العدد 1775 - الإثنين 16 يوليو 2007م الموافق 01 رجب 1428هـ

استمرار مشكلات سوق القطاع السكني الأميركي

ذكرت المحللة المالية في إدارة صناديق التحوّط، ببيت الاستثمار العالمي، دلال الريّس، في تقرير لها أمس أن أسواق الأسهم الأميركية اهتزّت في شهر فبراير/شباط الماضي بسبب هبوط المؤسسات الماليّه وشركات التجزئة، التي واجهت زيادة في حالات التخلّف عن سداد القروض العقارية، ما بعث على القلق من أن مزيدا من الضعف في أوساط المقترضين الأعلى مخاطرا سيكون من شأنه أن يبطئ الاقتصاد الأميركي. وعلى رغم تدهور سوق الاسكان وسلبيّة نسبة ادّخار الأُسَرالأميركية، وزيادة المنافسة العالميّة وانخفاض الدولار، استطاعت الأسواق الأميركية تخطّي تصحيح الاسكان، واستمرت بالازدهار وتطورت أسواق الائتمان، وارتفعت ثقة المستهلك بشكل مرضٍ حتى النصف الأول من شهر يونيو/حزيران الماضي.

وبعد ذلك التاريخ، اضطرب السوق مرة اخرى عندما بدأت شركة «بير ستيرنز»، ثاني أكبر متعهّد اكتتاب أميركي لسندات القروض العقاريّة، بتصفية اثنين من محافظ التحوّط الخاصّة بها، إثر تكبّدها لخسائر كبيرة بسبب قيامها بمراهنات خاسرة على عمليّات مجازفة لقروض عقاريّة من الدرجة الثانية.

وبالاضافة إلى «بير ستيرنز»، فإن هناك شركات تواجه خسائر منها المحافظ التي يديرها المصرف السويسري «يو بي أس» و»كامبريدج بلايس انفستمنت منجمنت» وكذلك «يونايتد كابيتال»، شركة رائدة في الوساطة بضمان الأصول وهي أحدث شركة متضرره في سوق الائتمان.

وقالت الريّس في تقريرها أن تلك المحافظ عانت من المشكلات التي نشأت جرّاء القروض العقاريّة الممنوحة برهونات من الدرجة الثانية والقروض الاسكانيّة الممنوحة للمقترضين ذوي تاريخ الاعتماد الضعيف أو المعدوم وبالتالي غير مؤهلين للحصول على أسعار الفائدة الأقل السائدة في سوق القروض العقارية المضمونة برهونات من الدرجة الأولى. وكان الإقراض في السوق الثانوي أصبح شائعا على مدى السنوات القليلة الماضية، إذ أن أسعار الفائدة المنخفضة في السوق وارتفاع أسعار المنازل جعل من هذا النشاط مغريا ومربحا. وبعد سنوات من الأرباح السهلة، أدى ارتفاع معدلات التخلف عن السداد وإغلاق الرهونات إلى تسديد ضربة لصناعة الاقراض في السوق الثانوي، ودفع قيم بعض الأوراق المالية المدعومة بأصول، المعروفة باسم (التزامات الدين المضمونة) إلى الهبوط ومن ضمنها القروض السكنية في السوق الثانوي. نتيجة لذلك، عرضت أكثر من 50 شركة رهن أمريكية نفسها للبيع، أو أغلقت أبوابها، أو أعلنت إفلاسها منذ بداية العام 2006، وذلك طبقا للبيانات التي قامت وكالة «بلومبيرغ» بتجميعها.

ومعظم الخسائر التي تكبدتها الشركات تمّت نتيجة مضاربة على التزامات الدين المضمونة، التي هي وسائل استثمار أنشأتها مصارف «وول ستريت» التي تقوم بتجميع السندات والقروض وغيرها من الأوراق الماليّة. تنقسم التزامات الدين المضمونة إلى شرائح، أو فئات من الدين مصنّفة بدرجات مصداقيّة ائتمانيّة تتراوح بين أكثر التصنيفات أمانا وهي مرتبة (AAA) إلى الديون التي تتصف بمخاطر عالية. يمكن لبعض الديون الجديدة أن تحصل على درجة ائتمانيّة أعلى من الأصول الضامنة وأن تولّد بالتالي عوائد أكبر، ولكنّها معرّضة أكثر للخسارة إن تمّ التخلّف عن تسديد القروض الضامنة.

وكان العائد المرتفع على التزامات الدين المقدمة بضمانات راجعا جزئيا إلى حقيقة أن الديون في سوق الاقراض الثانوي مقابل رهونات عقارية من الدرجة الثانية كانت تشكل حوالي 45 في المئة من الضمانات التي تدعم التزامات الديون المباعة خلال العام 2006 والتي بلغت قيمتها 375 مليار دولار أميركي.

ومن بين مؤسّسات الأوراق الماليّة الكبيرة، كانت «بير ستيرنز» الأكثر تعرّضا لدين القروض العقارية من الدرجة الثانية بحيث خسر صندوقها المطروح باسم «صندوق الاقتراض المتزايد» 23 في المئة من قيمته في الأشهر الأربعة الأولى من السنة، عندما انهار سوق القروض العقاريّة المخاطِرة، ثمّ استقرّ ثمّ انهار من جديد.

وتضاعفت مشكلات هذا الصندوق بديونه التي كانت تساوي عشر مرّات رأس ماله البالغ 600 مليون دولار ما جعله أكثر تعرضا لمخاطر هبوط السوق.

وبهدف تحرير رأس مالها لسداد الالتزامات، باعت «بير ستيرنز أوراقا» ماليّة ذات قيمة اسميّة بحوالى 4 مليار دولار.

ومع زيادة مخاوف المستثمرين في أسواق الائتمان، وجدت الشركة القليل من المستثمرين الراغبين بشراء ديونها المدعومة برهونات عقارية من الدرجة الثانية، حتى مع أوراقها الماليّة ذات الدرجات الصدقية الاْتمانيّة الأعلى. وأثّرت عمليات البيع بشكل سلبي على أسهم قطاع بناء المنازل وشركات التأمين على الرهن العقاريّة المؤسسات المقرضة. وأثارت حادثة «بير ستيرنز» موجة من إعادة التسعير عندما أشارت المصارف ومحافظ التحوّط للسوق تعرّضها لأصول القروض العقاريّة المخاطِرة بحيث أنّ العديد من الأصول غير النّقدية التي يملكونها لاتزال مسعرة بأسعارها الأصلية المُضخمة.

إضافة إلى ذلك، أدّت المخاوف من سوق القروض المخاطِرة وأعلى نسبة امتناع عن تسديد تلك القروض في العقد الأخير، إلى انخفاض في الرغبة بالمجازفة وزادت الطلب على سندات الخزانة الأميركية التي يفضّلها المستثمرون عادة في حالات الاضطراب الاقتصادي إذ إنّهم قلقون من أن تتأثر الأصول الأكثر مخاطرة للانهيار بعد أن أظهرت التقديرات أنّ الاقتصاد الأميركي شهد أقل نسبة نمو سنوي في الأربع سنوات الأخيرة خلال الرّبع الأوّل من هذا العام.

العدد 1775 - الإثنين 16 يوليو 2007م الموافق 01 رجب 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً