توقعت تقارير بشأن الإنشاءات في دول الخليج العربية وشمال إفريقيا نموّا في القطاع واستثمارات تبلغ مليارات الدولارات سيتم استثمارها في مشروعات تطوير لأراض وجزر يمكن أن يطلق عليها انفجار التشييد لجذب الاستثمارات الأجنبية إلى المنطقة.

وساهمت هذه الفورة في زيادة أسعار مواد البناء التي قفزت بنسبة 20 في المئة تقريبا خلال السنتين الماضيتين وبالتالي انعكست الزيادة على ربحية شركات التطوير والإنشاء التي توظف آلاف العمال المحليين والأجانب معظمهم من شبه القارة الهندية والفلبين.

وأشارت بعض التقديرات إلى أن منطقة الخليج يمكن أن تنفق نحو 600 مليار دولار على تطوير البنية التحتية والمشروعات العمرانية الأخرى من ضمنها نحو 20 مليار دولار في البحرين وحدها في السنوات الخمس المقبلة في فورة لم تشهدها المنطقة نتيجة صعود أسعار النفط في الأسواق العالمية إلى أكثر من 60 دولارا للبرميل الواحد.

وتقف المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في أعلى السلم إذ سيتم استثمار نحو 350 مليار دولار في الدولتين حتى العام 2010 تليهما قطر بنحو 100 مليار دولار ثم الكويت 70 مليار دولار وسلطنة عمان 25 مليار دولار. ووفقا لتقديرات سابقة فإن العراق قد يستثمر نحو 20 مليار دولار في خمس السنوات المقبلة.

وفي البحرين، وهي أقل دول الخليج العربية ثراء، يجرى إنشاء ثمانية مشروعات عملاقة تبلغ كلفتها نحو 10 مليارات دولار من ضمنها درة خليج البحرين ومرفأ البحرين المالي وجزر أمواج وبرج التجارة العالمية بالإضافة إلى الكثير من المشروعات الإسكانية، إذ تعتزم البحرين بناء أربع مدن رئيسية من ضمنها المدينة الشمالية والمدينة الجنوبية للمساهمة في حل مشكلة الإسكان في هذه الجزيرة الصغيرة.

وسببت هذه الطفرة نقصا في مواد البناء وزيادة مرتفعة في أسعار الرمل الذي يستورد معظمه من السعودية وكذلك الحديد والأسمنت وحتى الألمنيوم الذي ينتج محليا. ويتوقع أن يستمر ارتفاع أسعار المواد الرئيسية للبناء بما بين خمسة و 10 في المئة خلال العام الجاري.

أحد المقاولين أبلغ «الوسط» بأن «هذا الوقت هو الوقت المناسب لشركات التشييد وخصوصا في قطر التي تشهد نهضة عمرانية لم يسبق لها مثيل وكذلك المملكة العربية السعودية والبحرين».

ويتم رفع أسعار معظم السلع من الدول المنشأ نفسها مثل الحديد والصلب للتعويض عن فاتورة النفط العالية وخصوصا في الدول المستوردة للمادة السوداء. ويقول محللون إن الشركات الأجنبية القادمة من الدول الأوروبية والآسيوية وخصوصا من الصين وكوريا الجنوبية تجد في منطقة الخليج سوقا جيدة بدأت تنافس الشركات المحلية بتقديم عروض منافسة ما وضع ضغوطا على الشركات المحلية لعمل تحالفات مع شركات أجنبية. ومن المنتظر أن يستمر هذا الاتجاه في المستقبل بهدف تكوين تحالفات قوية قادرة على إنجاز المشروعات التطويرية والعمرانية في المنطقة.

وأدت هذه الخطوة إلى ارتفاع أجور العمال في المنطقة ما ساهم في خفض ربحية شركات المقاولات التي اتجه بعضها إلى طرح جزء من أسهمه للاكتتاب العام للتخلص من أعباء النفقات المتزايدة والاستفادة من السيولة الوفيرة في المنطقة.

ويرى محللون أن الفورة الحالية في التشييد والتطوير في دول المنطقة ستستمر إلى فترة طويلة طالما استمر صعود أو حتى استقرار أسعار النفط عند مستوياتها المرتفعة الحالية إذ إنهم يرون أن أسعار النفط لن تتراجع إلى المستويات السابقة على الأقل خلال خمس السنوات المقبلة نتيجة الطلب المتزايد على الطاقة من قبل دول تنمو اقتصاداتها بسرعة مثل الصين والهند.

ويقول محللون إن قطاع التشييد هو واحد من القطاعات الكثيرة التي تستفيد من الطفرة في التشييد والعمران في المنطقة إذ إن شركات تطوير العقارات هي المستفيد الأول من النمو المتزايد وتحقق أرباحا بعضها خيالية ناتجة عن ارتفاع أسعار الأراضي والممتلكات بسبب الإقبال المتزايد على هذا القطاع من قبل صغار وكبار المستثمرين الذين يبحثون عن فرص استثمارية ذات مردود كبير وسريع. وتبرز شركة الخليج للتعمير (تعمير) واحدة من أكبر شركات تطوير العقارات في المملكة إذ فازت بتطوير منطقة صناعية في الحد تتكلف نحو 1،6 مليار دولار بالتعاون مع مستثمرين في دول المنطقة وخصوصا من الكويت. كما أن الشركة تستثمر نحو 110 ملايين دولار في مشروع تالا السكني وهو من ضمن مشروع أمواج وتدرس إنشاء مشروعات سكنية وتطويرية مع الحكومة تتكلف مئات الملايين من الدولارات.

ويذكر بعض المسئولين أن الازدهار العقاري في دول مثل دبي ربما وصل إلى نقطة التشبع لكنه في نقطة البداية في دول أخرى مثل البحرين وقطر والمملكة العربية السعودية وحتى سلطنة عمان التي بدأت في الآونة الأخيرة تشجيع المستثمرين على الاستثمار في أراض تقع في مناطق بعيدة وتعرض بأسعار مغرية.