فقد منتخبنا الوطني للناشئين فرصة التأهل للدور قبل النهائي من بطولة كأس العالم للناشئين الثانية لكرة اليد المقامة حاليا على أرض المملكة، وكان بإمكان المنتخب الذهاب إلى أبعد من التأهل للدور الثاني بعد المستوى الكبير الذي قدمه في الدور التمهيدي الأول حين استطاع الفوز على البرازيل وتونس بالإضافة إلى الدنمارك على التوالي متأهلا للدور الثاني بمسمى الصدارة وفي رصيده نقطتا فوزه التاريخي على بطلة القارة العجوز في فوز هز القارة بأسرها لم يصدقه لا الأصدقاء من خارج البحرين ولا البحرينيون أنفسهم.
وساد التفاؤل الشارع الرياضي في البحرين، وحتى المسئولون عن الرياضة بعد الإنجاز الذي حققه لاعبو المنتخب في الدور الأول، وزحفت الجماهير البحرينية يوم الاثنين الماضي لصالة بيت التمويل الخليجي للوقوف خلف المنتخب في مباراة مصر التي كان الجميع يتعشم فيها خيرا بأن يكسب المنتخب تلك المباراة ويتأهل مبكرا للدور قبل النهائي ليضمن مقعدا هناك ويصبح من بين أفضل أربعة منتخبات على مستوى العالم، والحضور الجماهيري في تلك المباراة كان لافتا وهو الأعلى منذ انطلاقة البطولة ولكن المنتخب خسر تلك المواجهة وصارت آماله معلقة على مباراة السويد.
وفي هذه المباراة قدم المنتخب أقل أداء له في البطولة وخسر المباراة في 40 دقيقة فقط نتيجة الأخطاء الكبيرة التي وقع فيها في المباراة، وعلى رغم خسارة مباراة مصر إلا أن الجماهير حضرت وآزرت المنتخب في مباراة السويد حتى آخر ثانية فيها على رغم تعرض المنتخب لخسارة ثقيلة بفارق قوامه 16 هدفا لم يكن لا على البال ولا الخاطر، إلا أنه يكفي أن المنتخب وصل الى دور الثمانية، والرضا عن النتيجة أكده المسئولون عن الاتحاد، والأسباب لهذا الرضا كثيرة وهو ملف سنفتحه لاحقا، ولكن من الناحية الفنية نسأل أسئلة، كيف ولماذا سقط المنتخب أمام مصر والسويد؟! وما العوامل التي أثرت على مسيرة المنتخب في الدور الثاني بعد أن كانت المسيرة أكثر من رائعة في الدور الأول؟! هذه الأسئلة يجيب عليها بعض المدربين الوطنيين الموجودين في أروقة البطولة كعصام عبدالله، خالد الحدي، السيدعباس التوبلاني بالإضافة إلى عبدالرضا سبت.
عصام عبدالله: بدنيا ومهاريا وفنيا منتخبنا أقل من مصر والسويد
المدرب الوطني عصام عبدالله أشار إلى أن المنتخب الوطني تأثر بثلاثة عوامل رئيسية خلال الدور الثاني، موضحا «العامل الأول، الناحية النفسية بدت غير طبيعية وخصوصا بعد أن أحس لاعبو المنتخب بأنهم قادرون على تحقيق هدف أكبر من الهدف الموضوع لهم قبل البطولة وتحديدا بعد الفوز على الدنمارك، الأمر الذي زاد الضغوط على اللاعبين، على العكس تماما من الدور الأول الذي لعبه المنتخب من دون ضغوط كبيرة، هذه الأمور دائما ما تؤثر عكسيا على أي منتخب أو فريق إذا لم يكن متعودا، والمنتخب ليس متعودا لقلة مشاركاته».
وتحدث عصام عن العامل الثاني وهو الناحية البدنية قائلا: «لعب المنتخب بدفاع متقدم خلال الدور الأول واستطاع أن يحقق الفوز، ومن الواضح أن هناك مجموعة قليلة من اللاعبين لديهم القدرة على ذلك، وما حدث أن مستوى الدفاع تراجع كثيرا للتغييرات التي أجراها المدرب على مستوى العناصر، ومن جانب آخر فإن الناحية البدنية لم تكن في المستوى خلال هذا الدور نتيجة المجهود الكبير الذي بذله اللاعبون خلال الدور الأول».
وأضاف عصام «العامل الثالث، الناحية الفنية، ففي العادة تكون الفرق الواصلة للدور الثاني أقوى من الدور الأول، وللتعامل معهم كان المنتخب بحاجة إلى استقرار فني، ولكن ذلك لم يتوافر في الدور الأول!، وظهر تأثيره جليا في الدور الثاني حينما أراد المدرب الاستقرار لم يستطع لذلك خسرنا بفارق كبير من الأهداف، ولم يستطع المدرب تدارك الأخطاء الفنية في هذا الدور علما بأنه استطاع ذلك في الدور الأول»، وأشار عصام إلى أن مصر والسويد تتفوقان على منتخبنا بدنيا وفنيا ومهاريا.
وختم عصام تحليله الفني قائلا: «الفريق إجمالا أدى ما عليه في البطولة وبالذات في الدور الأول وحقق الأهداف المطلوبة وإن ذلك لم يمنع من الطموح في نتائج أفضل، علما بأن نتائج الدور الثاني كان بالإمكان تلافي الفارق الكبير في النتيجة لو كان الفريق فيه استقرار فني مع الاعتماد دفاع 3/3 أو 3/2/1».
خالد الحدي: لا توجد استراتيجية وفوزنا كان بحماس لاعبين ودعم جماهير
المدرب الوطني خالد الحدي أكد أن المنتخب عانى من بعض المشكلات الفنية التكتيكية موضحا «لعب منتخبنا الوطني بأسلوب دفاعي خاطئ، ففي مباراة مصر لعبنا بهذا الدفاع وأعطينا المصريين فرصة للعب بأريحية وتسجيل الأهداف بسهولة، ووضح أن لاعبي المنتخب لم يتدربوا على الدفاع المتقدم، وإن تدربوا فإن التدريب لم يكن صحيحا لأن هذا النوع له شروط لم نلحظها في تحركات اللاعبين».
وأوضح الحدي بعض هذه الشوط قائلا: «اللاعب المدافع يجب أن يتجه على يد اللاعب حامل الكرة حتى يتسنى له خطفها بسرعة، وإذا حدث تقاطع بين اللاعبين المهاجمين فيجب أن يتعامل المدافعون مع هذا التقاطع بطريقة التسليم والاستلام وليس كلاعب يجري خلف اللاعب الذي يراقبه، ثم أن الكرة إذا كانت في الجهة اليسرى مثلا فعلى اللاعبين في الطرف الآخر الاتجاه نحو تلك الجهة لمعاونة زملائه تحسبا لأي خطأ لا أن يتم المراقبة في أقصى اليمين بطريقة رجل لرجل، كل ذلك لم نشاهده، وما شاهدناه أن اللاعب يصل الى مرمانا بسهولة تامة».
وتابع الحدي تحليله الفني في هذا الإطار قائلا: «الدفاع المتقدم من الممكن أن تواجه به الدنمارك أو بولندا لأن هذين المنتخبين يعتمدون على القوة فقط بينما السويد يعتمد على القوة والمهارة والسرعة، ومن الصعب أن تلعب بالطرق المتقدمة أمام منتخب مثل السويد، ومن المفترض أن يلعب المنتخب بطريقة 3/2/1 على العشرة أمتار، هذه الطريقة تحمي مرمى المنتخب من التصويب من الخط الخلفي أو الاختراق، والمصريون كذلك يجب أن يواجهوا بالطريقة ذاتها، فهم معتادون على الدفاع المتقدم ويجيدون التعامل مع هذه الطرق، مع العلم أن المنتخب يمتلك حراسة جيدة تتعامل بإيجابية مع التصويبات من الخط الخلفي وطريقة 3/2/1 كانت ستخدمهم أكثر».
وقال الحدي في جانب فني آخر: «لم يكن هناك استقرار في التشكيل بالنسبة إلى المنتخب، ففي منتخبنا التبديلات متواصلة طوال الوقت، وكل اللاعبين يلعبون المباراة، وأثر ذلك على الهجوم الذي اعتمد على الفردية لا الاستراتيجية، من الصعب اللعب على البركة في بطولة مثل هذه وأمام منتخبات قوية كهذه، التكتيك الذي لعب به المنتخب يعتمد على التخليص من العمق الدفاعي القوي في مصر والسويد، وهذه مشكلة المنتخب».
وأضاف الحدي «رأينا أن مدربنا في جهة ومساعده في جهة أخرى، حتى اختيار وقت الوقت المستقطع في الغالب ليس صحيحا، فهل يعقل أن يطلب ذلك في مباراة مصر منذ الدقيقة الثامنة والنتيجة في ذلك الوقت 4/2 لمصر؟»، وقال أيضا: «لعل الجميع لاحظ أن لاعبي المنتخب يحصلون على عقوبات الإيقاف لمدة دقيقتين بمعدل 6 مرات في كل شوط وهذا يؤكد أنه لا استراتيجية في الدفاع وأن اللاعبين يقاتلون لوحدهم».
وأكد الحدي في نهاية تحليله أن الإعلام والجمهور لم يؤثران على المنتخب، وأشاد بوقفة الإعلام مع اللاعبين، وقال إن الفوز في المباريات الثلاث السابقة لم يكن بتكتيك مدرب بل بحماس لاعبين ودعم جماهير، وحمل الاتحاد مسئولية عدم اختيار المدرب المناسب لهذا المنتخب، مؤكدا أن المنتخب كان بإمكانه تحقيق نتيجة أفضل.
السيدالتوبلاني: التغييرات المستمرة أثرت على استقرار اللاعبين
المدرب الوطني السيدعباس التوبلاني أشار إلى أنه عاب على منتخبنا الوطني عدم الانسجام بسبب كثرة التغييرات وعدم ثبات التشكيلة، مشيرا إلى أن ذلك أدى الى عدم الاستقرار الفني لكل لاعب كذلك الأمر الذي أثر على الفاعلية الهجومية للمنتخب الوطني، وأضاف التوبلاني «تلك التبديلات المستمرة أثرت على مهمات اللاعبين في الدفاع لذلك فقدنا الميزة التي تميز بها المنتخب في الدور الأول وهي قطع الكرات والتحول السريع للهجوم الخاطف (الفاست بريك)».
وقال التوبلاني أيضا: «يلاحظ على مدرب المنتخب بيتر سول أنه يبدأ المباراة بالتشكيلة الاحتياطية، وهذا عكس المتعارف عليه، نحن متابعون للدوري ونعرف ذلك جيدا، فإذا كان لدى المدرب لاعبون جاهزون لماذا لا يبدأ بهم؟!، هذا جانب أثر على المنتخب أيضا».
وأضاف التوبلاني «لم نشاهد عملا هجوميا بتكتيك معين يفك طلاسم دفاع الـ 6/صفر الذي لعب به المنتخب السويدي والمصري، ولم نشاهد تفعيل لدور الضاربين الذين يمتلكهم المنتخب بقدر ما شاهدنا محاولات فردية».
وأكد التوبلاني أنه يقر على أن فترة الإعداد كانت من دون المستوى على رغم أن المنتخب دخل معسكرين خارجيين وأن اللاعبين لم يتدربوا مع بعضهم بعضا طويلا، وأشار إلى حاجة المنتخب إلى المزيد من المباريات من أجل اكتساب الخبرة. وطالب التوبلاني المسئولين بضرورة وضع خطة لإقامة المعسكرات الدورية للمنتخبات السنية، وأكد أن قرار إلغاء تفريغ اللاعبين الذي اتخذ لم يكن صحيحا وثبت ذلك عمليا.
رضا سبت: افتقدنا للخبرة ولصانع الألعاب وللبنية الجسمانية
المدرب الوطني عبدالرضا سبت أشار إلى أن أهم أسباب خروج المنتخب من المنافسة على الدور نصف النهائي هو إعداد الروح القتالية والإصرار لدى اللاعبين على عكس ما ظهروا عليه في الدور الأول، مشيرا إلى أن الفوز الذي حققه المنتخب على الدنمارك لم يأت بخطة مدرب بل جاء نتيجة لإصرار اللاعبين فقط.
وقال سبت أيضا: «لاحظنا ضعفا واضحا في دفاع المنتخب وعدم وجود الخطة المحكمة للتعامل مع مصر والسويد على رغم أن سلاح المنتخب في الدور الأول كان الدفاع، ففي مباراة مصر لم يكن في صالحنا اللعب بالدفاع المتقدم لأن المصريين يجيدون التعامل معه بدليل أنهم سجلوا 16 هدفا من عملية اختراق».
وأضاف سبت «عانى المنتخب في مباراة مصر من مسألة إضاعة الفرص على المرمى فتصور أنه صوب 60 تصويبة أضعنا منها 32 تصويبة 8 منها عن طريق الهجوم الخاطف (الفاست بريك) و7 منها من عملية الاختراق، أي أننا أضعنا 15 هدفا محققا في مواجهة حارس المنتخب المصري، وهذه مشكلة يتحملها اللاعبون».
وتابع سبت تحليله قائلا: «المشكلة التي يتحملها المدرب كذلك هي ضعف الخط الأمامي للمنتخب في الهجوم، فالجناحان ليسا في المستوى، وحسن شهاب لا تصله كرات على الدائرة، ففي الوقت الذي لاقينا صعوبة في التصويب والاختراق من العمق كان يجب أن نلعب على الأطراف والأطراف كانت من دون المستوى كما لاحظ الجميع». وقال أيضا: «المشكلة الكبرى أننا نلعب في الهجوم بالأسلوب الفردي ولا يوجد تكتيك معين للمنتخب ونجح السويد ومصر في التغلب علينا دفاعيا بطريقة 6/صفر، وعانى المنتخب من مشكلة في البنية الجسمانية والفوارق بينه وبين السويد ومصر، ويجب الإشادة في نهاية المطاف بمستوى الحراسة في المنتخب».
وأشار سبت في نهاية تحليله الفني إلى أن المنتخب افتقد الى عامل الخبرة بالإضافة إلى صانع الألعاب، وأكد أن المدرب التشيكي بيتر سول يتحمل عدم استقرار المنتخب بكثرة التبديلات على مستوى العناصر والمراكز، منوها إلى أن المنتخب لعب في وقت من الأوقات بستة لاعبين يلعبون أساسا في الخط الخلفي، وأكد وقوف الإعلام البحريني مع المنتخب أثناء البطولة وأشار إلى أنه ساهم في رفع معنويات لاعبي المنتخب.
العدد 1791 - الأربعاء 01 أغسطس 2007م الموافق 17 رجب 1428هـ