مدريد) أمس (الاثنين) سيكون بذلك أغلق الباب خلفه على عصر كامل هو عصر «الجالاكتيكوس» أو النجوم العمالقة في ريال مدريد.
وينتظر أن يبدأ النادي من الموسم المقبل سياسة جديدة تعتمد على العناصر الشابة أكثر من النجوم الكبار الذين يرفض كابيللو وجودهم ضمن صفوف الفريق.
العدد 1607 - الإثنين 29 يناير 2007م الموافق 10 محرم 1428هـ