صرّح رئيس النيابة العامة الذي يقود فريق التحقيق في قضية «الخلية» وائل بوعلاي بأن «النيابة العامة أمرت يوم أمس (الأحد) بإخلاء سبيل اثنين من المتهمين السبعة الذين جرى استجوابهم، وذلك بعد التأكد من محل إقامتهما»... وبرر بوعلاي إخلاء سبيل المتهمين إلى «ما رأته النيابة العامة من انتفاء المبررات الداعية لحبسهما احتياطا في ضوء ما خلصت إليه التحقيقات حتى حينه».
وأشار بوعلاي إلى أن تلك القرارات تأتي في «إطار التحقيقات التي تجريها النيابة العامة بشأن قيام أحد المتهمين بالسفر للالتحاق بإحدى الجماعات في الخارج، وتلقيه تدريبات عسكرية مع عناصرها واشتراكه في نشاطها، وما ثبت من ضلوع متهمين آخرين في مساعدته وتسهيل سفره».
غازي: قانون الإرهاب يخالف كل نصوص الحريات
إلى ذلك، توعد محامي المتهم الأول والرئيسي فيما يسمى بـ «متهمي الخلية» المحامي والنائب المنتهية ولايته فريد غازي باللجوء إلى الطعن الدستوري في قانون الإرهاب الذي من المتوقع أن يُقدم متهمو الخلية إلى المحاكمة الجنائية بناء واستنادا عليه.
وقال غازي لـ «الوسط»: «سندفع بعدم دستورية قانون الإرهاب الذي سيحاكم المتهمون بناء عليه، وسنستند في دفاعنا المزعوم بكل نصٍ ينص على الحريات في الدستور، إذ إن قانون الإرهاب يخالف جميع تلك النصوص الدستورية».
وأضاف «أنا بوصفي نائبا سابقا لم أصوّت على هذا القانون عند طرحه سابقا تحت قبة البرلمان، لتحفظي على نصوصه، إلا أن الكتل الإسلامية هي من صوّتت عليه ومررته من دفة المجلس المنتخب».
... موكلي تخلّى عن أفكاره الجهادية والدليل رجوعه إلى البحرين طواعية
والتقى غازي صباح أمس (الأحد) بموكله المتهم الأول في قضية «الخلية» الذي لايزال يرقد في المستشفى العسكري، إثر مرضه وتعرضه لوعكة صحية، إذ أصيب المتهم بالهزال والضعف والأمراض المعوية.
وعمّا دار بين غازي وموكله بخصوص القضية والتهم الموجهة إليه من قبل النيابة العامة، قال غازي: «أكد لي موكلي أنه كان يعتنق بعض الأفكار الجهادية والحماسية، إلا أنه تخلى عنها حاليا بدليل رجوعه إلى البلاد طواعية».
يشار إلى أن أجهزة الأمن الوطني ألقت القبض على المتهم الأول في «الخلية» فور وصوله إلى مطار البحرين الدولي قادما من جمهورية إيران، بعد وجود أنباء لدى جهاز الأمن الوطني عن مشاركته في الجهاد في أفغانستان.
وأضاف غازي «سأطّلع اليوم (الاثنين) على ملف القضية، وأعتقد بأنه من شبه المؤكد إحالة المتهمين إلى المحاكمة الجنائية، كما أعتقد أن هذه الدعوى ستكون أكبر من أية دعوى أخرى مشابهة، وستكون أكبر ومتشعبة أكثر، إذ ستكون فيها الكثير من المعلومات الغزيرة».
المشكلة تكمن في ترجمة الإيمان بـ «الجهاد» إلى أفعال
وأردف وكيل المتهم الأول المحامي فريد غازي «إن أفكار الجماعة المتهمين هي أفكار موجودة عند كثيرين من الشباب العاملين في مجال الدعوة الإسلامية، لذلك لابد أن نعاملهم من منطق أبوي لمحاولة تغيير الأفكار بأساليب تبعد عن المسائل الأمنية، ولكن للأسف الشديد أن المعالجة الأمنية تمت في فترة متأخرة جدا، فهؤلاء شباب، ويشعرون بحماس وقد يمرون بلحظة اندفاع (...) وموكلي مثله مثل أي شاب آخر يعتنق أو يؤمن بفكرة معينة، وكثيرين من الشباب من يؤمن ويعتقد بالفكر الجهادي ووجوب مقاومة المحتل في فلسطين، إلى أن انتقلت تلك الفكرة وذلك الإيمان إلى الجهاد في أفغانستان والعراق، وتلك الأفكار معتنقة من قبل قطاع كبير في البحرين، وتكمن المشكلة هنا في ترجمة ذلك الإيمان أو تلك العقائد والفكر إلى أفعال».
محاكمة المتهمين بناء على قانوني «الإرهاب» و «العقوبات»
وعن القانون الذي سيحاكم به المتهمون إذا أحيلوا إلى القضاء، رد غازي: «سيطبق على المتهمين قانون الإرهاب، بالإضافة إلى قانون العقوبات البحريني، وبحسب توقعاتي فإن القضية ستكون في أروقة المحاكم في مطلع شهر سبتمبر/ أيلول المقبل».
وفي ردّه على سؤال لـ «الوسط» بشأن العلاقة التي تربط بين المتهمين، أجاب غازي: «بعض المتهمين لا يعرف الآخر، إلا أنه قد تكون بينهم علاقة هاتفيه فقط وهذا يبقى احتمال».
وعما إذا تعرض موكله إلى بعض الضغوط أو غيرها، قال: «على العكس عومل موكلي معاملة حسنة وكريمة جدا من قبل الأجهزة الأمنية والنيابة العامة، وهو الآن يتلقى العلاج في المستشفى العسكري، وذلك بعد أن تم إلقاء القبض عليه في الأول من أغسطس/ آب في مطار البحرين الدولي عندما كان قادما من جمهورية إيران».
المتهم الأول هاجر إلى وزيرستان لتقديم الخدمات والمساعدة
وتابع غازي حديثه إلى «الوسط»: «موكلي يؤكد أنه لا ينوي القيام بأي فعل تخريبي في البحرين، كما أنه لا ينوي استهداف أية منشأة هنا، كما أكد خلال لقائي معه أنه حريص كل الحرص على أمن البلاد واستقراره، وأن ما يحمله من اعتقاد وفكر وإيمان بمواجهة العدو في الدول المحتلة خارج البلاد فحسب».
ونفى غازي قيام موكله بالتدريب على الأسلحة والمتفجرات ونيته تدريب آخرين موجودين في البحرين على ذلك الأمر، إذ علق بالقول على تلك الاتهامات: «موكلي شاب يبلغ من العمر 21 عاما ولم يتدرب على تلك الأمور والاتهامات المزعومة، كما أنه لم يمسك سلاحا في يديه يوما ما، وليست له أية علاقة بأي نشاط إجرامي، ونشاطه في أفغانستان أو منطقة وزيرستان، كان نشاطا منصبا على تقديم الخدمات إلى أهالي وقاطني القرى المنكوبة في تلك المناطق»، مشيرا إلى أن منطقة وزيرستان منطقة حدودية تقع ما بين أفغانستان وباكستان وهي منطقة خطرة يكثر فيها قطاع الطرق ومروجي المواد المخدرة، وهي غير آمنة ولا يحكمها أي قانون أو أمن، وتتولاها العصابات.
وأوضح غازي أن «موكله نقل إليه ثقته بالقضاء البحريني، وأنه يتمنى البراءة من بعد توفيق الله عزّ وجل».
ولفت المتحدث إلى أن «النيابة العامة لاتزال توالي التحقيق في القضية، وأنه في حال وجود جلسات تحقيق سيتم إعلامنا من قبل النيابة العامة للحضور مع موكلينا تلك الجلسات، إلا أن ما يمنع هو أن غالبية المحامين لايزالون يقضون إجازاتهم القضائية»، مشيرا إلى «وجود توجه بأن يكون لكل محامٍ متهم واحد فقط يمكنه الترافع عنه، وذلك حفاظا على المراكز القانونية للمتهمين، وعدم تضارب المصالح بينهم في حال الجمع في تمثل متهمين أو أكثر من ذلك».
«النيابة» تكون فريقا للتحقيق
الذي لايزال مستمرا
هذا وأوضحت مصادر مطلعة لـ «الوسط» أن النيابة العامة شكلت فريقا مكونا من رؤساء نيابات المحافظات الخمس للتحقيق مع ما يسمى بـ «متهمي الخلية»، مكررة ترجيحها بارتفاع عدد المطلوبين في هذه القضية التي لاتزال قيد التحقيق.
وأوضحت المصادر أن التحقيقات التي تجريها النيابة العامة بخصوص «الخلية» لم تكتمل بعد، وأنها لاتزال قائمة على قدمٍ وساقٍ، إذ لاتزال هناك بعض الأسئلة والاستفسارات المجهولة بشأن هذه القضية، التي من المتوقع أن تكشف عنها التحقيقات المستمرة والمكثفة التي تقوم بها النيابة، وأنه وبعد اكتمال تلك التحقيقات ستحال القضية إلى المحكمة الكبرى الجنائية التي يترأسها القاضي الشيخ محمد بن علي آل خليفة.
العدد 1809 - الأحد 19 أغسطس 2007م الموافق 05 شعبان 1428هـ