قالت رئيسة قسم الأمراض الوراثية بمجمع السلمانية الطبي ونائب رئيس الجمعية الأهلية لأمراض الدم الوراثية شيخة العريض إنه تم الانتهاء من فحص 6 آلاف طالب وطالبة ينتمون إلى38 مدرسة حكومية ضمن الحملة الوطنية التاسعة لفحص طلاب المدارس الحكومية لهذا العام، وأصدرت لهم جميعا بطاقة الفحص التي تبين إصابتهم بالأمراض الوراثية من عدمها.
وأضافت العريض أن هذه الحملة تنظم سنويا بالتعاون مع وزارة الصحة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ووزارة التربية والتعليم، وقد بلغ مجمع الطلاب المفحوصين من أول حملة نفذت إلى هذه الحملة حوالي 50 ألف طالب وطالبة.
وأضافت رئيسة أمراض الدم الوراثية «أجرينا دراسة عن مرض فقر الدم المنجلي بين البحرينيين في العام 1990 وبينت أن أمراض الدم الوراثية تأتي في المرتبة الثالثة من أسباب إدخال المرضى لمجمع السلمانية الطبي وتكلف الدولة موارد مالية كثيرة بالإضافة إلى المعاناة الشخصية والعائلية التي تتسبب فيها، وقد قمنا بعمل الكثير من الدراسات لمعرفة نسبة انتشار المرض بين البحرينيين ونوعيتها وخصائصها ومصادرها».
وأوضحت «كان الهدف من البحث الأول معرفة نسبة انتشار المرض في البحرين ودرسنا جميع العينات التي وصلت إلى مختبر الدم بمستشفى السلمانية الطبي لإجراء فحوصات المرض خلال ست سنوات، وضمت الدراسة أكثر من 50 ألف عينة فوجدنا أن ما يقارب من 2 في المئة من عينات المواليد إيجابية بالنسبة لمرض فقر الدم المنجلي، وأن نسبة الحاملين للمرض هي 18 في المئة فقط، وتبين أن نسبة الحاملين لمرض الألفا ثلاسيميا هي 24 في المئة، كما أنه لا توجد أعراض مرضية في الشخص الحامل لهذا المرض، وأن وجود هذا العامل الوراثي مع مرض فقر الدم المنجلي يخفف من أعراض مرض فقر الدم المنجلي، ولاحظنا أن 85 في المئة من المرضى بمرض فقر الدم المنجلي لديهم نسبة عالية من خضاب الدم الجيني أو الهيموغلوبين الذي يخفف من تركيز الهموغلوبين المريض ويخفف من أعراض المرض».
استبيان: البرد وتغير الجو المفاجئ سبب لنوبات الألم
وأوضحت العريض أنه تم توزيع استبيان للطلاب وعوائلهم على المدارس لدراسة نوعية المرض، إذ سألناهم عن مسببات نوبات الألم، فأجمع معظمهم على أنها تتمثل في البرد والتعرض للتغير المفاجئ في درجة الحرارة أو برودة المكيف إلى جانب الجو الحار الرطب إذ يزداد التعرق وكذلك الإرهاق البدني والنفسي. وسألناهم كذلك عن الأعراض فأجاب معظمهم أنها تتمثل في آلام المفاصل المختلفة وخصوصا الركب ومفاصل الرجل واليد إلى جانب آلام الصدر والبطن والمجاري البولية. أما فيما يتعلق بالأطعمة التي يعتقدون أنها تسبب الألم فأجاب 55 في المئة منهم أنها البقوليات وخصوصا الباقلاء (الفول)، وبما أنه لا توجد علاقة علمية معروفة بين الباقلاء ومرض فقر الدم المنجلي فقد يكون السبب أن هؤلاء المرضى لديهم مرض نقص الخميرة إلى جانب مرض فقر الدم المنجلي، إذ يبدأ الدم في التحلل بعد أكل الباقلاء ويتسبب هذا في بداية نوبة الألم».
43 %من الطلاب المصابين غير منتظمين دراسيا
وأضافت العريض أنه أجاب 43 في المئة من مرضى فقر الدم المنجلي بأنهم غير منتظمين في دراستهم بسبب تكرار وشدة النوبات، وأيد 70 في المئة منهم الفحص ما قبل الزواج كطريقة للوقاية من إصابة الأبناءز أما بالنسبة إلى الأطعمة التي تخفف الألم فأجاب غالبية الطلاب أنها السوائل والفاكهة والخضراوات. وعن العلاج أجابوا بأنه الراحة في السرير والتدفئة والسوائل ومسكنات الألم.
وفي دراسة أخرى لمعرفة سبب الإدخال إلى المستشفى للعلاج أشارت العريض إلى أنه وجد أن الأسباب الرئيسية هي الآلام الحادة المتواصلة إلى جانب ارتفاع درجة الحرارة والالتهابات، وخصوصا التهابات المجاري البولية والعظام وحصاة المرارة، ويشمل العلاج في المستشفى إعطاء السوائل في الوريد ومخفضات الألم والمضادات الحيوية، أما نقل الدم فيعطي في حالات خاصة فقط.
الذكور المصابون بفقر الدم الأكثر مراجعة للطوارئ
واستطردت العريض أنه في دراسة أخرى أجريت لمعرفة درجة فقر الدم عند هؤلاء المرضى «وجدنا أن معدل خضاب الدم أو الهيموغلوبين لديهم هو 10 غرامات، وهو معدل جيد إذا قورن بالمعدل نفسه في النوع الشديد من المرض الذي يساوي 7 إلى 8 غرامات، وتبين أيضا أن خصائص كريات الدم الحمراء لهؤلاء المرضى مماثلة للمرضى في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية».
وقالت إنه في دراسة أخرى لمراجعي الطوارئ بمجمع السلمانية الطبي من هؤلاء المرضى بسبب نوبات الألم وشملت العينة 200 مريض وجدنا أن نسبة الذكور أكبر من نسبة الإناث بنسبة 1:2 أي أن الذكور يعانون من المرض أكثر من الإناث وخصوصا في الفئة العمرية ما قبل العشرين عاما، ثم تبدأ نسبة الإناث في الارتفاع، كما لاحظنا أن أكثر المرضى هم من الفئة العمرية 15 إلى 30 سنة إذ إن هذه الفئة هي الأكثر نشاطا، وخصوصا أنها تمر بفترة الدراسة والامتحانات والبحث عن العمل وعدم الاستقرار النفسي والعاطفي، ولوحظ أيضا تأثير العوامل النفسية والاجتماعية والمعيشية بشكل كبير كمسبب لنوبات الألم.
59 %من مرضى «المنجلي» يحملون العامل الآسيوي للمرض
وذكرت العريض أن الجمعية أجرت دراسة عن الجينات لمعرفة العوامل الوراثية المسببة لفقر الدم المنجلي عند المرضى البحرينيين لمحاولة معرفة مصدر المرض باستعمال الإنزيمات الحيوية لعينة شملت 59 فردا من المرضى البحرينيين، إذ بينت الدراسة أن 90 في المئة منهم يحملون العامل الآسيوي للمرض الذي يعتقد أن مصدره طفرة حصلت منذ القدم في المنطقة الشرقية بالسعودية، ومنها انتشرت شرقا لتصل إلى الهند وبعض دول آسيا أثناء الفتوحات الإسلامية وكذلك عن طريق التجارة مع الهند، ووجدنا أيضا أن 2.5 في المئة يحملون العامل (بنين) وهو العامل المرتبط بالنوع الشديد من المرض، و5 في المئة يحملون العامل (بانتو).
وأفادت العريض أنه لتوضيح ذلك يجب أن أذكر أنه توجد أربعة عوامل وراثية ذات مصادر مختلفة تسبب المرض ومنها ثلاثة عوامل إفريقية هي: العامل (بنين) المنتشر في إقليم بنين في افريقيا والجزائر، وهذا العامل مرتبط بالنوع الشديد من المرض، والعامل الوراثي (بانتو) المنتشر في افريقيا الوسطى، والعامل (سنغال) وينتشر في إقليم السنغال، أما العامل الرابع فهو العامل الآسيوي ويوجد في المنطقة الشرقية من السعودية ودول آسيا.
وأشارت الى أن الدراسات السابقة أوضحت الكثير من التشابه بين المرضى في البحرين والمرضى في المنطقة الشرقية من السعودية من حيث نوعية العامل الوراثي (الجين) المنتشر ونسبة انتشار المرض ونوعيته وخصائص كريات الدم الحمراء.
5-10 % من المرضى يحتاجون إدخال للمستشفى
وقالت نائب رئيس الجمعية الأهلية لأمراض الدم الوراثية «يمكن القول إن نوع المرض المنتشر لدينا في المملكة هو النوع الخفي إلى المتوسط، والدليل على ذلك أن من5 إلى 10 من المرضى البحرينيين هم فقط من يحتاجون إلى إدخال للمستشفى سنويا، في حين أن 90 في المئة من المرضى مضت عليهم سنوات دون الحاجة إلى التردد على المستشفيات، ومن المعروف علميا أن الجين الآسيوي مرتبط بالنوع الخفيف من المرض كما أن نسبة كبيرة من المرضى لديهم نسبة عالية من الهيموغلوبين 10 غرامات الذي يعتبر معدلا جيدا بالنسبة لهذا المرض، ونسبة كبيرة أيضا من المرضى لديهم نسبة عالية من الهيموغلوبين الجيني إلى جانب العامل الوراثي لمرض الألفا ثلاسيميا وكل هذه العوامل تخفف من شدة المرض وأعراضه».
تجنب زواج اثنين حاملين «المنجلي»
وتطرقت العريض إلى إمكان تجنب إصابة الأبناء بمرض فقر الدم المنجلي من خلال تجنب زواج حامل المرض لآخر حامل للمرض لأنه مرض وراثي متنح، مشيرة إلى أنه على الحامل للعامل الوراثي لمرض فقر الدم المنجلي أن يتجنب الزواج من شخص يحمل العامل الوراثي لمرض البيتا ثلاسيميا، إذ يتفاعل المرضان لأنهما يشغلان الجين نفسه أو العامل الوراثي، ونصحت الحامل للمرض أو المريض بالزواج من شخص سليم تماما لا يحمل المرض حتى يضمن إنجاب عائلة سليمة.
يشار إلى أن فقر الدم المنجلي ينجم عن خلل في خضاب الدم الموجود في كريات الدم الحمراء، فإذا نقص الأكسجين يتغير خضاب الدم ويصبح لزجا، لتبدأ كريات الدم الحمراء في التمنجل وتأخذ شكل المنجل بدلا من الشكل الكروي العادي ما يصعّب عليها المرور في الأوعية والشعيرات الدموية الدقيقة وبالتالي يصعّب وصول الدم لبعض أجزاء الجسم، ويظهر ذلك بصورة آلام متفرقة في الجسم وينتج عن ذلك تكسر كريات الدم الحمراء وهبوط نسبة الأكسجين.
العدد 1731 - السبت 02 يونيو 2007م الموافق 16 جمادى الأولى 1428هـ