العدد 1791 - الأربعاء 01 أغسطس 2007م الموافق 17 رجب 1428هـ

قياداتا «أمل» و«الرابطة» التقتا في لندن قبل وفاة المدني

المدني والجمري طويا صفحة «التسعينات» قبل أن يرحلا ولكن الآثار باقية...(2-2)

في منتصف التسعينات شهدنا فصلا جديدا من فصول الانقسام في التيار الإسلامي الشيعي في البحرين، بسبب بروز مدرستين لهما آليتان مختلفتان في التصدّي لقضايا الشأن العام، على رغم أن كلتيهما تنحدران من حزب الدعوة، ومن المؤسسين القياديين فيه، فبرزت إبان انتفاضة التسعينات مدرسة المرحوم الشيخ سليمان المدني (ورثتها «الرابطة» حاليا)، في قبال مدرسة «أصحاب المبادرة» التي خاضت صراعا حادا مع السلطة للمطالبة بإرجاع الحياة البرلمانية (ورثتها «الوفاق» حاليا)، واستفحل الاختلاف السياسي إلى خلاف منهجي واجتماعي حاد.

وفي الجزء الثاني من حواره مع «الوسط» كشف المتحدث الرسمي باسم جمعية الرابطة الإسلامية حسن المدني عن لقاءات جرت بين قيادتي جمعيتي «أمل» و«الرابطة» في لندن قبل وفاة المدني، وأضاف أن تيار الشيخ سليمان المدني يعترفون بوجود الأمين العام لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان ولا يكابرون على أنه نائب جدحفص ويتعاملون معه على هذا الأساس، لكنهم لا يتفقون مع كل أفكاره.

أن «الشيخ سليمان المدني والشيخ عبدالأمير الجمري طويا مرحلة التسعينات قبل أن يرحلا» لكنه أقر بأن آثار تلك المرحلة مازالت باقية حتى الآن. ورأى المدني أن تيار «الوفاق» يعيش تناقضات حادة، فلا يعلم أهو مع العلمانية أم ضد العلمانية، أهو مع الدولة أم ضدها، كما اعتبر أن الشيخ عيسى قاسم «غامض»، لأنه لا يعلن مواقفه بوضوح دائما.

وتساءل المدني: هل يعقل بعد التنسيق بين قيادات تيار «الوفاق» و«العلمانيين» في مرحلة التسعينات، وفي مرحلة الانفتاح السياسي، وتحالفهم ضمن التحالف الرباعي في فترة المقاطعة، وتحالفهم المعلن ودعمهم لكل مرشحي اليسار في غالبية الدوائر الانتخابية، أن تعود المرجعية السياسية لهذا التيار وتهتف مرة أخرى «تسقط العلمانية»؟!

ونفى المدني أن يكون المحيطون بالشيخ سليمان قد حصلوا على مناصب على حساب التضحيات الشعبية، وقال: «المناصب ليست حكرا على هذا التيار، ونعتقد أن المناصب يجب أن تكون على أساس الكفاءة وليس الولاءات السياسية»وهنا نص الجزء الثاني من الحوار...

أنتم في «الرابطة»، هل لديكم شك في مواقف الشيخ عيسى قاسم، وهو أحد ركائز «الكتلة الإسلامية» التي جمعت القطبين المتصارعين حاليا، فهو كان موجودا في الساحة مع رؤوس التيار المدني؟

- المشكلة أن الشيخ عيسى قاسم لا يعلن مواقفه بوضوح وصراحة دائما، ونحن لا نشك في الشيخ عيسى قاسم ونزاهته، ولكننا نتشكك في بعض رموز التيار، وخصوصا الذين عرفوا بالتقلب السريع وازدواجية المواقف والتناقض الدائم.

ومن تقصد، هل الشيخ علي سلمان مثلا؟

- المصلحة الوطنية والإسلامية تقتضي ألا ندخل في التسميات، وخصوصا أننا نكرر أن يدنا مازالت ممدوة للجميع لتحقيق التطلعات الجماهيرية ومصلحتها في البحرين.

البعض يقول إن الانتخابات النيابية الأخيرة، وخصوصا الدائرة التي تنافس فيها رئيس جمعية الرابطة شفيق خلف مع رئيس جمعية الوفاق الشيخ علي سلمان أثبت أن هذا التيار لا يشكل سوى أقلية فقط ولكنها غير مؤثرة على أرض الواقع حتى في معقل التيار؟

- هذا الكلام غير دقيق، لأن رسم الدائرة ليس صحيحا، إذ لا يعقل أن تضم دائرة انتخابية واحدة 12 قرية وأكثر من 12 ألف ناخب، ثم ان تيار «الرابطة» موجود في كل مفاصل الحياة السياسية والاجتماعية في البحرين، وهو مؤثر وله وجود في دوائر صنع القرار، وقد ربحنا الجولة السابقة وليس بعيدا أن نربح الجولات المقبلة أيضا.

ولكنكم ربما دخلتم المجلس بسبب المقاطعة؟

- كان الناس يريدون أن يجربوا التيارات المختلفة، ومن حق الناس أن يختاروا وليس لدينا ثمة اعتراض، ولكن أرجو ايضا الا تكون «الوفاق» مجرد ظاهرة صوتية في المجلس واتمنى ان تحقق انجازات لمن انتخبوها، على أن الغالبية العددية ليست دليلا دائما على صواب القرار السياسي وصحة الاختيار.

يفهم من طيات كلامك أن الأمة تخطئ الاختيار...

- نعم، وقد لا تدرك خطأها الا بعد عقود متطاولة من الزمن، وبعد ان تكون هناك خسائر كبيرة واضرار بالمصلحة العامة.

عمليا، هل تعترفون بأن الشيخ علي سلمان هو نائبكم فعليا؟ وهل تشعرون بقيمة هذا التمثيل؟ أم تشعرون أنكم مجبرون على هذا الخيار؟

- نعم نعترف بوجود الشيخ علي سلمان ونكن له الاحترام والتقدير، وعمليا على ارض الواقع نحن ندرك حقيقة انه ممثل الدائرة بما فيها المنطقة، ونتعامل معه على هذا الأساس لكننا نطالبه ايضا بأن يحقق مصالح الوطن عموما والدائرة خصوصا وأن يتحسس نبض الناس وخصوصا دائرته، والا يتخذ مواقف متطرفة، وانا ادعوه ايضا الى الاستفادة من التجربة النيابية في السبعينات.

في تيار الرابطة كيف تستقبلون هذه الاشارات الايجابية التي حرص زعيم الوفاق على ارسالها بين الحين والآخر، ومنها زياراته المتكررة للشيخ محمد طاهر وكذلك سعيه لتسمية شارع باسم الشيخ سليمان؟

- كلها اشارات ايجابية ومشجعة، ونحن نقدرها، ولكن ما هو اهم من هذه المجاملات هو مطلوبة المنهج الفكري والسياسي. والشيخ علي سلمان - وأنا احترمه جدا - ذكر في الحملة الانتخابية «نحن نفتخر بمرحلة التسعينات بتضحياتها وسلندارتها»، ونحن نذكره بأننا ننبذ العنف ولا نعتز بالسلندرات التي أرعبت الناس وروعت الآمنين وقضت مضاجعهم ولم يكن لها اثر ايجابي على الناس، وانا شخصيا اجتمعت مع الشيخ علي سلمان اكثر من مرة بعد فوزه في الانتخابات وتحدثت إليه.

هل كان ذلك من ضمن ما سمي حينها بالحوار بين الرابطة والوفاق؟

- لا توجد قطيعة ولا خصومة كي يكون هناك حوار أو مصالحة من جديد، وهناك تنسيق للقاء مشترك قريب بين الرابطة والوفاق للاتفاق على أولويات عملية لترسيخ المشتركات وللتقارب بصورة اكبر ونؤكد انه لا توجد قطعية بين الطرفين، لكننا في المقابل لا نتنازل عن مبادئنا.

أشيع بكثرة أن هناك الكثير من أتباع الشيخ سليمان المدني صوتوا لصالح الشيخ علي سلمان على حساب شفيق خلف في الانتخابات؟

- لا نستطيع أن نؤكد ذلك أو ننفيه، وهذا الأمر في الصناديق المغلقة، ونحن في الوقت ذاته لسنا أوصياء على الناس، نحن ندعوهم ولكن لا نستطيع إرغامهم وليس من حقنا ذلك.

كيف تفسرون عدم دخول الرابطة في تحالف حقيقي مع أي تيار جماهيري في الساحة؟

- ولماذا أيضا لا تدخل الأطراف الأخرى في الساحة في تحالف مع «الرابطة»؟ لكن عموما الرابطة تنتمي إلى التيار الإسلامي العريض في البحرين باختلاف أطيافه وألوانه وتوجهاته، وقد فرحنا بفوز الإسلاميين في المجلس، ونرجو أن يستفيدوا من أفكار الشيخ سليمان المدني.

وما موقفكم الصريح من ادعاءات البعض بوجود ما يسمى بالتجنيس السياسي أو التمييز المذهبي؟

- نرفض رفضا قاطعا التمييز على أي أساس كان، ونحن ضد التمييز ونعلم انه موجود، وموقفنا أعلناه بصراحة نحن ضد التمييز وعلى أي أساس ونريد أن تتحقق مفاهيم المواطنة والعدالة الاجتماعية، والتجنيس يجب أن يكون وفق القانون، ولكن المجنسين يجب أن يحترموا باعتبارهم مواطنين وعليهم أيضا واجب الولاء لهذا الوطن ولقيادته.

نحن نعتقد أن التجنيس يجب أن يكون لمن خدموا البحرين أو للكفاءات التي تحتاجها البحرين إذا لم تكن موجودة فعلا في البلد، ولكن المعالجة يجب أن تكون عن طريق قنوات الحوار المعروفة كالبرلمان والصحافة والتواصل المباشر.

ندعو لتطوير الدوائر الانتخابية

وماذا عن الدوائر الانتخابية والتعديلات الدستورية؟

- عموما يجب أن تطور الدوائر الانتخابية لكي تصبح أكثر تمثيلا للناس، ولا يوجد دستور ثابت إلا القوانين الإلهية، وأية دعوة للتعديلات الدستورية يجب أن تدرس وينظر فيها إلى موافقة الشريعة الإسلامية ومصلحة الناس.

وأنا شخصيا أؤمن بالتدرج بالحياة السياسية، وأعتقد أن المجلس يرتجى منه الخير مع إمكان التطوير والتعديل الدائم، ونحن في الرابطة لا نعتقد أن هناك دستورا منزلا غير القرآن الكريم ولذلك يمكن تطوير المجلس والدستور باستمرار.

ما هو سر التقارب بين قيادتي «أمل» و «الرابطة» (التيارين الشيرازي والمدني) على رغم ان البعض يعرف جيدا أن العلاقة بينهما لم تكن حميمية وهناك تباينات فكرية يعرفها الجميع؟

- من الناحية المبدئية لا يوجد خط احمر للتقارب مع أية جمعية دينية او وطنية، والخلاف الحقيقي هو مع الذين يعلنون الحرب صراحة على الاسلام واتباعه، ولكن على المستوى العملي قد نختلف مع هذا التيار الإسلامي أو ذاك في منهجية العمل وفي بعض الافكار، ويبقى ديدننا الدعوة بالتي هي أحسن.

ولكنك لم تتحدث صراحة عن سر هذا التلاقي الأخير، وهل يحمل إشارة ضمنية لتيار الوفاق، بأن هناك جهة أخرى يمكن التفاهم معها، مع العلم أن سقف أمل تاريخيا كان أكثر تشددا من تيار الوفاق؟

- هناك تقارب كبير حدث قبيل وفاة الشيخ المدني بين «أمل» و «الرابطة»، وعقدت لقاءات متعددة بين قيادات التيارين في لندن، وربما كان ذلك لوصول تيار «أمل» إلى قناعات مشتركة كثيرة مع تيار الرابطة آنذاك، ولكونهما ربما استهدفا من طرف ثالث مشترك.

هل هناك أفق إلى تحالف بأسس جديدة بين «أمل « و «الرابطة»؟

- الباب مفتوح للتحالف مع كل التيارات الإسلامية بمختلف أطيافها ومنها «أمل».

العلاقة مع المجلس العلمائي

كيف تنتظرون إلى مؤسسة مهمة في الساحة السياسية في البحرين وهي المجلس الإسلامي العلمائي، وخصوصا ان هذا المجلس اثبت قدرته على التحشيد وحاول في الفترة الأخيرة استمالة بعض العمائم في تيار المدني؟

- أتطلع إلى انضمام الجميع في مجلس إسلامي واحد تأكيدا للوحدة وتوثيقا لعرى الإخوة يضم التيارات الإسلامية المختلفة من كلا الطائفتين الكريمتين واعتقد أن هذا المجلس موجود وهو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ولا أحبذ قيام مجلس سني أو شيعي.

نعم... جدحفص منسية

يقال إن هناك معارضة في جدحفص الآن أكثر من أية منطقة أخرى بسبب النقص الكبير في المرافق والخدمات، والبعض وصفها بـ «جدحفص المنسية»، وهناك ضغط كبير على اللجنة الأهلية التي شكلت، هل تنكرون وجود هذه المعارضة؟

- نحن لا ننكر وجود معارضة في جدحفص وهذا أمر طبيعي ولكن المعارضة ليست لأفكار الشيخ سليمان المدني وليست معارضة للدولة على إطلاقها، وإنما هناك ضغط على بعض أعيان جدحفص لكي يقدموا خدمات أكثر للمنطقة وأنا معهم في ذلك، ومسئولية الدولة وكذلك ممثلي المنطقة أن يلتفتوا إلى هذه النداءات ويلبوا مطالب الناس سواء في جدحفص أو أية منطقة منسية في البحرين، وهي مسئوليتنا جميعا، وقد تحقق جزء من هذه الاحتياجات من خلال اللقاء مع المسئولين، نعم جدحفص تعاني من نقص حاد في المرافق الأساسية، مدينة تنقصها الخدمات، وعندما نتكلم عن جدحفص فإنما نتكلم عن جزء من الوطن وندعو إلى تطوير كل مناطق البحرين بلا استثناء، ونرفض المناطقية عموما.

العدد 1791 - الأربعاء 01 أغسطس 2007م الموافق 17 رجب 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً