العدد 1724 - السبت 26 مايو 2007م الموافق 09 جمادى الأولى 1428هـ

المحميد: يهاجم المطالبين بالضمانات لـ «أحكام الأسرة» والعربي: لماذا استبعد المالكيون؟

فيما أوصت حلقة الاتحاد النسائي الحوارية بفصله عن التجاذبات السياسية

هاجم قاضي المحكمة الكبرى الشرعية ياسر المحميد جميع المطالبين بوضع «ضمانات دستورية» لحماية قانون أحكام الأسرة قبل إقراره، واصفا الضمانات بـ«النكتة» التي استخدمت لفتح الباب للتعديلات الدستورية، أو التعصب المذهبي.

وأثار تصريحه ذلك عددا من الاعتراضات التي بدأها الشيخ ناجي العربي إذ سأل عن السبب في تجاهل علماء وقضاة المذهب المالكي في اللجنة التي وضعت مسودة القانون، فيما اعتبرت عضو جمعية الوفاق الوطني الإسلامية عفاف الجمري ما ذكره بشأن الضمانات اتهاما صريحا مشيرة إلى أن المشكلة تكمن في «الفوقية» التي تتعامل بها الحكومة مع معارضيها في هذا الملف.

جاء ذلك في الحلقة الحوارية التي نظمها الاتحاد النسائي صباح أمس في فندق الدبلومات مستضيفا عددا كبيرا من الشخصيات الدينية والنسائية والمهتمين بموضوع تقنين أحكام الأسرة. وخرجت الحلقة الحوارية بعدد من التوصيات؛ أهمها فصل ملف تقنين أحكام الأسرة عن التجاذبات السياسية بين المعارضة والسلطة.

وكان قاضي المحكمة الكبرى الشرعية الشيخ ياسر المحميد، قال في مداخلة له تعليقا على المطالبة بوضع ضمانة دستورية لحماية قانون أحكام الأسرة: «الضمانة الدستورية حالها كشخص يشعر بالملل وأراد أن يرفه عن نفسه بنكتة ففتح صحيفة أو تلفزيون ليضحك، أعتقد أن النقاش بشأن موضوع قانون أحكام الأسرة يجب ألا يخرج عن 3 محاور، البواعث (وهي إما إيجابية أو سلبية للقانون)، والإشكالات بشأن المنهجية والموضوعية للقانون، والحماية... إن هذا الدين الإسلامي حماه الله تعالى بنفسه ولم تتغير الشريعة عبر الأزمنة، فهل يجوز أن نضع مادة دستورية بشرية لحماية شريعة رب العالمين؟ هذه المادة الدستورية ستحتاج عندها إلى حماية، ولن ينتهي الموضوع. ثم لماذا نخشى التبديل والتغيير داخل البرلمان؟ أعتقد أن الموضوع مختلف فالمطالبون به يريدون فتح ملف التعديل الدستوري لكي يضعوا فيه ما يريدون، المعترضون على هذا القانون هم المتعصبون لمذهب معين».

تصريح المحميد أثار عددا من التحفظات لدى بعض الحضور، إذ ردت عليه عضو جمعية الوفاق الوطني الإسلامية عفاف الجمري، قائلة: «أعتقد أن القول بأن منشأ المعارضة مذهبي اتهام صريح، ولا بد أن ندرك أن للواقع السياسي إسقاطات على مختلف محاور الحياة، وأما القول بأن المطالبة بالضمانة لفتح ملف التعديلات الدستورية فهو اتهام آخر على رغم أننا لا ننكر أنه أحد الدوافع».

وأضافت «أنا أؤيد التقنين بشدة وأقف مع إشراك مؤسسات المجتمع المدني في صوغه، لكنني أقول إن الحكومة لا تبدو إيجابية في هذا الملف، فهي عندما أرادت الإصلاح جلست مع رمز المعارضة، ولو كانت الحكومة جادة الآن، فلماذا لا تجلس مع رموز المعارضة لصالح التقنين، هناك مشكلة سياسية بين الطرفين لها إسقاطات، فلماذا لا تتخلى الحكومة عن العقلية الفوقية وتبدأ في الحوار مع معارضي هذه القضية».

أما الشيخ ناجي العربي فكانت له مداخلة قوية أخرى تصب في صالح الضمانات واجه بها الشيخ المحميد، بقوله: «قضية الضمانات التي تم الحديث عنها ضرورية، أما القول بأن المجتمع هو الذي يحمي القانون فهو غير صحيح، فثوابت الدين تنتهك كل يوم في مجتمعنا من دون حسيب أو رقيب، أما عن القول بأن المعترضين على القانون متعصبون لمذهب معين، فهل يعني بذلك مذهب الإمام مالك الذي أتبعه شخصيا؟ أريد أن أؤكد أن الغرض وراء الاعتراض لم يكن العصبية المذهبية وإنما التعرف على الآلية التي سارت عليها اللجنة في وضع القانون».

مضيفا «على رغم أننا نثمن جهود اللجنة التي وضعت القانون بمذهبه السني، فإننا نسأل: لماذا تم استبعاد كل قضاة المالكية منها؟ وما الضرر في عرض ما كتبته اللجنة على غيرها من العلماء للبت فيه والنقاش؟».

وكانت الحلقة الحوارية بدأت بكلمة ألقتها رئيسة الاتحاد النسائي مريم الرويعي أكدت فيها أن المطالبة بقانون لأحكام الأسرة هو فقط اللبنة الأولى لتأسيس قاعدة قانونية مع ضرورة توافر عدد من الإجراءات، منها وجود نظام قضائي يعتمد تعيين العلماء ذوي التخصص والكفاءة، وتوفير عدد كاف من القضاة يتناسب مع عدد قضايا الأحكام الأسرية، وإصلاح محاكم التنفيذ وإيجاد المكان الملائم لانعقاد المحاكم الشرعية، وإنشاء مكاتب للتوفيق الأسري وتفعيل صندوق النفقة.

وختمت كلمتها بالقول: «من الضرورة بمكان فصل الملف عن التجاذبات والمساومات السياسية ومطالبة شيوخ وعلماء الدين من الطائفتين وممثلي الشعب بأن يولوا معاناة المرأة والأطفال وتفكك الأسرة اهتمامهم».

وفي ورقته أكد الشيخ محسن العصفور، ضرورة وجود المنظومة التشريعية القضائية المتكاملة، مشيرا إلى أن مسودات التقنين المطروحة في البحرين لا تمثل حلا حقيقيا، مؤكدا الحاجة إلى مبنى مستقل للقضاء الشرعي ومكاتب الإصلاح الأسري والاستشارات الأسرية وصندوق النفقة. غير أن ورقته لم تخفِ انتقادا لاذعا للمطالبين بتطبيق القانون؛ بقوله: إنها «تفرض استعلاء النظم الغربية على منزلة الشريعة الإسلامية، وتدعم الترويج لمزاعم تفوق نظم التشريع الغربي المدني والقضائي».

أما قاضي المحكمة الكبرى الشرعية الشيخ ياسر المحميد؛ فأكد في ورقته التي تحدث فيها عن «عمل اللجنة المكلفة إعداد قانون الأسرة البحريني» أن لجنة من أهل الاختصاص الشرعي ومن أطياف التوجهات المنهجية في البلاد تم تكوينها لمناقشة مسودة القانون، وخلصت فيه إلى أن القانون الحالي لا بأس أن يعتمد كحجر أساس على أن تقوم اللجنة المكلفة بالحذف والزيادة والتعديل، وأن القانون الحالي تعتريه بعض الإشكالات، أهمها ركاكة الصوغ القانوني والاعتماد على العبارات القانونية البحتة وتجاوز التعابير الشرعية وعدم شمولية المواد المعروضة لجميع ما تحتاج إليه الأسرة في تنظيم الزواج والطلاق، علاوة على وجود بعض المواد التي تحتاج إلى حذف، وعدم استيعاب القانون لبعض الأقوال الراجحة التي تحقق مصلحة للمتقاضين.

وأكد المحميد أن اللجنة قررت أن تقوم من خلال القانون المعروض بالتغيير والحذف والصيانة.

وكان للمحامي سامي سيادي ورقة عمل تحدث فيها عن السبب في تقنين أحكام الأسرة. وبعد أن تطرق سيادي إلى الفوائد من وراء تقنين أحكام الأسرة عرج بالحديث على موضوع الضمانات الدستورية التي تمت المطالبة بها شرطا للتقنين، وفي ذلك قال: «إن الشريعة الإسلامية المتأصلة في نفوس الآلاف المؤلفة من أبناء هذا الشعب المسلم، وبقاء الشريعة متواكبة مع العصر (...) لهي الضمانة الأمضى والأقوى من أية ضمانة دستورية».

وفي النهاية دعا سيادي إلى استمرار التداول والحوار بين الأطراف كافة من أجل الوصول إلى توافق مجتمعي مستقر وفق بعض الأفكار أو الممارسات المبتكرة في البلدان المجاورة.

وفي النهاية خرجت الحلقة الحوارية بعدد من التوصيات؛ منها ضرورة تحديد تاريخ لإصدار قانون الأحكام الأسرية بمدة زمنية مُحدّدة، ووضع خطة استراتيجية للتوعية المجتمعية بشأن أهمية تقنين أحكام الأسرة، وفصل ملف تقنين أحكام الأسرة عن التجاذبات السياسية بين المعارضة والسلطة، ونشر مركز التوفيق الأسريّ، وتفعيل الحوار بين الأطراف المُختلفة في وجهات النظر بشأن أحكام الأسرة والابتعاد عن العبارات التي تُؤدي إلى عدم الاحترام المُتبادل، إلى جانب إعادة تأهيل القضاة في المحاكم الشرعية بالنسبة إلى قوانين أحكام الأسرة، وأن يعد الاتحاد النسائيّ البحرينيّ مسودة تحوي القواسم المشتركة والنقاط المتفق عليها وتتلافى أوجه الخلاف بين مختلف الأطراف، وأخيرا إيجاد جهاز قضائيّ منتخب يقوم بدراسة المسودات والإسراع في إصدار قانون الأحكام الأسرية.

«إننا نطالب في البحرين بقانون يستمد من الشريعة الإسلامية، وفي حال اعترفنا بالسلطة التشريعية فيجب علينا أن ندرك أن قانونا من هذا النوع سيمر من خلالها، ولا بد أن ندرك أن هذه السلطة مكونة من ممثلين عن المجتمع وهم مسلمون أيضا وحريصون على الشريعة أيضاَ. من قال إن الجمعيات النسائية تشكك في أحكام الشريعة؟ نرجو ألا يتم التعامل مع المطالبين بتطبيق هذا القانون وكأنهم غير مسلمين».

عضو مجلس الشورى بهية الجشي

«من الواضح أن كثيرا من رجال الدين الخارجين عن دائرة النقاش في موضوع أحكام الأسرة لا يعطون للموضوع أهمية، فلا توجد إحصاءات مثلا تحدد حجم المشكلة ولهذا لا يشعرون بوجود ضرورة للتقنين.

أعتقد أن من الواجب إظهار القضية إعلاميا حتى نوصلها إلى العلماء ليجلسوا للتحاور بشأن الموضوع من أجل الخروج بحل.

لقد عانى القضاء الشرعي فترات طويلة من قصور في تعيين القضاة وإجراءات المحاكم، وبعد أن طرح موضوع القانون على الساحة المحلية وعرضت المسودات بدت معارضة قوية جدا وخصوصا من الجانب الديني الجعفري، إذ طالب العلماء بضمان لهذا القانون، ناهيك عن الاعتراض الموجود أصلا لدى السنة والشيعة على السواء لكون القانون لم يشبع نقاشا من قبل كثير من العلماء وكأنما فرضت اللجنة آراءها على الباقين».

عضو مجلس الشورى الشيخ عبدالرحمن عبدالسلام

«المشكلة أن القانون لا يؤسس لحالة إجماع، ولو تحدثنا عن آليات التشريع فلن يصدر تشريع لو لم يصدر إجماع وطني محصله إجماعات جزئية، ومن الواضح أنه ليس هناك إجماع على المضمون في المذهبين السني أو الجعفري معا على الموضوع.

إن عدم وجود حال من الإجماع لن ييسر للحكومة أن تقدم هذا القانون للمجلس المنتخب، فهو بحاجة إلى إجماع داخل المجلس المنتخب والمعين وخارجهما أولا، أعتقد أن من الضرورة بمكان أن يقوم الاتحاد النسائي مثلا بمحاولة خلق هذا النوع من الإجماع بين الأطراف للوصول إلى الحد الأدنى المقبول أولا، كأسلوب للوصول إلى مراحل متقدمة من الإجماع».

النائب البرلماني عبدالعزيز أبل

العدد 1724 - السبت 26 مايو 2007م الموافق 09 جمادى الأولى 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً