العدد 2252 - الثلثاء 04 نوفمبر 2008م الموافق 05 ذي القعدة 1429هـ

مؤتمر «أخلاقنا بين النظرية والسلوك» يوصي باعتماد مقرر دراسي في المكارم الأخلاقية

دعا إلى الوقوف أمام البرامج الإعلامية اللاأخلاقية //البحرين

المنطقة الدبلوماسية - علي الموسوي 

04 نوفمبر 2008

أوصى مؤتمر أخلاقنا بين النظرية والسلوك (أسباب ومعالجة) باعتماد مقرر دراسي لكل مرحلة من مراحل التعليم، بدءا من الطفولة إلى المراهقة والرشد، يكون موضوعه «المكارم الأخلاقية»، ويعالج المؤثرات والتغيرات التي تحدث في كل مرحلة من مراحل النمو، على أن يُقدم بصورة مشوقة وجذابة لغرس هذه القيم في نفوسهم، ذلك أن الإعلام يسعى إلى خلق ظواهر اجتماعية تُغيِّر سلبيا أنماط السلوك والتفكير، ما يوجب إيجاد مؤسسات للرصد الاجتماعي ونشر الأخلاق من خلال مواد دراسية تربوية تدرب الناشئ على المكارم الأخلاقية، وتؤكد الظواهر الاجتماعية الأصيلة لدى أبناء المجتمع الإسلامي.

وأكدت توصيات المؤتمر في ختام فعالياته صباح أمس (الثلثاء)، والذي يعقد برعاية من رئيس الوزراء سمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة وتنظيم المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، الوقوف بحزم أمام البرامج الإعلامية التي تشيع الانحلال الأخلاقي، والعنف الاجتماعي، وتروج الأنماط الرديئة في الجانب السلوكي، إضافة إلى إيجاد البدائل الفنية الراقية شكلا ومضمونا، والتي تؤكد الأخلاق الإسلامية الأصيلة.

واشتملت التوصيات التي خرج بها المؤتمر على التأكد المستمر على دوافع الالتزام بالتعاليم الأخلاقية الإسلامية، سواء أكانت الدنيوية أو الأخروية، بما يرتقي بالفرد والأسرة والمجتمع والوطن والأمة، إلى جانب الحذر من الانسياق وراء الاتفاقيات الدولية وقرارات مؤتمرات السكان والمرآة، التي تهدف إلى إلحاق الأخلاق الإسلامية بمنظومة الأخلاق الغربية، وحمل المسلمين على التخلي عن قيمهم الأصيلة، وإجبارهم على التقليد الأعمى لأنماط الحياة الغربيّة، والسير وراءها شبرا بشبر وذرعا بذراع، وهذا ما حذر منه الرسول (ص).

واستعرض البيان الختامي للمؤتمر والذي ألقاه عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الشيخ عبداللطيف المحمود، نتائج الأبحاث التي قدمها 16 باحثا إسلاميا من مختلف الدول العربية، إذ أكدت النتائج أن الله تعالى خلق الإنسان وزوده بفطرة أخلاقية تساعده على التفرقة بين الخير والشر في الأفعال، والحق والباطل في الأقوال، إلى جانب أنها تعمل على تحصيل النافع للإنسان ودفع الضار عنه، يستطيع بها التمييز بين السلوك السوي والمنحرف.

وأشارت النتائج إلى أن الإسلام هو خاتم الأديان السماوية، وذلك ما يؤكد تلك الفطرة، وتربط الأخلاق بالدين، لتجعل السوية منها عبادة يتقرب بها العبد إلى ربه، إضافة إلى أن الرسول (ص) كان متمسكا بالأخلاق في أعلى مستوياتها، وذلك ما أكدته الآيات القرآنية في مختلف مواضعها.

وأوضحت التوصيات أن الأخلاق الإسلامية تتميز باهتمامها بالجانب الروحي والمادي معا، وذلك ما أعرضت عنه بقيت الحضارات التي أعرضت عن الجانب الديني، واهتمت بإشباع حاجات الجسد وأهواء النفس التي لا تقف عند حد معين، إلى أن وجد إنسان تلك الحضارات نفسه تائها ومعرّضا للأخطار المادية والنفسية.

وبيّنت نتائج المؤتمر أهم خاصية من خصائص الأخلاق الإسلامية، إذ إنها تستمد قوة الالتزام بها من قوة الإيمان بالدين، وذلك من خلال الدوافع الأخروية والدنيوية، فضلا عن كونها تعتمد في سلطتها على الرقابة الذاتية للفرد، وأنها أخلاق معيارية تدفع الإنسان للارتقاء إلى ما يجب أن يكون عليه، لا أن يجاري أخلاق مجتمعه، ذلك بالإضافة إلى أنها واقعية تراعي ما يحيط بالإنسان من ظروف وملابسات.

وأكد المؤتمر في نتائجه أهمية وضع ضوابط أخلاقية وقانونية تعالج أشكال التعبئة الطائفية، وتؤكد روح المواطنة والمسالمة والتعايش، وتروج للمثل والقيم العليا، ولابد أن تعتمد مؤشر الجودة تحت عنوان «الفضيلة» في مختلف الأنماط السلوكية الفردية والجماعية.

ونبّهت النتائج إلى ضرورة بحث أسباب ظاهرة العنوسة وغلاء المهور، وأثر ذلك على القيم الأخلاقية وإشاعة تيسير المهور، ذلك إلى جانب دعم الشباب والفتيات في زواجهم من خلال صناديق الزواج، وتشجيع حفلات الزواج الجماعية.

هذا وتناولت الجلسة الثالثة من المؤتمر محور المشكلات الأخلاقية المنتشرة في المجتمعات الإسلامية المعاصرة وسبل معالجتها، وشارك فيها عدد من الباحثين الإسلاميين من مختلف الدول الإسلامية، ورأس الجلسة الشيخ عبداللطيف المحمود.


البنّا: غلاء المهور أنقص أخلاقيات المجتمع

أكد الباحث الإسلامي محمد عبداللطيف البنا أن غلا المهور تسبب في العديد من المشاكل التي يعود صداها على انتقاص أخلاقيات المجتمع، موضحا أن الارتباط بالعالمية يولد انتقاصا في المرجعية، والاحتكار يولد الجشع والكره والحقد، وكل ذلك أخلاق مذمومة.

وذكر البنّا أن كثيرا من الشباب يعرضون عن الزواج لغلاء المهور، وذلك ما شكل بصورة تلقائية ازدياد أعداد العانسات، لافتا إلى أن القيم الأخلاقية تقتضي التيسير في المهور بأبسط الأشياء; لعفاف البنات والشباب، وذلك يتم من الدولة بتوفير فرص العمل المناسبة، وحملهم لِهّم الرسالة.

وناقش البنّا في ورقته أسباب ظاهرة الغلاء والعنوسة رابطا ذلك بالعولمة، وقدم مجموعة من الحلول المقترحة التي توفر الحماية النفسية والأمنية والاجتماعية للمجتمع.


الحمصي: إلغاء التلفاز من بيوتنا يحرمنا من إيجابيات القنوات الفضائية

قالت الباحثة الأكاديمية في مجال الفقه المقارن ومقارنة الأديان لينا الحمصي من لبنان إنه لا يجدي نفعا أن نلغي التلفاز من بيوتنا، فكل ممنوع مرغوب، وحيّل الشباب لا يمكن رصدها، إذ لا يمكن منعهم من الاستماع إلى أفكار أصدقائهم في المدرسة والنادي (...)، مؤكدة ضرورة إيجاد بدائل قوية، تجذب الناشئ إليها، وتكون كفيلة لزرع القيم والفضائل من جهة، وتعالج وتقوّم الأخطاء والمشاكل من جهة أخرى، مشيرة إلى أن إيجاد هذه البدائل فرض كفائي على الأمة الإسلامية، إن قام به البعض سقط الإثم عن الجميع، وإلا فإن الإثم يقع على الجميع.

وأكدت الحمصي في ورقتها البحثية التي عنونتها بـ «المشكلات الأخلاقية والإعلام المعاصر»، أكد أنّ «مشكلتنا في العالم العربي والإسلامي هي التحدث بكثرة في كل ما يواجهنا من مشاكل وأزمات، وقد يصل الأمر أحيانا إلى حد التخمة في ذكر التفاصيل الصغيرة والكبيرة، لكن بعد ذلك نقف ونصمت عن الكلام والفعل، ولا يهمنا البحث عن وسائل العلاج والحلول البديلة إلا ما نذر».

وأوضحت الحمصي أنه «لا يكفي أن نقول لأولادنا لا تجوز مشاهدة المسلسل التافه أو البرنامج الموبوءة، أو الفيلم الخليع، ونقول هذا غلط... هذا حرام».

وطالبت الحمصي جميع الحكام وكما أصدروا قوانين وعقوبات على من يتعدى على شبكات وخطوط الاتصال، أن يقوموا بإصدار أحكام على كل من يتعدى على الخطوط الأخلاقية وأن يحاسب ويعاقب كل من يتعدى على الأخلاق الإسلامية في القنوات الفضائية.

وقالت الحمصي: «آمل ألا يكون هذا المؤتمر كبقية المؤتمرات، أوله كلام وآخره طعام».

وحول انطباعها عن المؤتمر قالت الحمصي لـ «الوسط»: «المؤتمر يبحث في أمور تهم الأمة الإسلامية والمشكلات الأخلاقية التي تواجهها وسبل معالجتها، وليس فقط في إطار التنظير» وتابعت «نأمل ألا تبقى قرارات المؤتمر وتوصياته فقط في حيّز قاعته، وإنما تخرج لتتمثل في أطر على الواقع، من خلال المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، من خلال إسهامه في الإعلام الإسلامي وإنشاء قنوات إسلامية ملتزمة، ونشر الوعي في المدارس بين الطلبة والقائمين على هذه المدارس، ومتابعة المؤتمر بمؤتمرات أخرى تدعم الخطوات العملية التي يخرج بها».

وأكدت الحمصي أن الطرق المناسبة في تطبيق التوصيات تتمثل ورش العمل، فالمؤتمرات والندوات بحاجة إلى ورش عمل ودورات يجتمع فيها المتخصصون، الذين في أيديهم صنع القرار، هناك حاجة ملحة إلى خطوات عملية جادة وتفصيلية.

ودعت إلى إقامة مؤتمر على مستوى إسلامي عالمي يجتمع فيه المسلمون من جميع البلدان الإسلامية وحتى البلدان التي يشكل المسلمون فيها الأقلية. وأشارت الحمصي إلى أن منظمة اليونسكو تذكر أن الدول الإسلامية مهددة عن طريق خلال التلفاز في أن تنتزع قيمها الإسلامية وتفتيت الضوابط الأخلاقية الأصيلة.


مرادي: البرامج الإعلامية الهدامة سبب المشكلات الأخلاقية

أكدت الباحثة الإسلامية زهراء مرادي أن البرامج الإعلامية الهدامة تعد واحدا من أسباب المشاكل الأخلاقية التي تعاني منها الدول الإسلامية، موضحة أن تلك القنوات تعيش حالة من التخبط والفوضى الناجمتين عن عدم وجود رؤية ورسالة لديها، مبينة أن ذلك يبدو واضحا عندما ترسل رسائل متناقضة إلى القراء والمشاهدين والمستمعين.

وقالت مرادي إن تراجع دور الأسرة الأخلاقي أسهم في تلك المشكلات، إذ إن معظم المقلبين على الزواج لا يتلقون تدريبا كافيا يؤهلهم للمرحلة الجديدة من حياتهم، وبالتالي يفقد المجتمع المكتب الإرشادي في تلك الأسر، والتي تعد هي الأساس في تربية الأبناء، والمسئول الأول عن زرع القيم الأخلاقية فيهم. وذكرت مرادي أهمية التركيز على الجانب الوقائي لعلاج المشكلات الأخلاقية قبل وقوعها، والسعي لإيجاد مؤشرات وتكوين وحدات رصد يكون هدفها رصد بدايات هذه الظواهر.

وأوصت مرادي في ورقتها البحثية على إنشاء مراكز دراسات بحثية تضمّ خيرة الاختصاصيين في علم النفس والاجتماع والدين، تكون مهمّتها تسمية الأشياء بمسمّياتها بتحديد أسباب التدهور الأخلاقي واقتراح آليات علاجها.


الشوملي لـ «الوسط»: التوصيات ستكون محلّ اهتمام من جميع الجهات

أكد رئيس اللجنة التنظيمية لمؤتمر «أخلاقنا بين النظرية والسلوك» خالد الشوملي أن التوصيات التي خرج بها المؤتمر ستكون محلّ اهتمام الجهات الحكومية والمؤسسات الأهلية المعنية، لافتا إلى أن الطموح الذي يسعى إلى تحقيقه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية هو إقرار كتاب يدرّس في المدارس بمختلف مراحلها حول الأخلاق الحميدة.

وكشف الشوملي عن قيام المجلس بتشكيل لجنة تقوم بمتابعة توصيات المؤتمر، والتواصل بين الجهات المختصة عبر القنوات المتاحة في تحقيق تلك التوصيات، ولاسيما وزارة التربية والتعليم التي من اختصاصها إقرار المواد التعليمية في المدارس الحكومية. إذ من المتوقع تشكيل لجنة مشتركة بين المجلس والوزارة لإيجاد الطرق الملائمة لإقرار مادة الأخلاق.


شحاته: تربية الثقة بالنفس تجنب الانحراف السلوكي

قال الباحث في علم النفس التربوي شحاتة محروس طه إن تربية الثقة بالنفس لدى الأبناء تعد أحد الأساليب التي تقي من الوقوع في الانحرافات الأخلاقية، موضحا أن الأبناء غير الواثقين في أنفسهم يكون من السهل جدا انجرافهم إلى تيار الانحراف.

واستعرض طه الأساليب التربوية الأخرى، منها التواصل الجيد بين الآباء والأبناء، إذ إن حرص الآباء على التواصل الجيد مع الأبناء، من شأنه فتح الطريق واسعا بينهما لتداول أية آراء، أو مناقشة أية مشكلات، ومن شأنه الاستماع إلى المراهقين حتى إن كانوا يخالفونهم الرأي. إلى جانب ذلك أكد طه أن التقليل من ممارسة الضغوط النفسية على الأبناء يعد وسيلة أخرى لحفظ السلوك الجيّد لديهم، فالضغوط النفسية تدفع الإنسان إلى الشعور بالقلق والتوتر والخوف، وذلك يعتبر ممهدا للمشكلات النفسية والسلوكية، على حد قوله.

العدد 2252 - الثلثاء 04 نوفمبر 2008م الموافق 05 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً