يمثل الرسم الكاريكاتوري الذي نشرته وكالة «معا» الفلسطينية للأنباء أمس الأول النظرة الفلسطينية لمبادرة السلام العربية المتجددة وردة الفعل الإسرائيلية عليها. ويمثل الكاريكاتير رجلا عربيا بلباسه التقليدي معتمرا الكوفية البيضاء وعلى أتم الاستعداد للسلام. ووقفت عدة حمامات سلام بيضاء على رأسه وكتفيه وظهره، وحمل غصن زيتون بين شفتيه وغصن آخر في منقار الحمامة، ومجموعة أغصان زيتون تحت ذراعه.
ويبدو الرجل وهو يتطلع باندهاش إلى إسرائيلي بالزي العسكري يضع نظارات سوداء - في إشارة إلى أنه لا يرى شيئا - ويدير ظهره إلى العربي. والتعليق الوارد تحت الرسم ينص «آخر عرض للسلام أيها الرجل العنيد».
وصدق القادة العرب على هذه المبادرة خلال اجتماعهم في قمة استضافتها العاصمة السعودية (الرياض) في الأسبوع الماضي. وتحدث البيان الختامي للقمة العربية عن «سلام عادل وشامل كخيار استراتيجي للأمة العربية».
وقال اسحق ريتر من قسم الدراسات الإسلامية والشرق أوسطية في الجامعة العبرية إن العرب لم يغيروا كلمة واحدة في نص المبادرة وإن النص كان نتيجة مفاوضات سابقة أجريت مع سورية ولبنان والفلسطينيين وهذا «هو الحد الأقصى الذي أمكنهم التوصل إليه». وقال مدير مركز «مساواة» الإسرائيلي - العربي جعفر فرح إن هذا النص هو القاسم المشترك الأدنى بينهم. وأشار محلل حكومي إسرائيلي إلى أن العنصر الإيجابي الوحيد في قرارات القمة العربية الحالية كان «اللهجة المعادية لإيران». ويفهم الإسرائيليون المطلب العربي لحل أزمة اللاجئين «تماشيا مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 194» الذي ينص على أن «اللاجئين الراغبين في العودة إلى منازلهم والعيش بسلام مع جيرانهم، يجب أن يسمح لهم بذلك». وبالنسبة إلى «إسرائيل»، فإن تدفق اللاجئين الفلسطينيين يعني أنها لن تعود دولة يهودية، ولهذا فهي تقول إن على اللاجئين أن يستقروا في الدولة الفلسطينية في المستقبل أو في دول أخرى مثل تلك التي يقيمون فيها منذ ما يقارب 60 عاما. غير أن داعمي المبادرة العربية يشيرون إلى أن الخطة العربية تنص على أن الحل يجب «التوافق عليه» ما يعني أنه موضوع مفاوضات. وتشعر «إسرائيل» بالقلق حيال مطلب الانسحاب إلى حدود 1967 وهذا يعني على سبيل المثال الانسحاب من القدس القديمة وإخلاء الأماكن اليهودية المقدسة الموجودة فيها.
وضخم الكاريكاتير الذي نشره الموقع الإلكتروني الفلسطيني من ردة الفعل الإسرائيلية، فـ «إسرائيل» لم تدر ظهرها للمبادرة العربية.
وقال المستشار الإعلامي لرئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت، ميري إيسين، إن الحكومة تدرس المبادرة العربية «بعمق، لترى ما إذا كان هناك أي شيء جديد فيها وستدلي بردها المفصل قريبا». وأصدرت الخارجية الإسرائيلية بيانا اقترحت فيه إجراء مباحثات إذ إن «(إسرائيل) مهتمة جديا في متابعة الحوار مع الدول العربية الراغبة في السلام، للترويج لمسيرة التطبيع والتعاون». وفي إشارة واضحة إلى مشكلة اللاجئين، من دون استخدام الكلمة، قالت «إسرائيل» إن الفكرة هي إقامة دولتين «لكل دولة أن تعالج طموحات شعبها الوطنية».
وقال ريتر إن الثقافة الدبلوماسية الإسرائيلية أظهرت على الدوام «خوفا ملازما للدخول في إطار عمل سياسي على أساس النصوص مثل المبادرة العربية للسلام. وتخشى (إسرائيل) أن تتعطل المباحثات لكن عندها، فكل نص يلزم (إسرائيل) في الجولات المقبلة». وفي جميع الأحوال فإن حكومة أولمرت تعتبر ضعيفة وتواجه بالانتقاد من قبل صقور الليكود الذين يعارضون المبادرة. والائتلاف الحكومي الذي يقوده واسع لكن وضعه غير مستقر وينتظر الجميع نتائج تحقيقات لجنة فينوغراد بشأن حرب لبنان الثانية. واقترح ريتر بالتالي الانتظار بضعة أسابيع لمعرفة كيفية تطور الأمور. ويعتقد أنه إذا لم تحدث نتائج لجنة فينوغراد تغييرات جذرية، فقد تكون مبادرة السلام دافعا مهما لأولمرت لاستعادة الثقة. غير أنه قال إن في الوقت الجاري «فإن الاعتبارات السياسية الداخلية في (إسرائيل) تمنع التقدم إلى الأمام».
العدد 1667 - الجمعة 30 مارس 2007م الموافق 11 ربيع الاول 1428هـ