رفض برلمانيون تحميل المواطن البحريني أعباء مالية ناتجة عن توجه الحكومة لزيادة أسعار الوقود، متسائلين عما إذا كانت الحكومة بحاجة فعلية لمثل هذه الرسوم الجديدة، منوّهين إلى ضرورة مراعاة المواطنين وخصوصا ذوي الدخل المحدود منهم، وتوفير خيارات أخرى لا تفرض عليهم أعباء مالية في حال زيادة أسعار الوقود، ومن بينها توفير كوبونات البنزين أو فرض العلاوات في الرواتب.
يأتي ذلك بعد ما أكدته مصادر لـ «الوسط» عن وجود نية لرفع أسعار الوقود في المملكة بناء على توصيات ومقترحات تقدمت بها لجنة النظر في أسعار المنتجات النفطية المحلية في خطوة لترشيد استهلاك الوقود، والتقليل من الدعم الحكومي الذي يتوقع أن يتخطى 100 مليون دينار خلال العام الجاري في ظل ارتفاع اسعار النفط في الأسواق العالمية إلى مستويات قياسية.
وذكرت المصادر أن الجهات المعنية ستقوم بدراسات لمعرفة كل السيناريوهات المحتملة عند إصدار قرار رفع أسعار الوقود للتخفيف من الآثار السلبية وتعزيز الإيجابية.
وفي هذا الصدد، أكد رئيس لجنة الشئون المالية والاقتصادية في مجلس الشورى خالد المسقطي ضرورة أن يكون هناك برنامج عمل لاتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب، مشيرا إلى أن من يراجع مستجدات القرارات التي حدثت خلال العام الماضي يتبين له أنه لم يتم الأخذ في الاعتبار عدم ارتياح المواطن من قرارات فرض أو زيادة الرسوم التي لا تصب في صالح هدف تنمية مستوى معيشة المواطن.
وقال: «إن الالتزام ببنود سوق العمل وصندوق العمل، وزيادة اشتراكات التقاعد والـ1 في المئة، وطرح مسألة التأمين الصحي، كلها أمور ستخلق أعباء مالية على المواطن أرفع من مستوى المقبول. فلسنا في سوق الجملة حتى تفرض مثل هذه الزيادات في وقت واحد».
وتوقع المسقطي أن يلاقي خبر زيادة أسعار الوقود استياء شديدا في الشارع العام، وخصوصا أن المواطنين يأملون في عيش أفضل مع الطفرة في أسعار الوقود الجديدة، متسائلا: «أعتقد أن هناك حاجة لإجراء دراسات تسبق هذا النوع من القرارات. فهل الدولة بحاجة لهذه الرسوم الجديدة في ظل هذه الظروف الحالية؟».
فيما برر عضو كتلة الوفاق في مجلس النواب جاسم حسين توجه الدولة لزيادة أسعار المحروقات في البحرين لعدة أسباب، من بينها أن الأسعار لم تتغير منذ فترة طويلة، ناهيك عن ارتفاع أسعار النفط بشكل كبير في آخر أربع سنوات، ما انعكس بالتالي على سعر التجزئة.
وقال: «من حيث المبدأ ليس هناك خطأ في أن يكون هناك تعديل في الأسعار، غير أن ذلك يجب ألا يكون على حساب الناس العاديين وذوي الدخل المحدود، إذ من الممكن أن نتفهم أن يتم رفع أسعار الوقود لمالكي السيارات الفارهة، شرط أن يرافق هذه الزيادة في الأسعار البدء في توزيع كوبونات البنزين وتوفيرها لذوي الدخل المحدود، وذلك لضمان تحسين وضعهم الاجتماعي».
وأوضح حسين أن حجم الدعم الحكومي لأسعار النفط يبلغ نحو 80 مليون دينار، ما يعني أن الحكومة تخسر مبلغا كبيرا، غير أنه أكد ضرورة استمرار هذا الدعم ولكن ليس بهذه الصورة وخصوصا أن غالبية المستفيدين هم من أصحاب الدخول المرتفعة.
كما أكد ضرورة البدء بالعمل على توزيع كوبونات البنزين في حال ارتفاع أسعار الوقود، مضيفا: «الموضوع بحاجة لإعادة هندسة لأسعار المشتقات النفطية، ولكن الخطأ الجسيم فيما لو تم رفع أسعار المشتقات النفطية ولم يتم العمل بنظام الكوبونات، وخصوصا أن تجربة استقطاع الـ1 في المئة وفقا لمرسوم التأمين ضد التعطل أثبتت أن المواطن البحريني ليس بإمكانه تحمل المزيد من الأعباء المالية».
أما عضو كتلة الأصالة في مجلس النواب عيسى أبوالفتح فأكد أن فكرة زيادة أسعار الوقود تتداول لدى السلطة التنفيذية منذ فترة، مطالبا إياها في حال عزمها زيادة أسعار الوقود بإعادة توزيع إيراده على المواطنين، وبعدالة اجتماعية حتى لا تخلق هذه الزيادة انعكاسات سلبية على المواطن.
ودعا أبوالفتح إلى أن تنحو الحكومة منحى الحكومة الإماراتية التي دعمت رواتب مواطنيها حين اتخذت قرارها برفع أسعار الوقود، معتبرا أن زيادة أسعار النفط تتطلب زياد العلاوة الاجتماعية تجنبا لأية انعكاسات سلبية على المواطنين جراء زيادة الأسعار.
وقال: «إذا طرح الموضوع على البرلمان، فسنشترط ألا تكون هناك انعكاسات سلبية على المواطن، وخصوصا أن رفع الأسعار ستكون له انعكاسات سلبية في ظل تدني رواتب ذوي الدخل المحدود من المواطنين. كما أن الدولة ستكون مطالبة بإعادة توزيع هذه المبالغ التي ستوفرها، وخصوصا أن الأجانب يستحوذون على النصيب الأكبر من هذا الدعم في حين أنهم لا يستحقونه»، مطالبا بأن يقتصر الدعم على المواطن وبطريقة غير مباشرة حتى لا يكون هناك تمييز في المعاملة بين المواطن والأجنبي.
فيما أعلن عضو كتلة المنبر الاسلامي في مجلس النواب عبداللطيف الشيخ موقف كتلته المعارض لرفع زيادة أسعار الوقود في حال صحة المعلومات المترددة بهذا الشأن، وقال: «سنقف بكل ما نستطيع ضد هذا القرار، ولا ينبغي مهما كانت الظروف العالمية المحيطة بمسألة ارتفاع الأسعار أن تتخذ الحكومة مثل هذا القرار»، آملا أن يكون هناك نفي من قبل المصادر المعنية لما يتردد عن الزيادة.
وحذر الشيخ من اتخاذ مثل هذا القرار الذي سيكون كارثة على المواطن البحريني، على حد تعبيره، مشيرا إلى أنه «في الوقت الذي يطالب فيه مجلس النواب بزيادة الرواتب وتحسين مستوى معيشة المواطن تأتي الحكومة لتتخذ مثل هذا القرار»، مضيفا: «سنستخدم كل ما نستطيع لإيقاف هذا القرار. ونتمنى أن يكون هناك تحرك من كل مؤسسات المجتمع المدني لرفض مثل هذه القضية إن كان ما تردد بشأنها صحيحا».
ومن جانبه اعتبر عضو كتلة الوفاق في مجلس النواب محمد جميل الجمري أن «أي توجه نحو إزالة الدعم الحكومي لأسعار الوقود يجب أن يراعي الحال المتدنية لرواتب غالبية المواطنين البحرينيين التي تختلف عن مثيلاتها في الدول المجاورة بصورة كبيرة وواضحة».
وقال: «المسعى الحكومي يجب أن يكون الآن من أجل الإسراع في تنفيذ الوعود برفع رواتب موظفي الحكومي والتجاوب مع المساعي النيابية التي تهدف لإيجاد برامج تهدف لرفع الرواتب في القطاع الخاص بدعم من الحكومة. وما لم يتم التوجه نحو هذا الموضوع فأتصور أن ردة الفعل الشعبية ستكون أشد مما رأيناه تجاه الاستقطاع لصالح التأمين ضد التعطل».
ودعا الجمري الحكومة إلى عدم المضي في تنفيذ هذا التوجه، والتشاور مع البرلمان للتوصل إلى صيغة معقولة ومقبولة تكون ناظرة لوضع الناس المعيشي بالدرجة الأولى.
العدد 1766 - السبت 07 يوليو 2007م الموافق 21 جمادى الآخرة 1428هـ