العدد 1784 - الأربعاء 25 يوليو 2007م الموافق 10 رجب 1428هـ

مهزلة جاكرتا ونهاية رجل شجاع سببها الأول «لخبطة ومرمطة» ماتشالا

الصدمة التي هزت أوساط الشارع الرياضي البحريني

بعد خروج منتخبنا الوطني لكرة القدم المحزن من البطولة الآسيوية والصدمة التي تسبب بها للشارع الرياضي في البحرين، جراء المستوى الباهت والمتواضع الذي ظهر به في المباريات الثلاث التي خاضها، وهبوط أسهمه في القارة الآسيوية وتراجعه خطوات إلى الوراء، وخصوصا أن المنتخب لم يؤد ولم يقدم شيئا من صورته الطبيعية...

الآن، وبعد هذا الخروج، ما عسانا نفعل؟ وسؤال ربما يتردد بعد كل إخفاق، وهو من يتحمل مسئولية هذا الخروج وهذه الصورة الباهتة والتي جعلت «إلّي ما يشتري يتفرج» وجعلتنا نترنح ونعود القهقرى؟

كثر الحديث والكلام، وكثرت المبررات والاعذار والأسباب مع أنها معروفة للجميع، ولكن هناك من يغمض جفنيه عن الحقيقة ويقدم أسباب واهية وواهمة على أسباب أخرى حقيقية، من أجل تلميع صورة جهة أو شخصية؛ لطي ملف الإخفاق ولتحفيف وطأة الآلام جراء الفشل والإخفاق في الرحلة الآسيوية، وربما ذهب البعض لرسم صورة بريئة لبعض الجهات لمسح إخفاقها.

الحقيقة الغائبة

هذا الخروج المفاجئ للأحمر من البطولة الآسيوية جعلنا نعتصر ألما وحسرة وأبقى الجرح في القلوب التي تعشق الأحمر حتى النخاع، الجرح الذي لن يندمل أبدا إلا إذا تم تصحيح الأوضاع، الجرح الذي لن يمحى من الذاكرة، وعليه فالإخفاقات ستتواصل ما دامت العقلية لن تتغير.

ولا يزال هناك سؤال يتردد في الوسط الرياضي البحريني ويطرح نفسه بقوة في هذا الوقت، ولا بد لمسئولينا من الوقوف عنده والإجابة عليه، من خلال البحث عن حقيقة ما حدث وجرى هناك في معسكر الأحمر في فيتنام قبل البطولة الآسيوية وفي جاكرتا في البطولة الآسيوية.

نعم، يجب البحث عن الحقيقة الغائبة ومواجهتها ومحاولة القضاء على تلك الأسباب التي تسببت في خروج منتخبنا من البطولة مبكرا، ومحاولة تفاديها في المشاركات والاستحقاقات المقبلة للكرة البحرينية.

ولو جئنا لتحليل الوضع وعمن يتحمل مسئولية ما حدث فلن ننتهي أو نقف عند سبب واحد، فالأسباب تعددت وتنوعت ولكن النتيجة واحدة وهي خروج حزين ومؤلم للأحمر على رغم أنه كانت هناك أمنيات وسقفا أعلى من الطموحات.

وتتمثل هذه الأمنيات والطموحات بتحقيق منتخبنا نتائج بارزة كالتي تحققت في البطولة الماضية في الصين 2004 أو على الأقل الظهور بمستوى مشرف يعكس تقدمنا آسيويا وخليجيا.

عموما الجميع يتحمل مسئولية ما حدث فالاتحاد البحريني يتحمل جزءا من ذلك والجهازان الفني والإداري واللاعبون فلكل منهم دور بارز في سقوط الأحمر في امتحان البطولة الآسيوية.

«لخبطة ومرمطة» ماتشالا

فماتشالا، وفي أعتقادي الشخصي، يتحمل جزءا كبيرا مما جرى وحدث، فهو المسئول عن اختيارات قائمة الأحمر، ومن أهم المآخذ والأسئلة التي تدور في الشارع الرياضي على القائمة التي اختارها ماتشالا، هو سؤال عن الأسس والمعايير التي يستند إليها ماتشالا في اختيار قائمة الأحمر؟ وهنا يبرز اسم اللاعب محمد سالمين، وعلى رغم أن أحدا لا يشكك في نجومية هذا اللاعب ومستواه ولكنه هو نفسه اعترف أنه ليس جاهزا للاستحقاق الآسيوي، ويكفي أنه عائد من الإصابة التي كانت سببا في ابتعاده عن الكرة مدة وصلت إلى 4 أشهر، وكانت سببا مباشرا في إنهاء عقده مع ناديه العربي القطري.

ويعتبر ماتشالا أيضا هو المسئول عن إعداد المنتخب إلى البطولة، وهو من اختار التشكيلة التي لعب بها في مباريات البطولة والطريقة الفنية التي لعب بها في كل مباراة، ومع أنه اتحفنا بتصريحات مثيرة بعد كل مباراة ومنها أن إعداد الأحمر لم يكن كافيا وكذلك تحميله المسئولية اللاعبين فذلك أمر لا يصدق ولا يمكن أن يمر مرور الكرام.

فهل نسي ماتشالا تصريحه فور توقيع العقد وقوله: «ان فترة الشهر والنصف كافية لإعداد الأحمر» وأنه قال: «أعلم ظروف الكرة البحرينية وهي لا تختلف عن ظروف المنتخب العماني».

إن إصرار ماتشالا على تصريحاته والبوح بها بهذا الشكل ينم عن ضعف واضح يتملكه، وكذلك ينم عن قلة حيلته وهو الذي يسمى بالمدرب الخبير بالكرة الخليجية؛ جراء تنقله مع غالبية الدول الخليجية عدا المنتخب القطري الوحيد الذي لم يدربه، فماتشالا واصل مسلسل الضياع بتصريحاته «الجوفاء». فبعد أداء سلبي وضعيف وباهت من الأحمر أفصح عن عدم وجود هوية فنية للمنتخب، يخرج إلينا ماتشالا ما في جعبته «الفارغة» من مبررات أقل ما يقال عنها أنها عارية عن الصحة وخالية من المنطق والواقعية بل أنها أقرب للخيال!

عموما، ماتشالا أخفق في إدارة الأحمر وهذا شيء واضح من خلال إدارته لمباريات المنتخب وخصوصا المباراة الأولى أمام منتخب اندونيسيا، والثالثة الأخيرة أمام المنتخب السعودي من خلال قراءة خاطئة لمجريات اللعب بالإضافة إلى «اللخبطة» التي أحدثها في تشكيلة المنتخب، وأسلوب وطريقة اللعب.

ما خفي كان أعظم!

أما عن دور الجهاز الإداري فهناك أمور لا نعلمها ولكنها بدأت تتسرب، ومنها قضية اللاعب أحمد حسان وعودته المفاجئة للبحرين قبل انطلاق البطولة بأيام، وأيضا قضية اعتذار اللاعب علاء حبيل بسبب ظروفه العائلية «وفاة جدته» وإرغامه على اللعب بحجة الاعتماد عليه، وربما نسمع عن أمور أخرى في الأيام المقبلة، وخصوصا أن الخسائر والسقطات لا تأتي إلا بالأمور السلبية.

ونأتي لأكبر خطأ وقع فيه الجهاز الإداري والذي يتمثل في عدم وجود تهيئة نفسية جادة للمنتخب واللاعبين، وهذا وضح بشكل كبير من خلال عدم وجود روح معنوية عالية عند اللاعبين، وأنا هنا أعني الروح الجماعية، وربما يعود ذلك إلى دخول عناصر «غير مقبولة» وربما ليس للجهاز الإداري يد فيها، ولكن كان عليه قول كلمة الصدق والحق والحقيقة للرأي العام على الأقل، وكشف زيف تلك «النكتة» التي أصبحت على لسان معلقي القنوات الفضائية ومنها قناة الجزيرة الرياضية، عندما أشار معلقها «الكعبي» بقوله: «ما فائدة لاعب مجنس يبقى على دكة الاحتياط ولا يلعب إلا دقائق معدودة!».

نهاية رجل شجاع

ونأتي إلى دور اللاعبين وتقصيرهم من خلال العطاء «البخيل» داخل أرضية الملعب وكأنهم «أشباح» للاعبينا ونجومنا، فالأخطاء الفردية كانت واضحة على أدائهم ما جعل منتخبنا يتلقى الضربات تباعا لتكون في النهاية شباكنا ممزقة لأنها لم تتحمل الخماسيات ولا الرباعيات! ولنكتشف في نهاية الأمر أن «شباكنا» كانت مخرومة وممزقة أيضا، نسبة لتصريح «المخبا» الشهير!

وكما قلنا أن الجهاز الفني أخطأ في حساباته، فكذلك هم اللاعبون الذين ظهرت عليهم علامات وإشارات الشيخوخة عندما لم يقدموا ما هو مطلوب منهم وظهروا وكأنهم «أشباه النجوم» من خلال مجهوداتهم داخل الملعب لينسفوا كل عطاءتهم في السنوات الأخيرة.

لا، ليس هذا مستوى لاعبينا، فهم جعلوا نهايتهم «نهاية رجل شجاع» قدم وأعطى كل ما لديه لتكون نهايته «الممات»، فغالبية لاعبي الأحمر وصلوا إلى سن «التقاعد» وعليهم ترك الفرصة لغيرهم لخدمة منتخبنا، ولكن ليس لكل من هب ودب وحمل «جوازا أحمر» لأن وطننا لا زال ينبض بالعطاء، ومثلما أتى بالسلطان وبثعلب الحورة وبأبناء شريدة وبصاروخ النسور وجاء بعدهم بخميس عيد وغزال المحرق فيصل وولد الدخيل وعيسى ورزاق وجاسم وفياض وببيليه البحرين وبطلال وبأبناء حبيل، فهو قادر أيضا على تقديم العجيمي ولطيف والدخيل الصغير والسيدمحمد وغيرهم من لاعبي البحرين.

تأخير الاتحاد

وأخيرا نأتي إلى دور الاتحاد البحريني لكرة القدم، وربما يقول قائل ما عساه أن يفعل ويعمل فهو قدم كل الدعم للمنتخب، وبدوري أقول أيضا أنه لم يقصر في شيء ولكن تأخيره في الإعلان عن اسم المدرب في الفترة التي تلت البطولة الخليجية جعلت الأمور تصل إلى ما وصلت إليه الآن.

الاتحاد لم يسارع بالبحث الجاد وأخذ يتلكأ بحجة ومن دونها حتى لم يتبق على البطولة الآسيوية إلا أشهر بل أيام معدودات، ولو أنه بحث وتقصى واجتهد لحصلنا على مدرب أفضل وأرخص مما توافر، فهناك الكثير والكثير من أسماء المدربين ولكن علينا اولا أن نجتهد بالبحث عنهم لنحصل على مبتغانا.

كما يبرز لدينا أمرا مهم وحيوي في دور الاتحاد البحريني لكرة القدم بشأن مسئوليته عن الأحمر أم أنه تركها لغيره ليتحملها، وقبل أن يشاركه فيها إما بسبب التنصل عن المسئولية وهي بعيدة كل البعد منه، وإما بقرارات فوقية لا يد لها فيها، فهل يقبل الاتحاد أن يتدخل أحد في قراراته؟ أو أنه يقبل بفرض قرارات عليه! هذا السؤال يجب الإجابة عليه بصدق ومن دون لف أو دوران.

ربما يعد التعاقد مع ماتشالا منطقيا بناء على ما جاء في تاريخه وسيرته الذاتية والذي يعتبر أمرا محببا ومقبولا، ولكن التأخير الذي حدث جعل منتخبنا «أضحوكة» و»مهزلة»، وعلينا الآن الترقب والانتظار بشأن ما سيفعله «المسيو» ماتشالا في الاستحقاقات المقبلة.

ومع كل الاخفاقات الأخيرة التي صاحبت مشوار الأحمر، وأمام كل ما حدث ويحدث يجب على الاتحاد ألا يلتزم الصمت وكأنه في معزل عن هذا الإخفاق، أو كأن الأمر لا يعنيه أمام حال الغضب والاستياء العام للشارع الرياضي، وعليه الأخذ بالمبادرة لمحاسبة المقصرين سواء كان جهازا فنيا أو إداريا أو لاعبين، بل ويحاسب نفسه أولا.

التجنيس العشوائي

الآن، وبعد أن وقعت الفأس على الرأس، وخيم الحزن والألم والسواد على كرتنا البحرينية، يجب دراسة أسباب السقوط الحقيقية وليست «المزيفة» والتي قادتنا إلى الخروج المبكر، ويجب كشفها للشارع الرياضي، فهناك أخطاء لا زال البعض يتستر عليها وأهمها «التجنيس العشوائي» الذي ضرب منتخبنا وأصابه «بهزة عنيفة» على مستوى الروح الجماعية والتي ظهرت في الصين.

ولتكن لدينا الشجاعة الكافية لمواجهة الموقف لأن المصلحة العامة تفرض علينا قول الحق والحقيقة من أجل مستقبل مشرف وناصع للكرة البحرينية، ولا بد من إعادة الحسابات بالطريقة التي تمكننا من العودة القوية والسريعة.

العدد 1784 - الأربعاء 25 يوليو 2007م الموافق 10 رجب 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً