العدد 1767 - الأحد 08 يوليو 2007م الموافق 22 جمادى الآخرة 1428هـ

عمارة 458 بالمحرق مرآة للألم والفقر في البحرين

إحدى ساكناتها طالبت بنصب خيمة في الشارع

في إحدى الزوايا بمنطقة المحرق وتحديدا في عمارة 458 تقطن عائلة بحرينية تتكون من سبعة أفراد، إلا أنها تقلصت إلى ثلاثة أفراد بسبب هجرة البعض إلى إحدى الدول الخليجية وتزوج البعض الآخر.

الساعة تشير إلى الساعة 11 صباحا، الهاتف يرن والمصور يسأل عن موقع عمارة 458، في أيِّ ناحية تقع؟ وصلت أنا قبل المصور، استضافتني امرأة في الأربعين من عمرها قبل الدخول إلى شقتها التي تقطن في العمارة المجهولة. رفعت المرأة صوتها: «أين حقوق المواطن؟».

قبل أن أدخل إلى شقتها التي وصفتها بالسجن لمن حكم عليه بالمؤبد، أخذت نظرة سريعة على العمارة المجهولة التي لم يبقَ فيها أحد سوى هذه المواطنة، استغربت من حد الفقر الذي وصلت إليه البحرين! وكيف النوافذ مكسرة والعمارة على وشك أن تسقط في أية لحظة على رؤوس المارة! إلا أنه سرعان ما استرجعت نظراتي لتقع على باب شقة المواطنة التي لا أعلم هل كانت شقة أم مجرد غرفة صغيرة مقسمة إلى أربعة أقسام.

قبل الجلوس في إحدى غرف هذه الشقة أخذت المواطنة تتحدث عن المأساة التي تعيشها في هذه الشقة التي وصفتها بالعشِّ الصغير، وأخذت تشير بيدها التي أبدت ملامح التعب واليأس إلى جميع غرف الشقة التي تكونت من مطبخ صغير وغرفة تحتوي على سرير، لا أتذكر لونه إلا أن ما جذبني هو صغر الغرفة وتراكم الأسرة على جنب، وغرفة أخرى كأنها مخزن إذ إن جميع احتياجات العائلة موجودة فيها، أما دورة المياه فكانت أشبه بالكابوس وأما الغرفة التي جلسنا فيها فكانت صغيرة مبللة بالمياه.

تقول المواطنة التي جلست معها ما يقرب 45 دقيقة: «عشنا سبعة أشخاص في هذه الشقة لمدة 17 عاما، هاجر البعض إلى الخارج لعدم وجود فرص عمل في الوقت الذي تزوج فيه البعض الآخر، أما الآن فالشقة تضمني وتضم أخي المختل عقليا وأمي المريضة».

تواصل المواطنة حديثها عن عشها الصغير وتقول: «منذ يوم الجمعة الماضي وأنا أعيش مع ضيف ثقيل وهي الرائحة الكريهة في الشقة، فالمقاول الذي يعمل هنا بدأ هدم بجنب أنابيب الماء في العمارة ما سبب تسرب الماء على الشقة فتكونت الرائحة الكريهة».

وأشارت المواطنة إلى أن «هذا الماء جعلني أنقل أمي من الشقة، فهي مصابة بالقلب والضغط والروماتيزم، أما أخي فهو مختل عقليا، لذلك فإن الشارع ملجؤه وأحيانا يعود إلى المنزل وأحيانا نقوم بنقله إلى الطب النفسي لذلك فأنا الآن وحيدة في هذا العالم الصغير».

تواصل المواطنة قولها: «إن ما يزيد المأساة التي نعيشها هو أنه ليس هناك أحد يعمل، لذلك فإن اعتمادنا على الشئون الاجتماعية التي تصرف لنا ما يقارب 50 دينارا و30 دينارا منها يذهب إلى إيجار الشقة إذ يذهب إلى وزارة الإسكان و20 دينارا تكون المصروف لباقي الشهر في الوقت الذي ينتهي فيه هذه المبلغ بسرعة بسبب صرفه على النقل العام الذي استخدمه كلما توجهت إلى المستشفى، فأنا أعاني من الضغط والسكري».

تتوقف المواطنة لحظة وتواصل حديثها عن شقتها الصغيرة فتقول: «أنا لا أطلب شيئا سوى أن تنصب لي خيمة في الشارع؛ فأنا مهددة بأن أطرد إلى الشارع، فمحامية وزارة الإسكان اتصلت قبل عدة أيام وأكدت لي أنه لا يوجد عقد بينها وبين وزارة الإسكان بشأن الشقة التي أقطن فيها حاليا، لذلك فمن الأفضل أن أخرج من الشقة في أسرع وقت ممكن».

وأشارت المواطنة إلى أن عقد الشقة مسجل باسم أخيها، إلا أنه لا يسكن حاليا معهم، مؤكدة أن المحامية أشارت إليها بأن تسكن عند أي أحد، لأن الشقة مسجلة باسم أخيها وليس باسمها، فلا علاقة لها بالإسكان وليس لها الحق بالمطالبة بشقة».

وأكدت المواطنة أنها قامت بتوجيه أكثر من رسالة إلى الجهات الرسمية ومن ضمنها رسالة وجهت إلى رئيس الوزراء ورسالة إلى وزير الإسكان ورسالة إلى الوكيل المساعد بالإسكان إلا أنه لا يوجد رد حتى الآن.

وعما إذا كان المجلس البلدي ساعدها أكدت المواطنة أن المجلس حاول مساعدتها، وقدم لها عرضا بشأن السكن في شقة لمدة ثلاثة أشهر مع دفع الإيجار، إلا أن ذلك سيكون بصورة مؤقتة فرفضت لأن العقد سيكون مؤقت.

وطالبت المواطنة بنصب لو خيمة لها في الشارع حتى تعيش كالفلسطينيين أو العراقيين المهجرين عن بلدهم.

كما أكدت أن المجلس البلدي عندما قام بزيارتها أخبرها بأنها لو كانت أجنبية ستحصل على حياة أفضل من ذلك، موضحة أنها مواطنة إلا أنها لا تحيى حياة المواطن الكريمة في الوقت الذي تؤكد فيه الجهات المعنية أن المواطن البحريني يعيش حياة الراحة والهدوء.

واستنكرت المواطنة حال الفقر التي يعيشها غالبية البحرينيين، مناشدة جلالة الملك والمجلس الأعلى للمرأة إعطائها حقوقها، إذ إنها محرومة من أبسط حقوقها وهو حق السكن، وخصوصا أن تسرب الماء إلى الشقة جعل الشقة ملاذا إلى الحشرات والبعوض وجعل الشقة غير لائقة صحيا.

العدد 1767 - الأحد 08 يوليو 2007م الموافق 22 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً