فتحت صفقة بيع النادي البحري على مستثمر سعودي بـ27 مليونا و800 ألف دينار في العام 2005 الباب لتراشق مسئولين في هيئة التأمين الاجتماعي عن وجود فساد مالي في دائرة المشاريع بالهيئة.
وأكدت مصادر مطلعة أن المشكلة بدأت في شكوك بشأن تقاضي مسئولين عمولات تصل إلى 580 ألف دينار جراء إتمام صفقة البيع، التي تصدى لها في حينها وزير العمل رئيس مجلس إدارة الهيئة في ذلك الوقت بعد أن خاطبه مسئول مفصول عن العمل بعدم جدوى بيع النادي البحري، ودعاه الى إعادة تقييم النادي عقاريا.
وأشارت المصادر إلى أن التلاعب وصل إلى حدِّ خفض قيمة النادي من 70 مليون دينار إلى 23 مليون دينار، وذلك بالاتفاق مع شركات عقارية متخصصة في التقييم، من أجل التربُّح من وراء عملية البيع.
الوسط - هاني الفردان
كشفت مصادر مطلعة لـ«الوسط» أن سبب الأزمة الحالية التي تعيشها إدارة الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي - شق صندوق التأمينات - بفعل تراشق الاتهامات بين كبار المسئولين في الهيئة بوجود فساد مالي كانت شرارتها صفقة بيع النادي البحرين بـ 27 مليونا و800 ألف دينار لمستثمر سعودي.
وأكدت المصادر المطلعة أن المشكلة بدأت في شكوك بشأن تقاضي مسئولين عمولات تصل إلى 580 ألف دينار جراء إتمام صفقة البيع، التي تصدى لها وزير العمل رئيس مجلس إدارة الهيئة في ذلك الوقت بعد أن خاطبه المسئول المفصول عن العمل بعدم جدوى بيع النادي البحري، وإعادة تقييم النادي عقاريّا.
وعلى إثر تلك الأزمة التي حدثت في العام 2005 شكل وزير العمل مجيد العلوي لجنة تحقيق مكونة من كل من مدير إدارة البحوث التأمينية بالهيئة زكريا سلطان، ومدير الموارد البشرية والمالية بوزارة العمل رضا حبيل، ومدقق داخلي بوزارة العمل أنور الدرازي، والمدير المساعد للشئون القانونية بالهيئة جمال الملا، ومراقب التدقيق الداخلي بالهيئة جمال المطوع، وذلك للتحقيق مع مراقب المشاريع بالهيئة (...) للوقوف على مدى تورطه في إرغام دلال للتوقيع على اتفاقية للمشاركة في عمولة بين النادي البحري مناصفة مع أخ المراقب.
وخلصت اللجنة بعد سلسلة من التحقيقات واستماع إلى أقوال شهود ومسئولين إلى أن اللجنة اقتنعت بأن المسئول المفصول ومراقب المشاريع «ما قام به يشكل فعلا مجرما بموجب المادة 204 من قانون العقوبات وعليه ترى اللجنة وجود مبرر يكفي لتحريك الدعوى الجنائية عن طريق النيابة العامة ضده».
وخلصت لجنة التحقيق أيضا إلى أنه «بناء على ما ثبت للجنة من شواهد ودلائل تقطع بتورط المسئول في عملية إرغام الوسيط على التوقيع على اتفاقية تقاسم العمولة مع أخيه، فإن اللجنة ترى أن هذا التصرف يشكل إخلالا جسيما بالواجبات الوظيفية، إذ استغل وضعه الوظيفي في الضغط على الوسيط فضلا عن كذبه على اللجنة، الأمر الذي يعدّ سببا كافيا لإنهاء العلاقة الوظيفية معه لاهتزاز الثقة به ولإخلاله بالتزاماته، إلا أن اللجنة ترى إرجاء عملية الفصل واستمرار وقفه عن العمل لحين الانتهاء من الدعوى الجنائية».
