تزاحم المؤسسات الاستثمارية الغربية والآسيوية الراغبة في الاستثمار في دول الخليج مستثمري الشرق الأوسط في سوق الصكوك الإسلامية لتقلب بذلك رأسا على عقب سوقا كانت المحرك التقليدي فيها عوامل دينية وإقليمية.
ومع تزايد مبيعات الصكوك وانخفاض العوائد أصبح مستثمرو الشرق الأوسط يحصلون على نسبة تصل إلى 20 في المئة فقط من الإصدارات الجديدة التي يتزايد حجمها وتتزايد تعقيداتها ولم تعد تلائم المصارف الاستثمارية الصغيرة في المنطقة الساعية وراء العوائد المرتفعة. وقال المدير لدى «باركليز» جان مارك لوجون: «حققت الصكوك نجاحا كبيرا جعل الكل في العالم يريدون هذا المنتج. لذلك، فالطبيعي الآن أن تبلغ نسبة التوزيع نحو 20 في المئة للشرق الأوسط و80 في المئة لغيرها». وقال بنك باركليز إنه في ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي خصص 40 في المئة فقط من إصدار مجموعة نخيل الاماراتية من الصكوك بقيمة 3.25 مليارات دولار وهو أكبر اصدار من نوعه في العالم للشرق الأوسط. وقال رئيس الوحدة الاسلامية بباركليز ارول كانداسامي: «إن المبيعات التالية شهدت تراجع نسبة التخصيص للشرق الاوسط حتى وصلت الى 20 في المئة».
وأضاف «ما هي الاستنتاجات التي يمكن ان تستخلصها من ذلك؟ أحدها أن المستثمرين يريدون الاستثمار في السندات في الشرق الأوسط». وفي الشهر الماضي حددت موانئ دبي العالمية سعر العائد على صكوكها غير القابلة للتحويل إلى أسهم والتي يبلغ أجلها 10 سنوات بواقع 115 نقطة أساس علاوة على العائد على سندات الخزانة الأميركية. وكان الشرق الأوسط مصدر ربع الحصيلة. وفي العام 2006 حددت مؤسسة الموانئ والجمارك والمنطقة الحرة في دبي وهي الشركة الأم لشركة موانئ دبي العالمية سعر العائد على اصدار بقيمة 3.5 مليارات دولار من الصكوك القابلة للتحويل إلى أسهم لأجل عامين بواقع 200 نقطة أساس علاوة على العائد المقابل على الدولار الأميركي وباعت 80 في المئة من الاصدار في الشرق الأوسط.
وفي العادة فإن العائد على السندات القابلة للتحويل الى أسهم يكون أقل من العائد على الإصدارات الأخرى.
وكان العامل الحاسم أن مؤسسة الموانئ والجمارك لم تكن حاصلة على تصنيف ائتماني قبل الاصدار. إلى ذلك، قال غيرت بوسويت من دويتشه بنك: إن «الصكوك الاسلامية كانت تسعر بسعر أعلى قليلا وكانت هناك علاوة مخاطر تدفع، لكنها اختفت». وفي البداية كان الدافع وراء الصكوك هو الطلب من جانب مسلمي العالم على الاستثمارات الاسلامية لكن مصرفيين يقولون إنها أصبحت الآن أداة استثمار تقليدية تجذب المستثمرين التقليديين من مختلف أنحاء العالم بأعداد تزيد على أعداد المستثمرين المسلمين. ويقدر المصرفيون أن قيمة مبيعات الصكوك العالمية هذا العام تتراوح بين 27 مليارا و50 مليار دولار ارتفاعا من 10.2 مليارات في العام الماضي وفقا لتقديرات مؤسسة «موديز للتصنيفات». ويتوقع المحللون أن يصل اجمالي حجم اصدارات الشركات الأوروبية هذا العام الى 150 مليار يورو (200 مليار دولار). ويقول المصرفيون إن الاهتمام الكبير من المستثمرين التقليديين أدى الى خفض كلفة الاقتراض من خلال اصدار الصكوك ما قلل اهتمام المستثمرين الاسلاميين من الشرق الاوسط. وفي الوقت نفسه تزايد سعي الشركات المصدرة للصكوك للحصول على تصنيف ائتماني قبل بيع الصكوك في خطوة تهدف الى جذب المشترين بتأكيد قدرتها على السداد. وأدى ذلك أيضا بدوره الى خفض العوائد وكان سببا مباشرا لقدرة موانئ دبي العالمية على خفض العائد على اصدارها عن اصدار مؤسسة الموانئ والجمارك. وقال رئيس قسم التوزيع في بنك اتش.اس.بي.سي، إحسان خلف: «إن تسعير العوائد أحد العوامل التي تحرك بعض المستثمرين الاسلاميين للابتعاد عن الصفقات ذات العائد المنخفض. فالحسابات (الاستثمارية) التقليدية تتطلع إلى التصنيفات الاستثمارية منخفضة المخاطر منخفضة العائد عموما». وأضاف «الآن فان المقترضين الاسلاميين... يتجهون إلى الحصول على تصنيف أولا قبل اصدار الصكوك».
ومن العوامل التي تمثل رادعا لبعض المستثمرين الاسلاميين حجم اصدار الصكوك ومدى تعقيده. فالكثير من المستثمرين المشترين من الشرق الاوسط يمثلون أنشطة صغيرة نسبيا ويفضلون شراء صكوك لشركات صغيرة يعرفونها.
العدد 1768 - الإثنين 09 يوليو 2007م الموافق 23 جمادى الآخرة 1428هـ