العدد 1802 - الأحد 12 أغسطس 2007م الموافق 28 رجب 1428هـ

الاعتماد على النفط وفاتورة الرواتب نقطتا ضعف في الاقتصاد

البحرين تنعم بسياسة مالية ناجحة

أوضح تقرير لوكالة تصنيف عالمية أن البحرين لديها مركز جيد من الموجودات نتيجة للسياسات المالية الناجحة وأن المملكة تنعم بسياسة نقدية فاعلة ما يخفض من احتمالات تعرضها لهزات اقتصادية مفاجئة, بالإضافة إلى أن الإصلاحات الاقتصادية تساهم في توجيه النمو المستمر.

لكن التقرير الموسع الذي صدر عن «ستاندرد أند بورز» ذكر أيضا أن نقاط الضعف في المملكة تتركز في أنها لا تزال في طور تطوير المؤسسات السياسية وأن الموازنة لاتزال كذلك تعتمد على دخل النفط «وهناك أيضا إنفاقات مالية تحت الخط وفاتورة كبيرة لرواتب القطاع العام».

كما قال التقرير إن اقتصاد البحرين معرض لاحتمالات هزات في أسواق العقارات والأسهم بسبب المساهمة الكبيرة لقطاع المال في النمو. ويساهم القطاع المالي والمصرفي بنحو 28 في المئة في الناتج المحلي الإجمالي في البحرين.

ويقول التقرير إن الأمور التي تساند التصنيف هي وضع الموجودات الصافية الحكومية التي ينتظر أن تصل إلى نحو 65 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية العام 2007 وأنها ستظل أكثر من 55 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي فيما بعد العام 2010 بالمقارنة مع وضع الديون الصافية التي تبلغ نحو 24,2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2007.

وتوقعت الوكالة العالمية أن يكون لدى الحكومة فائض يبلغ اثنين في المئة من الناتج المحلي في العام 2007 «وأنه طبقا لتوقعاتنا فإن الزيادة المستمرة في الإنفاقات الحكومية وهبوط أسعار النفط سيؤديان إلى توازن الموازنة في العام 2008 وحصول عجز بسيط يبلغ 2,2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العامين 2009 و2010.

وقال التقرير: إن استراتيجية الحكومة لنقل نفقات قطاع البضائع والخدمات من الحكومة إلى القطاع الخاص ستشكل جزءا من الموقف المالي المتعقل للمملكة في المستقبل.

وذكر أن من نقاط الضعف اعتماد البحرين الكبير على دخل النفط الذي يمثل نحو 76 في المئة من مجموع الدخل الحكومي ووجود بعض أمور الإنفاق في الموازنة وفاتورة مرتفعة لرواتب القطاع العام التي تبلغ نحو 11 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

ويوضح التقرير أن النظام السياسي في البحرين والإصلاحات السياسية والاقتصادية الحالية هي الأفضل بين بقية دول المنطقة المجاورة ولكن هذه المؤسسات تم تأسيسها في الآونة الأخيرة فقط بالمقارنة مع بقية الدول الأخرى غير الخليجية التي بدأت قبل البحرين.

كما ذكر أن قاعدة المصادر في البحرين صغيرة بالمقارنة مع دول الخليج العربية لكن المملكة لديها مركز مالي قوي يقدم خدماته إلى جميع دول المنطقة. كما أن إمكان تعرض البحرين لمخاطر سياسية هي الأكثر من بقية دول المنطقة ولكن هذا الخطر تتم موازنته بتحالفات الحكومة ووضع موجوداتها الصافية.

ويقول التقرير إنه على رغم أن النظام السياسي في البحرين مشابه للأنظمة الأخرى في دول الخليج العربية فإن البنية السياسية تمضي قدما في فترة انتقالية نحو الملكية وبناء مؤسسات ديمقراطية، كما أن المخاطر من انتقال مفاجئ للحكم في البحرين هي الأقل من بين دول الخليج

العربية ما يعطي ثقة في الاستمرار السياسي والاقتصادي.

غير أن المؤسسات السياسية في البحرين لاتزال حديثة بالمقارنة مع الدول الأخرى خارج دول مجلس التعاون الخليجي - مثل ماليزيا وكوريا الجنوبية وجمهورية ترينيداد وتوباغو.