وأكدت لجنة التحقيق أن مدير إدارة المشاريع على علم بوجود اتفاق مشترك بين الوسيط لبيع النادي البحري وشقيق المسئول المفصول، إذ أقر المدير في أقواله للجنة أنه كان من المتعين عليه عندما أخبره المسئول بوجود شقيقه كشريك مع الوسط، أن يطلع الإدارة العليا عن هذه الشركة إلا أنه رأى وبحسن نية أنه طالما لا توجد صلة بين الموظف وبين اتفاقية العمولة فإنه لا يوجد ما يدعوا لإخطار الإدارة العليا بذلك.
ورأت اللجنة أن مدير إدارة المشاريع يتحمل المسئولية الإدارية وذلك لعدم إبلاغ الإدارة العليا، الأمر الذي وضع الهيئة في موقف حرج كان من الممكن تداركه في بداية الأمر، وخصوصا أن مثل هذه الأمور تهم الرأي العام.
إلا أن المصادر أكدت أن القضية لم تكن فقط معنية بعمولة البيع، بل أيضا بتسعيرة وقيمة النادي، وخصوصا أن شركات عقارية قيّمت النادي البحري في ذلك الوقت بنحو 70 مليون دينار، إلا أن ذلك التقييم تم إخفاؤه - بحسب قول المصدر - ، وتآمر مسئولون في الهيئة مع شركات عقارية أخرى بتقديم تقييم مختلف وقدره 23 مليون دينار للنادي البحري، ومن ثم عرضه للبيع على المستثمر السعودي بـ 27 مليون و800 ألف دينار، وذلك نظير الحصول على عمولات جانبية نتيجة تخفيض السعر من 70 مليون إلى 27 مليون دينار.
وأشارت المصادر إلى أن تلك الأزمة كانت السبب الرئيسي وراء إصرار وزير العمل على عدم إكمال صفقة بيع النادي البحرين، وهو ما اعتبره بعد ذلك بـ «الهضيمة» في حق الهيئة، إذا ما تم بيع النادي فقط بـ 27 مليون دينار.
وأكدت المصادر أن لجنة التحقيق أوصت بفصل المسئول (مراقب المشاريع) عن العمل بعد الانتهاء من النظر في الشكوى أمام النيابة العامة أو الدعوى الجنائية مهما كانت نتيجة الشكوى أو الدعوى الجنائية تأسيسا على اهتزاز الثقة بالموظف بسبب كذبه على اللجنة، وهو ما اعتبره المسئول المفصول تعاليا على سلطات القضاء ورفضها قبل الاحتكام إليها، كما أن ذلك يثبت النية المبيتة مسبقا لفصل المسئول مهما كان السبب، ومن دون الحاجة إلى قرار السلطة القضائية.
فيما أحالت اللجنة أمر «تقصير مدير المشاريع الإداري لرئيس مجلس إدارة الهيئة لاتخاذ ما يراه مناسبا»، كما أوصت اللجنة بضرورة إيجاد آليات تحدد المعايير والضوابط التي يتم من خلالها إجراء عمليات البيع أو الشراء في العقارات وعدم تركها لاجتهادات فردية واتصالات شخصية، بالإضافة إلي الشروع في إجراء مراجعة شاملة من قبل جهاز التدقيق الداخلي بالهيئة على جميع موجودات المباني المملوكة للهيئة التي كانت تحت إشراف المسئول.
حفظت النيابة العامة في الثالث من أكتوبر/ تشرين الثاني 2005 القضية المرفوعة من قبل هيئة التأمينات الاجتماعية ضد مراقب المشاريع بتهمة التلاعب واستغلال المنصب للحصول على مكاسب مادية من وراء صفقة بيع النادي البحري فيها إداريا.
كما رفض وزير العمل رئيس مجلس إدارة الهيئة في ذلك الوقت توصية لجنة التحقيق في قضية عمولة النادي البحري بفصل المسئول (مراقب المشاريع) عن العمل بعد الانتهاء من النظر في الشكوى أمام النيابة العامة أو الدعوى الجنائية مهما كانت نتيجة الشكوى أو الدعوى الجنائية تأسيسا على اهتزاز الثقة بالموظف بسبب كذبه على اللجنة، وذلك من خلال إعادة المسئول إلى عمله.
وعلل خطاب وزير العمل في ذلك الوقت أسباب قراره إرجاع المفصول إلى العمل أنه بعد أن حققت النيابة العامة معه قررت حفظ أوراق القضية لعدم وجود شبهة جنائية في الأفعال التي نسبت إلى المسئول.
وعلى ذلك أعاد رئيس مجلس إدارة الهيئة المسئول إلى عمله وحفظ له جميع حقوقه المقررة عن فترة توقيفه عن العمل بحسب ما تنص عليه اللوائح والأنظمة المعمول بها في هذا الشأن.
الغريب أنه بعد توصية اللجنة باهتزاز الثقة في المسئول وإصرارها على فصله حتى وإن لم يدان من قبل النيابة العامة، فإن الهيئة وبعد أن أعادته للعمل بأربعة أشهر تقريبا أصدرت مذكرة داخلية على لسان القائم بأعمال مدير إدارة المشاريع والذي كان أحد أعضاء لجنة التحقيق بشأن عمولة النادي البحري يأكد فيها الإنجازات التي حققها المسئول المتهم لصالح الهيئة.
إذ جاء في المذكرة «يسرني أن أرفع لسعادتكم طلبنا الخاص بترقية (...) والذي التحق بالعمل بالهيئة كمراقب لإدارة المشاريع منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2002 وحتى تاريخه، والذي لا يخفى على سعادتكم ما أبداه من كفاءة في إنجاز مهامه وأعماله طوال فترة عمله بالهيئة، وما قدمه للإدارة والهيئة من أعمال أسهمت في تطوير إدارة المشاريع وتنمية المحافظ الاستثمارية العقارية التي تتولى الإدارة مسئوليتها».
وأكدت المذكرة الصادرة في فبراير/ شباط 2006 أن المسئول الذي تتهمه الهيئة بالفساد والتلاعب في 2005 وأحالته إلى النيابة العامة في ذلك الوقت بعد فصله أن المسئول قام بتحديث وتطوير الإدارة في المجالات الإدارية والتنظيمية، بما يشمل تطوير الأنظمة والإجراءات المتبعة ووضع الضوابط والمعايير التي تنظم عملية إنجاز ومتابعة الأعمال بالإدارة.
وشددت المذكرة على أن المسئول المتهم بالفساد من قبل الهيئة ونتيجة لجهوده فقد ساهم في رفع الإيرادات التي حققتها الإدارة منذ توليه مسئوليتها بشكل مستمر لتصل إلى أكثر من 100 في المئة عما كانت عليه من قبل، كما انخفضت المصروفات في المقابل بنسبة كبيرة مع تحسن جودة الخدمات التي تقدمها الإدارة لعملائها، كما حققت الإدارة وبفضل جهود المسئول ومتابعاته المستمرة نموا كبيرا في نسبة إشغال المباني الاستثمارية والأسواق التجارية بلغت 100 في المئة بجميع المباني الاستثمارية والأسواق التجارية في العام 2004.
وخلصت المذكرة إلى أنه «بناء عليه، وتقديرا من الإدارة لجهوده وإسهاماته الكبيرة والمتميزة في المجالات الإدارية والاستثمارية فإننا نقترح ترقيته إلى وظيفة مساعد مدير بإدارة المشاريع»
العدد 2265 - الإثنين 17 نوفمبر 2008م الموافق 18 ذي القعدة 1429هـ
لا تبعوة
في الحقيقة انا لا اريدكم انا تبعوة