خرج الأحمر الأولمبي بفوز ثمين جدا في أولى مبارياته في التصفيات النهائية المؤهلة لأولمبياد بكين 2008 وذلك على حساب أبناء حلب المنتخب السوري عندما هزمه في عقر داره وبين جماهيره «الغائبة» بهدفين مقابل هدف واحد، ليخطو الأحمر خطوة أولى ناجحة وضعه في صدارة المجموعة بالتساوي مع المنتخب الكوري الجنوبي الفائز على المنتخب الأوزباكستاني بالنتيجة نفسها.
وأعطى هذا الفوز منتخبنا الأولمبي الكثير وخصوصا أنه تحقق في ظل غياب 3 من أبرز اللاعبين ويعتبرون من أعمدة الفريق الأساسية وهم المهاجم إسماعيل عبداللطيف ولاعب خط الوسط عبدالله عمر والمدافع فوزي عايش. الفوز أعطى لاعبي منتخبنا دافعا معنويا كبيرا من شأنه أن يرفع الروح المعنوية لديهم ويزيدهم إصرارا في بقية الجولات المقبلة من أجل تحقيق حلم الوصول إلى الأولمبياد من خلال خطف البطاقة الوحيدة عن هذه المجموعة.
كما أن هذا الفوز له انعكاسات كبيرة وخصوصا أنه تحقق بعد النكسة التي تعرض لها الأحمر في كأس آسيا ما أعاد الثقة للاعبين بقدراتهم والجهاز الفني بقدرته على تخطي الصعاب كما أن هذا الفوز أعاد الثقة إلى الجماهير البحرينية بقدرة هذا المنتخب على رسم الفرحة والبسمة على شفاههم من جديد المهم التعامل مع المرحلة المقبلة بكل دراية وحكمة ورؤية واضحة والأهم التركيز على ما هو قادم.
نشوة الفوز والانتصار
ولكن... يجب ألا ينسينا هذا الفوز والانتصار أن المشوار مازال طويلا وتبقت منه 5 جولات ومحطات وألا يدعنا نتغافل أو نغفل العيوب والسلبيات التي ظهرت بوضوح في أداء الأحمر الأولمبي طيلة فترات المباراة.
نعم هناك أخطاء ويجب ألا تأخذنا نشوة الفوز ونهلل كثيرا، بل علينا دراسة أدائنا وتحليله تحليلا دقيقا ونستخلص منه الإيجابيات ومحاولة مواصلة العطاء وتطوير الأداء وتقوية الجوانب ونقاط القوة، والأهم من ذلك التعرف أكثر على السلبيات ومحاولة القضاء عليها وإصلاحها قبل موقعة التنين الكوري «القوي» والمرشح الأبرز للتأهل عن هذه المجموعة، وخصوصا أن مجموعتنا هذه تضم 3 منتخبات حلت ثانية في مجموعاتها في الدور الأول، فبالإضافة إلى منتخبنا هناك المنتخب السوري والأوزباكستاني، ويبقى وحيدا المنتخب الكوري الجنوبي هو من تصدر مجموعته في الدور الأول.
الإيجابيات
عموما، نعود إلى صلب موضوعنا وهو التركيز في المرحلة المقبلة على الأخطاء والسلبيات التي وقع فيها لاعبونا والتي مما لا شك فيه أن الجهاز الفني للمنتخب الأولمبي بقيادة «الخواجة العجوز» ماتشالا قد توقف عندها كثيرا.
ولو عدنا للمباراة مع المنتخب السوري فإننا سنلاحظ أن أبرز إيجابية خرج بها منتخبنا هو العودة إلى المباراة من الباب الضيق، وأعني قلب النتيجة لصالحه بعد أن وجد نفسه متخلفا بهدف «الحظ» ولكنه عرف كيف يعود إلى المباراة جيدا، وهذا يجرنا إلى إيجابية أخرى وهي الروح القتالية العالية والحماس الكبير عند لاعبي الأحمر وعلى رغم صغر بعض اللاعبين وعدم وجود الخبرة الكافية لديهم في مثل هذه المباريات فإنهم بالروح والحماس تمكنوا من تجيير المباراة لصالحهم، وهنا أحب أن أخص بالذكر اللاعبين الصغيرين حمد فيصل الشيخ والذي يعتبر سببا كبيرا في الفوز الذي تحقق بعد أن صنع الهدفين؛ الأول بعد حصوله على ركلة الجزاء والثانية بتمريرته الجيدة والتي لا تحتاج إلا لمن يلعبها في المرمى إلا إذا أراد أحدهم أن «يتعنتر» علينا ويقول إن الكرة تحتاج إلى لاعب «مجنس» حتى يسجلها! أردت ذكر ذلك حتى نعطي اللاعب الصغير والكبير بفنه وعطائه حمد فيصل الشيخ حقه فهو قدم مستوى ومردودا طيبا، كما لا يفوتني أن أذكر اللاعب جمال راشد أيضا وهو الذي قدم مستوى يبشر بولادة لاعب متميز وخصوصا أنه صاحب مجهود كبير.
عموما، أعتقد ومن وجهة نظر شخصية أن تلك الأمور تعتبر من أبرز الإيجابيات التي خرج بها الأحمر من المباراة ونتمنى أن تتواصل مثل تلك الإيجابيات في قادم المباريات.
السلبيات والأخطاء
أما عن أبرز السلبيات التي حفل بها أداء الأولمبي الأحمر في المباراة فهو ذلك التذبذب في الأداء والمستوى من فترة لأخرى خلال مجريات اللعب وهو أمر يعد مشكلة حقيقية ستواجه الأحمر في بقية الجولات، وربما يعود ذلك إلى حال فقدان التركيز عند اللاعبين وربما للتوجيهات الفنية وهو أمر مستبعد.
ولو جئنا للأمور الفنية فعلينا ذكر المشكلة الدفاعية التي يواجهها الأولمبي الأحمر بل التي واجهها في التصفيات الأولية أيام كريسو والمتمثلة بالعمق الدفاعي وهي مشكلة لم تجد حتى الآن الحل على رغم تغير الوجوه واللاعبين. ففي التصفيات الأولية خاض الأحمر جميع المباريات بتشكيلة ضمت حسن خميس البري وعلاء عياد في المتوسط الدفاعي، أما في مباراة سورية فخاض الأحمر المباراة بجاسم المالود وأحمد بوبشيت، ولكن بقيت المشكلة والثغرة الدفاعية واضحة ومن دون معالجة... نعم، هناك تحسن كبير في هذه الناحية إلا أن المتابع بعين فنية يجد أنها موجودة وبشكل يجعلها نقطة سلبية في خطوط دفاعاتنا وربما تعتبر نقطة ضعف ستستغلها المنتخبات الأخرى.
وربما يجد الجهاز الفني الحل لهذه المشكلة ليس بتغيير أسماء اللاعبين ولكن من خلال تغيير التركيبة والأسلوب والطريقة التي يلعب بها الأحمر وخصوصا في منطقة المناورات والعمق في خط الوسط من خلال الاعتماد على لاعبي ارتكاز وليس لاعب واحد فقط، وتكون مهمة لاعبا الارتكاز تشكيل حائط صد متماسك يخفف من وطأة الضغط وكذلك الكرات التي تصل إلى العمق الدفاعي. أيضا من الأمور السلبية التي ظهرت في مباراة سورية تلك الحال الهجومية السلبية التي كان عليها اللاعبون، وعلى رغم تسجيل جيسي جون هدفين فإنه أهدر كرة كانت سانحة للتسجيل عندما طوح بالكرة خارج إطار المرمى وهو مواجها له، وكذلك فعل محمود عباس، ويجب على اللاعبين أن يعلموا أن في المباريات الأربع المقبلة أمام المنتخبين الكوري الجنوبي والأوزباكستاني عليهم استغلال أنصاف الفرص وإلا فإن الأمور ستصبح سيئة، كما برزت أيضا سلبية افتقاد بعض اللاعبين إلى الجرأة في التعامل مع الكرات المتاحة التي تسنح في المنطقة الخطرة فضلا عن ضرورة وجود المهاجمين وعدم ترك مسافات بينهما ولاسيما عندما يلعب المنتخب بمهاجم واحد في الأمام لأن وجود مسافات متباعدة يعطي فرصة لدفاع الخصم في فرض الرقابة اللصيقة وبالتالي إخماد الخطورة المتوقعة. كما أفرزت المباراة بعض الملاحظات على أداء الأحمر من أهمها الانتقال البطيء من الحال الدفاعية إلى الهجوم «على رغم حال الهدف الثاني» وهو ما سهل الأمر على المنتخب السوري في عودة لاعبيه للدفاع وإغلاق مناطقهم الدفاعية، وكان بإمكان لاعبي الأحمر استغلال تلك المساحات والفراغات والثغرات من خلال الانتقال السريع ولكن افتقدت غالبية هجماتنا الخطورة بسبب التأخير في نقل الكرة أحيانا وبسبب الانتقال البطيء.
عموما، إن هذه الملاحظات لا تمنع من القول إن الأحمر أجاد في عملية الانتشار والتنويع في نقل الكرة من جهة إلى أخرى ومحاولة اللعب على الأطراف وتشغيلها.
ثقتنا كبيرة بكم يا نجوم الأحمر
عموما المستوى الذي ظهر عليه منتخبنا في مباراة سورية ليس هو الذي كنا نطمح به، وعلى رغم الفوز فإنه تبقى بعض الأخطاء وهي واردة، وربما تعتبر النقاط الثلاث التي خرج بها الأحمر من المباراة هي عربون المنافسة والتي لن تكتمل إلا بعد مرور اللفة الأولى من التصفيات النهائية وبعدها يمكننا أن نحكم على أحقيتنا بالمنافسة لانتزاع البطاقة الوحيدة لهذه المجموعة والتي ستؤهلنا إلى بكين.
ويجب على القائمين على المنتخب والجهاز الفني أخذ الحيطة والحذر من الأخطاء التي تكررت في المباراة وتحليلها جيدا ومحاولة الوصول إلى الحلول الناجحة وخصوصا أن المقبل من المباريات ستكون بلا شك أصعب وخصوصا أمام الشمشون الكوري. وأخيرا كلنا ثقة بمنتخبنا الأولمبي وبلاعبيه وطاقميه الفني والإداري وخصوصا أننا ندرك ما يتمتع به الجميع من مؤهلات ومستويات تجعلهم يتخطون الصعاب والمحطات بنجاح، ولكن... نشدد على وجوب معالجة الأخطاء التي وقع فيها لاعبو الأحمر في مباراة سورية حتى الوصول إلى درجة تقترب من الكمال «والكمال لله وحده» وهو ما يجعلنا نتخطى بقية المباريات وخصوصا المباراة المقبلة التي ستجعلنا نسير في أمان وسنعتلي الصدارة في المرحلة الثانية إن تجاوزنا المنتخب الكوري، وسيقربنا كثيرا من حلم الوصول إلى الأولمبياد وهو حلم يمكن أن يكون حقيقة ملموسة إذا ما شمر اللاعبون عن سواعدهم وهم أمام فرصة تاريخية لصناعة مجد كروي رائع.
العدد 1821 - الجمعة 31 أغسطس 2007م الموافق 17 شعبان 1428هـ