ويقول التقرير إن المصادر الطبيعية في البحرين محدودة بالمقارنة مع جيرانها في الحجم والتنوع وأن النفط والغاز اللذين لديها هما الأقل بين دول المنطقة وتأتي بعد سلطنة عمان. وعلى رغم ذلك فإن دخل الفرد في العام 2007 بلغ نحو 21500 دولار بالمقارنة مع 15148 دولارا في سلطنة عمان. ودخل الفرد في البحرين هو تقريبا الدخل نفسه في كوريا الجنوبية البالغ 18123 دولارا, وأن دخل الفرد في المملكة سيستمر في الارتفاع بسرعة ولكن بمستوى أقل من جيرانها إذ يتوقع أن يبلغ 4.2 في المئة في العام 2007 و1.2 في المئة في 2008.

المخاطر الجيوسياسية:

يذكر التقرير أن المخاطر الجيوسياسية في البحرين أكبر من نظيراتها خارج منظومة دول مجلس التعاون وأن أهم المخاطر التي تواجهها البحرين وبقية دول الخليج العربية ككل تأتي من الاقتتال الطائفي في العراق, بالإضافة إلى استمرار التوتر بين الولايات المتحدة الأميركية و»اسرائيل» من جهة وإيران من جهة أخرى.

ويوضح التقرير أن المخاطر التي تواجهها البحرين في حال تفجر نزاع يكمن في صناعتها الهيدروكربونية والألمونيوم التي قد تكون أهدافا معرضة لأي انتقام إذا تعرضت إيران لهجوم من الولايات المتحدة الأميركية أو «إسرائيل».

وتنتج البحرين نحو 40 ألف برميل من النفط يوميا من حقولها البرية في حين تتسلم نحو 150 ألف برميل من حقل بحري مشترك مع المملكة العربية السعودية. كما تستورد نحو 200 ألف برميل من النفط الخام السعودي لتصفيته.

والبحرين مثلها مثل قطر والكويت لديها قواعد أميركية على أراضيها والتي تزيد من احتمال أن تكون هدفا لأي انتقام إيراني أقل من المملكة العربية السعودية أو دولة الإمارات العربية المتحدة اللتين ليست لديهما قواعد أميركية. والبحرين هي المقر الرئيسي للأسطول البحري الأميركي الخامس.

وبيَّن التقرير إن أي نزاع عسكري سيؤدي إلى توقف بعض صادرات البحرين الرئيسية.

ولدى البحرين واحد من أكبر مصاهر الألمنيوم في العالم وينتج نحو 840 ألف طن من المعدن الخفيف سنويا.

كما أن مصفاة النفط الوحيدة والمملوكة للدولة تنتج نحو 250 ألف برميل يوميا من المنتجات النفطية المكررة التي يتم تصديرها إلى أسواق الشرق الأوسط وآسيا وأوروبا, في حين بدأت في الدخول إلى السوق الأميركية في الآونة الأخيرة بعد توقيع البحرين اتفاق تجارة حرة مع واشنطن الذي دخل موضع التنفيذ قبل عام.

ويدور النزاع بين إيران والولايات المتحدة الأميركية منذ مدة بشأن برنامج طهران النووي المثير للجدل.

وبين التقرير أن احتمالات المخاطر في المنطقة هي أكبر من تلك التي تواجهها الدول الأخرى خارج المنطقة ما عدا إمكانات المخاطر التي تواجهها كوريا الجنوبية وتيوان, بسبب أن لدى جارة كوريا الجنوبية برنامج نووي يهدد استقرار المنطقة في حين تواجه تيوان خطر ضمها إلى الصين الشعبية.

غير أن التقرير قال إن الأهمية الاستراتيجية للمنطقة ووجود عدد كبير من القوات العسكرية الأميركية, كل ذلك تعمل كأحد الحقائق القوية ضد أي تهديد خارجي قد تتعرض له دول الخليج العربية. وبالإضافة إلى ذلك, فإن التهديد الداخلي في دول الخليج آخذ في التلاشي نتيجة السياسة الأمنية وانتشار الرخاء الاقتصادي بين السكان.

الإصلاحات السياسية

يقول التقرير إن المؤسسات في البحرين لاتزال في طور التطور ولكن الإصلاحات أدت إلى نتائج طيبة. وكجزء من النظام الدستوري فقد تم تأسيس محكمة دستورية ومحكمة إدارية ومجلس عام للمناقصات ومكتب مستقل للمحاسبة. وأظهرت هذه المؤسسات خلال السنوات القليلة الماضية فاعليتها واستقلاليتها.

وأوضح التقرير أن مساندة سياسية عالية المستوى ونقاشا نشطا في البرلمان يهدفان إلى التأكد من أن السياسات الاقتصادية المهمة في قطاعات مثل البطالة والتقاعد والخدمات العامة في المملكة تنمو بقوة. وفي الحقيقة فإن الكثير من الإصلاحات تجري الآن وبدأت تعطي نتائجها.

وأضاف «أكثر الأمور في هذه ينصب في التخصيص والتحرير وتعهيد الأعمال في قطاعات كانت عامة سابقا. إن خطوة الحكومة بتحويل بعض الخدمات مثل إنتاج الكهرباء من القطاع العام إلى القطاع الخاص, هدفت إلى خفض النفقات وتقديم تسهيلات في ضوء تقلب دخل النفط».

ويقود جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة إصلاحات اقتصادية وسياسية في البحرين بدأت في العام 2002 من أجل توحيد أبناء هذه المملكة الصغيرة التي لا يزيد عدد سكانها على نحو 750 ألف نسمة ثلثهم من الأجانب. ومن ضمن الإصلاحات التي تقوم بها البحرين إصلاح سوق العمل المحلي من خلال فرض رسوم عالية على استيراد العمال الأجانب الذين يبلغ عددهم الآن نحو 250 ألف عامل معظمهم من شبه القارة الهندية والفلبين.

الأساسيات الاقتصادية

يذكر التقرير أن اقتصاد البحرين لايزال يعتمد على دخل النفط وإنتاج الألمنيوم, على رغم أن ذلك يتغير بسرعة, «وأن القطاع غير النفطي الذي ينمو بقوة متشجعا بالتوسع في الخدمات المالية وصناعة السياحة, يقود الآن النمو في الاقتصاد عموما».

إن النظام المالي المحكوم جيدا في البحرين يعطي الحكومة سوقا مليئة بالسيولة وغزيرة نسبيا تمكن الحكومة من أن تخدم كمركز مالي إقليمي, بعد أن استطاعت الدولة استقطاب الكثير من المؤسسات المالية الإقليمية والدولية منذ السبعينات وذلك لعدة أسباب من ضمنها سياسات التحرر الاقتصادي وقربها من الدول الكبيرة المصدرة للنفط ووجود بنية تحتية متطورة وانفتاح المجتمع إضافة إلى مصرف البحرين المركزي الذي نال شهرة بأنه سلطة تنظيم متبصرة.

إن أفضلية البحرين تنمو مع الزيادة المطردة في عدد المؤسسات المصرفية الإسلامية والتأمين. وأكثر من ذلك فإنه يتوقع أن تنمو أكثر مع توجه دول الخليج العربية إلى توحيد العملة والمخطط له في الأساس أن يبدأ في العام 2010.

وطبقا لتقرير الوكالة الدولية فإن النمو في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي سينتعش ونتيجة لذلك فإن النمو سيرتفع وإن إنتاج الألمنيوم والصادرات يتوقع لها أن تتسع بشدة وخصوصا من خلال توسيع مصهر الألمنيوم المملوك بنسبة 77 في المئة إلى الحكومة البحرينية.

ويتوقع أن يبلغ النمو نحو 7.3 في المئة في 2006ومن المنتظر أن يبلغ النمو 7 في المئة من العام 2007 إلى 2010 ما سيساعد في رفع النمو في الناتج المحلي الإجمالي إلى 6 في المئة.

وتوقع التقرير أن قطاعات السياحة والخدمات المالية والإنشاءات والاتصالات ستستمر في التطور بسرعة.

وأضاف «مع وجود 264 مؤسسة مالية والطلب المتنامي في السوق على المنتجات المالية والخدمات التي تعرضها البحرين وخصوصا الأدوات المالية الإسلامية فإن النمو في القطاع المالي سيستمر».

ولكن التقرير ذكر أن من ضمن المخاطر لهذه التوقعات هبوط أسعار النفط وتراجع في العقارات والأسواق المالية. وبغض النظر عن ذلك, يقول التقرير, «لا نعتقد أن موجة معاكسة كهذه ستفسد بشكل كبير النمو في دخل الناتج المحلي الإجمالي ليبلغ اثنين إلى ثلاثة في المئة على المدى المتوسط لأن البحرين مستعدة للتكيف في التعديلات الاقتصادية من دون حدوث تعطيل كبير».

العدد 1802 - الأحد 12 أغسطس 2007م الموافق 28 رجب 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً