تباين أداء أسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وسط تفاوت متزايد في معدل العوائد بين الأسواق الإقليمية المختلفة. إذ استمرت السوق السعودية في أدائها المتعثر وأنهت تعاملاتها لهذا الشهر بخسائر وصلت إلى 7 في المئة لتكون بذلك الأسوأ أداء للعام 2007.
وفي الجهة المقابلة، عززت السوق الكويتية أداءها المتميز بتصدرها للائحة الأسواق الأفضل أداء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بأرباح وصلت إلى 5.6 في المئة، محققة بذلك عوائد وصلت إلى 20 في المئة منذ بداية هذا العام. بينما تراجع أداء أسواق شمال إفريقيا التي حققت في السابق عوائد إيجابية مثل مصر وتونس والمغرب إذ واجهت السوق المغربية خصوصا موجة قوية لجني الأرباح أزاحتها عن المرتبة الأولى للأسواق الأفضل أداء لتحتلها السوق الكويتية.
وتشهد منطقة الخليج العربي موجة من عمليات الخصخصة، وإصلاح السياسات المالية والإقتصادية، بالإضافة إلى المشروعات الضخمة للبنية التحتية، في إطار سعي هذه الدول لتنويع قطاعاتها الإقتصادية، التي تعتمد بشكل أساسي على النفط، وذلك بدعم من الإرتفاع غير المسبوق لأسعار النفط، ومجموع فائض الحسابات الجارية، التي من المتوقع أن تتجاوز 3 تريليون دولار أميركي. وتعد التقييمات الحالية في أسواق الخليج متوافقة مع أسعار الأسهم الحالية، وسط توقعات بارتفاع عدد من الأسهم عن هذه المستويات. بينما ستساهم النتائج المالية لمنتصف العام، مع استبعاد أية نتائج سلبية، في تعزيز التوقعات لأداء قوي في النصف الثاني من هذا العام لتؤكد نهاية فترة التراجع في الأسواق الخليجية التي استمرت لمدة 12 شهرا. وتبقى أسواق شمال إفريقيا (مصر والمغرب وتونس)، وخصوصا مصر، مشجعة إضافة إلى أنها تعد أداة مهمة لتنويع الاستثمارات بالنسبة للمستثمرين الإقليميين. وتتعرض هذه الأسواق لموجة تصحيح في المدى القريب بسبب ارتفاع هذه التقييمات، وتأثرها بصناديق الاستثمارات الأجنبية التي قد تغادر هذه الأسواق في حال حدوث تضعضع في الأسواق الناشئة عموما.
تراجع السوق السعودية
وتراجعت السوق السعودية بشكل كبير خلال الشهر، وسط انخفاض للتداولات بأكثر من النصف بسبب تحفظ المستثمرين على الاستثمار استعدادا لعمليات الاكتتاب الضخمة المتوقعة قريبا. إذ شهدت السوق عمليات إدراج ضخمة أبرزها إدراج أسهم شركة الدرع العربي للتأمين التي حققت أرباحا بنسبة 560 في المئة في اليوم الأول للتداول. بينما وصلت القيمة السوقية للشركات التسع التي تم إدارجها في النصف الأول من العام إلى 5 مليارات دولار، ما أدى، بسبب عدم وجود قاعدة أوسع للمستثمرين، إلى سحب السيولة من السوق. ويعد الأداء العام للسوق مخيبا بالنسبة للمستثمرين في ظل تواصل ارتفاع معظم الأسواق الإقليمية الأخرى في الثلاثة أشهر الماضية. ويسود شعور لدى المحللين بأن النتائج المالية المقبلة غير مشجعة، وتجمع التقديرات على نموها بنسبة 2 في المئة فقط مقارنة بالفترة نفسها في العام 2006. ونظرا للحال المتشائمة التي تشهدها السوق، فإن عددا من المفاجآت الإيجابية في النتائج المالية سيسهم في ارتفاع كبير في السوق بشكل مشابه لما شهدته السوق أخيرا مع إعلان نتائج بنك الرياض، التي فاقت التوقعات وأدت إلى عمليات شراء على أسهم قطاع المصارف خصوصا.
وفي أخبار الشركات، قامت شركة الإتصالات السعودية ب شراء حصة 25 في المئة في «ماكسيس كوميونيكيشن» الماليزية بمبلغ 11.4 مليار ريال سعودي، إذ ستمكن هذه الصفقة الشركة من الاستفادة من النمو الكبير في الأسواق الآسيوية في الهند وغيرها. إضافة إلى ذلك قد تسهم الصفقة في تغيير وجهة نظر المستثمرين بالنسبة لشركة الإتصالات السعودية كونها شركة تتمتع بنسبة نمو منخفضة. فعلى رغم ما تتمتع به الشركة من مكررات أرباح مشجعة وعائد عال للأرباح الموزعة، فإن سهم الشركة خسر ما يقارب 30 في المئة من قيمته خلال هذا العام، ليكون من بين الشركات الخليجية الأسوأ أداء لهذا العام.
قوة في مؤشرات دبي
وبعد ارتفاعها الكبير بنسبة 17 في المئة في شهر مايو/ايار، أنهت سوق دبي المالية شهر يونيو/حزيران على انخفاض بنسبة 1.5 في المئة وسط تعاملات محدودة. إذ فضل المستثمرون انتظار أخبار إضافية عن صفقة الأرض الضخمة بين شركة «إعمار» ومجموعة تابعة لحكومة دبي، إذ أثّر التأخر بنشر تفاصيل إضافية بشكل سلبي على أداء السوق. وتبقى المؤشرات الإقتصادية الأساسية لدبي والإمارات العربية العربية المتحدة قوية عموما مع نمو الناتج المحلي (بالأسعار الحالية) إلى أكثر من 20 في المئة في العام 2006 مع نمو القطاعات الإقتصادية غير النفطية بأكثر من 21 في المئة. من ناحية أخرى وصل التقدير الرسمي لنسبة التضخم في العام 2006 إلى 9.3 في المئة بالإضافة إلى 6.2 في المئة، نسبة التضخم في العام 2005.
هذا ويتابع المستثمرون باهتمام النتائج المالية وسط إجماع السوق على نموها بأكثر من 10 في المئة مقارنة بالفترة نفسها للعام 2006 ونمو طفيف عن نتائج الربع الأول للعام 2007. وتظهر المؤشرات الأولية أن الإعلان عن النتائج الإيجابية عموما بالإضافة إلى المؤشرات الإقتصادية القوية والتقييمات المعقولة ستجعل السوق من أكثر الأسواق الواعدة لهذا العام.
وتابعت السوق القطرية تعزيز أرباحها في شهر مايو لتواصل موجة الانتعاش من المستويات المتدنية التي سجلتها السوق في فبراير/شباط ومارس/آذار من هذا العام. وشهدت السوق تعاملات قليلة خلال الشهر متركزة على عدد محدد من الأسهم، بينما أسهمت موجة من التعاملات القوية أواخر الشهر في ارتفاع السوق. وعلى رغم ثقة الحكومة بتجاوز المرحلة الأصعب، ارتفعت نسبة التضخم إلى مستوى جديد وصل إلى 15 في المئة في الربع الأول من العام الجاري بسبب ارتفاع أسعار الإيجارات والبنزين والطاقة. واصلت السوق المصرية ارتفاعها لشهر يونيو بنسبة 0.5 في المئة، بينما وصلت عوائد السوق منذ بداية العام حتى اليوم إلى 12.2 في المئة. وأقرت الحكومة موازنتها لهذا العام التي وصلت إلى 48 مليار دولار، بارتفاع بلغ 28.4 في المئة عن العام الماضي، ما يؤكد التزام الحكومة بتطوير البنية التحتية، والتي شكلت أحد أهم العوامل الإيجابية بالنسبة إلى السوق. وتلقى المستثمرون بإيجابية تراجع نسبة التضخم للعام الجاري إلى 10.5 في المئة من 11.7 في المئة، ما يتماشى مع نسبة 8 في المئة التي تسعى إليها الحكومة بحلول يوليو/تموز. ومن المتوقع أن يسهم تواصل إصلاح السياسات المالية والإقتصادية وزيادة الاستثمارات والإنفاق الحكومي، إضافة إلى انخفاض نسبة عجز الموازنة، ونسب الديون وإعادة هيكلة النظام المصرفي وارتفاع فائض الحساب الجاري والزيادة القوية في تدفق رأس المال في دعم النمو الإقتصادي، بينما سيستفيد قطاع الشركات من هذه المؤشرات الإيجابية.
العدد 1768 - الإثنين 09 يوليو 2007م الموافق 23 جمادى الآخرة 1428هـ