كشف تقرير سري حصلت «الوسط» على نسخة منه صادر عن قسم السلامة والصحة المهنية بوزارة الكهرباء والماء في العام 2005 يؤكد تعرض العاملين في محطات إنتاج المياه في المملكة وخصوصا في محطتي أبوجرجور والدور إلى الكثير من المخاطر التي يتأثرون بها جسديا ونفسيا كل على بحسب القسم الذي يعمل به والوظيفة التي شغلها.
وأكد التقرير: « أن المختبرات التابعة لمحطات التحلية مشبعة بالأبخرة والغازات السامة طوال فترة الدوام مهما كانت التهوية جيدة، وهذه الفترة يتعذر فيها لبس الأقنعة الواقية لمدة ثماني ساعات أو أكثر، لأن كثرة تعدد المواد الخطرة يصعب معها لبس الأقنعة الخاصة بكل مادة ما يجعل العاملين في حال تعرض دائم لهذه المواد».
وأكد التقرير الذي سلمه مدير إدارة الأمن الصناعي والسلامة بالوزارة عبدالله سعد الحويحي إلى مدير إدارة الموارد البشرية بالوزارة من أجل الإسراع في اتخاذ الخطوات اللازمة لحماية العاملين وصرف علاوة طبيعة عمل لموظفي محطات تحليت المياه، إلا أن ذلك التقرير لم يحصل على أية استجابة منذ بدء العاملين في الوزارة بصرف علاوات خطر وحتى الآن.
وبين التقرير أن قسم الهندسة الكيماوية في محطات التحلية الأكثر تضررا وتعرضا لمخاطر المواد الكيماوية، مؤكدا أن موظفي هذا القسم يتعرضون يوميا وبنسبة تزيد على 60 في المئة لمجموعة كبيرة من المواد الكيماوية الخطرة، ويؤثر بعضها على الجهاز التنفسي، كما أن بعضها يؤثر على الجلد ومعظمها تؤثر على كليهما معا.
وعدد التقرير عددا من المواد الكيماوية الخطرة منها مادة النورة التي تكون عادة على هيئة بودرة ناعمة تستخدم يوميا لمعادلة ملوحة المياه المحلاة، استنشاقها يسبب التهابات للجيوب الأنفية والعينين ويتلف خلايا الرئتين، والتهابات للجلد، مشيرا إلى أن الاقنعة الواقية تستخدم ولكن فعاليتها قليلة لكثرة نعومة المادة وكثرة التعامل معها يوميا، كما أن ذرات المادة تتخلل إلى الجلد عبر الملابس مسببة التهابات للجليد بسبب تفاعلها مع العرق وخصوصا أيام الصيف، كما انه يتعذر لبس القناع الكامل للوجه لأن البخار الذي يتكون داخله يقلل من مدى الرؤية لدى الموظف.
كما أشار التقرير إلى وجود مادة الكلور الخطيرة جدا التي تستخدم لتعقيم وتنظيف خزان المرشحات، وهي على هيئة بودرة جافة (هيبوركلورات الكالسيوم) تنبعث منها غازات سامة لمجرد تعرضها للرطوبة أو الماء، وتسبب هذه الغازات تلفا للجهاز التنفسي والتهابات وحروقا للجلد، موضحا أن الكلور يوجد أحيانا على شكل غاز يوضع في اسطوانات محكمة خاصة.
وأكد التقرير أن الأقنعة العادية لا تفي بالغرض لان غاز الكلور أثقل من الهواء وكثافته عالية، وبالتالي يحتاج إلى استخدام جهاز التنفس الاصطناعي الذي يصعب استخدامه بصورة متكررة لأن وزنه ثقيل ومخصص لحالات الطوارئ.
أما بخصوص مادة الامونيا، فأوضح التقرير أنها سائل خطر سريع التبخر، يستخدم لأغراض التعقيم والتنظيف، وتتسبب في حروق للجلد والتهابات للجيوب الأنفية والرئتين، له رائحة تسبب الإغماء، كما ان الابخرة الكثيفة الناتجة عنه تصل سريعا إلى الجلد عن طريق الملابس العادية المستخدمة، ومخزن المواد الكيماوية مشبع بأبخرة الأمونيا بنسب متفاوتة، ومهما كانت التهوية مشبعة بهذه الأبخرة لكنها لا تُميز، وبالتالي يتعذر لبس الأقنعة الواقية طوال فترة الدوام في محطات التحلية.
ومن ضمن المواد الكيماوية التي عددها التقرير ووصفها بالخطرة مادة حمض التانك، وهي من المواد الخطرة التي تستخدم مرتين في الأسبوع في تنظيف اغشين التناضح العكسي (محطة الدور)، ويتم تذويبها في الماء لمدة 45 دقيقة فتنبعث خلالها غازات سامة مثل أكاسيد الكربون وغيرها وتسبب التهابات للجلد والعين وأضرارا للجهاز التنفسي والكبد، وتأثيرها على المدى البعيد من المحتمل أن يتسبب بالإصابة بمرض السرطان، مؤكدة أن إجراءات السلامة المتبعة في محطات التحلية غير كافية إذ تفقد الأقنعة الخاصة فعاليتها مع درجة الرطوبة العالية ومع التركيز العالي لهذه المادة.
وبين التقرير الصادر عن قسم السلامة أن مادة الصودا الكاوية المستخدمة في الأعمال الكيماوية لمحطات التحلية مادة كاوية، مهيجة لأنسجة الجلد، وتسبب احمرارا للجلد عندما تتفاعل مع العرق، وتنتج عنها روائح وغازات غير محببة تسبب أمراضا للرئتين والجيوب الأنفية وضيق التنفس، كما ان المادة شديد التفاعل مع الماء وبالتالي فإنها تحرق الملابس المستخدمة عندما تلامسها أو تلامس الأبخرة الناتجة عنها.
ورأى التقرير أن أخطر المواد هي مادة غاز كبريتيد الهيدروجين، واعتبرها من الغازات السام، تنتج بعد المعالجة الكيماوية للمياه الجوفية المراد تحليتها في محطة أبوجرجور، ويتم تخفيفها برذاذ الماء عبر برج طرد الغاز، إذ يطرد الباقي منها وينتشر في الهواء بنسب متفاوتة تلوث الجو بصورة مميزة، وتشبه رائحتها رائحة المجاري أو البيض الفاسد، وهي مواد خطرة تتلف خلايا الجهاز التنفسي، وتؤدي إلى الاضطراب النفسي لدى الموظفين، مؤكدا أن الغاز ينتشر في الجو ويغطي منطقة واسعة من المحطة يتعذر فيها لبس الأقنعة الواقية في الهواء الطلق طوال فترة الدوام الرسمي.
وأكد التقرير أن فنيي المختبر يتعرضون لجميع المواد المذكورة عن طريق أخذ العينات وعمل التحليلات والتجارب الكيماوية، كما يتعرض للكثير من المواد الكيماوية الأخرى غير التي ذكرت.
ورأى التقرير أنه مع كل تلك الأخطاء المحيطة بالعاملين في محطات التحلية، ومع توفر الملابس الوقائية لهذه المواد، وتعذر لبسها أو إبطال فعاليتها في معظم الأحوال بسبب عوامل محيطة بالعمل مثل الرطوبة والحرارة وشدة تركيز المواد الخطرة المستخدمة في ظروف عمل غير محببة لا يمكن تغييرها، لذلك أوصى التقرير بصرف علاوة طبيعة عمل كاملة لعمال ومناولي المواد الكيماوية وفنيي وكيماوي المختبرات والمدرجة أسماؤهم في استمارات تقييم المخاطر.
العدد 1794 - السبت 04 أغسطس 2007م الموافق 20 رجب 1428هـ