العدد 1822 - السبت 01 سبتمبر 2007م الموافق 18 شعبان 1428هـ

مشكلات الاتحاد الجمركي وعدم المعاملة بالمثل تعوق «السوق الخليجية»

البحرين الأكثر استعدادا لتطبيقها... وقمة «التعاون» تستعد لإعلانها

تستعد دول مجلس التعاون الخليجي خلال قمة الدوحة في ديسمبر/كانون الأول المقبل لإعلان قيام السوق الخليجية المشتركة بين الدول الست في الوقت الذي يشكك اقتصاديون في إيفاء دول المجلس بمتطلبات هذه السوق من حيث توحيد الرسوم الجمركية وانسياب التجارة بين هذه الدول وحرية تنقل رؤوس الأموال وتأسيس الأعمال، إذ مازالت بعض دول المجلس تحد من حرية ممارسة الأعمال والتجارة.

وتتفاوت دول المجلس من حيث مدى إيفائها بمتطلبات تحقيق هذه السوق الخليجية المشتركة إلا أن اقتصاديين قالوا إن البحرين قد تكون أكثر دول المجلس تحقيقا لشروط قيام السوق الخليجية المشتركة من بين الدول الأخرى، فقد حققت على مدى الأعوام الماضية معدلات حرية اقتصادية واسعة إذ سمحت لمواطني المجلس تأسيس الأعمال بحرية كاملة كما سمحت لهم تملك العقارات بصورة كاملة.

ويطالب اقتصاديون بحرينيون دول مجلس التعاون بمعاملة الأفراد والشركات البحرينية معاملة المثل في بلدانهم من حيث تأسيس الأعمال وتملك العقارات والأراضي والموجودات وممارسة الأعمال بحرية كما تقوم الآن البحرين نفسها بإتاحة ذلك عبر معاملة المواطن الخليجي.

وقال الباحث الاقتصادي حسن العالي: إن «التكامل الاقتصادي عادة يمر بأربع مراحل منها إقامة منطقة تجارة حرة والمرحلة الثانية الاتحاد الجمركي والمرحلة الثالثة السوق الخليجية المشتركة التي كانت من المفترض أن تتم في 2007 أما المرحلة الرابعة فهي الاتحاد النقدي المفترض أن تنجز في 2010، السوق الخليجية المشتركة يجب أن تلغي التعرفة الجمركية والقيود الكمية على الواردات والصادرات ووضع رسوم جمركية وسياسات تجارية موحدة للدول الخليجية وإلغاء القيود والحواجز التي تحد من حرية انتقال الأفراد والخدمات ورؤوس الأموال بين دول التعاون وتوحيد القوانين الخاصة والتشريعات المتعلقة بالعمالة والاستثمارات، أي كل عناصر الإنتاج، كما يجب أن تكون هناك سياسات اقتصادية موحدة فيما يتعلق بميزان المدفوعات».

فوائد السوق المشتركة

وتحدث العالي عن أهم مميزات السوق الخليجية المشتركة، قائلا: «إزالة الفروقات والاختلافات في السياسات الاقتصادية لتوحيد ودمج قوى العرض والطلب عن طريق التحرير الكامل للتجارة والسلع والخدمات وبالتالي إقامة السوق الخليجية المشتركة ستحقق فوائد، منها: زيادة سرعة معدلات النمو الاقتصادي وارتفاع مستوى التشغيل والإنتاج وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وتوفير فرص العمل للمواطنين إضافة إلى العمل على تحسين الظروف الاجتماعية للدول الأعضاء واتساع نطاق السوق ما يزيد حجم الإنتاج وانخفاض الكلف والأسعار كما توجد سوق كبيرة غنية تتوافر فيها جميع السلع والمنتجات».

وأضاف «مع أن العام 2007 شارف على الانتهاء فهناك الكثير من العناصر المهمة غير مستكملة بالنسبة إلى السوق الخليجية، أهمها تأخر تنفيذ التعرفة الجمركية الموحدة التي مازالت لم تطبق بصورة كاملة إضافة إلى عدم إزالة العوائق والحواجز الجمركية وضعف البنية التحتية المتعلقة بالمواصلات وخدمات الجمارك كما لايزال هناك اختلاف في السياسات والحوافز والمميزات المقدمة إلى مواطني دول المجلس، كما لا يسمح لمواطني دول المجلس بحرية تملك الأسهم والسندات وفتح الفروع، كما ترى بعض الدول أن وجود اتفاقات تجارية ثنائية يعوق السوق الخليجية المشتركة».

وتحدث العالي عن أهمية وجود جهة موحدة تراقب تنفيذ قرارات قمم مجلس التعاون، مشيرا إلى اختلاف التشريعات والقوانين بين دول المجلس، وقال: «المشكلة أن هناك قرارات تخرج من القمة ولكن لتنفيذ هذا القرار فإن الأمر يحتاج إلى إصدار قوانين وطنية لكل دولة، وهنا فإن القرارات الوطنية قد تتأخر سنوات... يجب أن يكون قرار إقامة السوق المشتركة قرارا ملزما وفوريّا ويوجب تنفيذه من جميع الدول، في الدول الأوروبية مثلا لا يستوجب تنفيذ القرارات مثل هذه التعقيدات».

وأوضح العالي أن «المطلوب هو إزالة جميع هذه المعوقات والفروقات لإقامة سوق خليجية مشتركة»، مستبعدا قيام سوق خليجية مشتركة بصورتها الكاملة في العام الجاري 2007 لكنه أشار إلى أن البحرين هي من أكثر الدول التي طبقت متطلبات السوق الخليجية المشتركة.

وأكد العالي أن دول مجلس التعاون الخليجي مازالت في منتصف الطريق بالنسبة إلى إقامة سوق خليجية مشتركة، ملفتا إلى أن تذليل المعوقات أمام المواطن الخليجي يستوجب تفعيل الاتفاقات الاقتصادية، وإزالة عوائق تأسيس الأعمال بحرية وتملك العقارات والسندات والأسهم، ومنح التراخيص للمصارف التجارية لإقامة الفروع، وحل مشكلة شهادة المنشأ.

مطالب بمجلس لرؤساء الوزراء

من جانبه، ذكر رئيس اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس النواب عبدالعزيز أبل أن مقومات السوق الخليجية قائمة من خلال تشابه النظم الاقتصادية لدول الخليج وتشابه هياكل الإنتاج فيها، إذ تعتمد على ثروة النفط في اقتصاداتها بصورة أساسية.

وقال أبل: «هناك أساس مادي لتوحيد السوق... ضمن أهداف مجلس التعاون والاتفاق الاقتصادي الموحد هو أن يتم فتح الحدود بين دول المجلس بحيث يكون هناك تداخل في الأسواق وتعاون القطاع بحيث يكون هناك انفتاح اقتصادي... المتطلبات الأساسية لهذه السوق قائمة وبالعكس فإن دول المجلس أكثر من أي منطقة أخرى في العالم العربي متقاربة جدا ومناسبة لقيام مثل هذه السوق».

وأردف «المشكلة تأتي عند التطبيق، إذ لا يتم التطبيق بشكل متساو وليست هناك معاملة بالمثل لجميع المؤسسات، كما لاتزال البيروقراطية القطْرية في كل دولة خليجية تحد من تنقل البضائع والسلع بحرية على الحدود، فمن المفترض أن تحصل المؤسسة البحرينية عند فتحها نشاطا في السعودية مثلا أو أي دولة في المجلس على الحقوق نفسها التي تحصل عليها المؤسسات السعودية أو الخليجية هنا في البحرين وهذا ما لا يحدث، فالبحرين تمنح التجار والمؤسسات الخليجية حقوقا في المقابل لا تحصل المؤسسات البحرينية على المعاملة نفسها في دول المجلس».

ونوه النائب أبل إلى أهمية قيام السوق الخليجية المشتركة والحد من البيروقراطية في دول مجلس التعاون الخليجي، وقال: «يجب على دول المجلس الالتزام بمتطلبات السوق الخليجية لا كما حدث في الاتحاد الجمركي، إذ قامت دول بتوقيع اتفاقات جمركية منفردة مع دول أخرى ما أضعف هذا الاتحاد الذي يعتبر مقدمة للسوق الخليجية المشتركة... نفذ في 2003 وشرع لكنه واجه معوقات ويجب أن يتغلب على هذه المعوقات».

وعن فوائد السوق المشتركة، قال أبل: «السوق ستعود على المواطنين بمنافع مثل توفير فرص العمل والقضاء على البطالة، فمثلا سيتمكن العاطلون من المدرسين من الانتقال إلى دولة أخرى والعمل هناك بمثل مميزات المواطنين وبالحقوق والواجبات والضمانات نفسها».

ولفت أبل إلى أن إعلان السوق الخليجية المشتركة هذا العام هو مقدمة لقيام هذه السوق، وقال: «ليس من المفترض وجود جميع العناصر لإعلان قيام هذه السوق، وقبل قيامها من المفترض إعلانه، فهذا بمثابة البدء في تنفيذ هذه السوق... ويجب أن يكون هناك اتفاق خليجي بشأن السوق نافذ من تاريخ معين ويكون ملزما والتنفيذ يأتي في مرحلة لاحقة بعد إعلان قيام السوق الخليجية المشتركة، إذ ستستغرق عملية التنفيذ وقتا وهناك معوقات، فالانفتاح في السوق قد لا يعجب بعض القطاعات لكن مصلحة المنطقة استراتيجيا هي قيام سوق خليجية مشتركة يمهد لاتحاد خليجي».

وعن مدى تلبية البحرين لمتطلبات السوق الخليجية المشتركة قال أبل: «البحرين من الدول السباقة في فتح سوقها للاستثمارات الخليجية وتعزيز دور المستثمرين الخليجين وبالتالي قانون الشركات التجارية يسمح للمواطن الخليجي فتح مؤسسة بملكية كاملة في البحرين كما يسمح جلب ونقل رؤوس الأموال بحرية فهي مؤهلة أكثر لتطبق هذه السوق».

واضاف «عندما نطالب بمبدأ المعاملة بالمثل فإننا نريد أن يعامل التاجر البحريني بأن يسمح له بحرية التنقل وتأسيس الأعمال مثلما يعامل الخليجي هنا في البحرين».

ولحل مشكلة تنفيذ القرارات التي تخرج بها القمم الخليجية، دعا أبل إلى ضرورة وجود مجلس لرؤساء الوزراء في دول المجلس أو هيئة مجلس وزراء خليجي لتسريع تنفيذ هذه القرارات، إذ لا توجد لدى مجلس التعاون جهة للتنفيذ كما أن هناك مجلسا للتشريع عبر المجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي، إذ إن الأمانة العامة للمجلس ليست جهة تنفيذ ليؤول الأمر إلى كل دولة على حدة لتنفيذ ما تراه هي مناسبا.

من جهة أخرى، أشار أبل إلى أن السوق الخليجية المشتركة ستكون مقدمة لسوق عربية مشتركة، لافتا إلى أن العرب مازالوا متخلفين في تأسيس الكيانات الاقتصادية والسياسية الكبرى.

قمة الإنجاز الاقتصادي

وكان الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبدالرحمن العطية، قال في تصريحات صحافية إن القمة التي ستستضيفها العاصمة القطرية (الدوحة) بدايات شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل ستكون «قمة الإنجاز الاقتصادي بكل المقاييس ذلك أنها ستسفر عن إقرار قادة دول مجلس التعاون لإعلان قيام السوق الخليجية المشتركة بعد استكمال مقوماتها وموافقتهم على التقرير الخاص بإزالة معوقات الاتحاد الجمركي الذي عكفت لجنة التعاون الاقتصادي والمالي مع الأمانة العامة على وضعه في الفترة الماضية ومن ثم ستشكل هذه القمة بداية مرحلة جديدة لتفعيل التكامل الاقتصادي الخليجي على أسس واقعية تهدف في الأساس إلى تكريس مبدأ المواطنة الخليجية».

يذكر أن الأمانة العامة للمجلس أكدت في تقرير لها أن تحقيق المواطنة الاقتصادية يتوقف على عوامل ثلاثة، هي استكمال منظومة قرارات المجلس الأعلى الخاصة بالسوق الخليجية المشتركة قبل نهاية العام 2007 واستكمال إصدار التشريعات الوطنية في كل دولة من دول المجلس لتنفيذ قرارات المجلس الأعلى واستكمال الأدوات التي تمكن المواطن الخليجي من الاستفادة من قرارات المجلس الأعلى.

العدد 1822 - السبت 01 سبتمبر 2007م الموافق 18 شعبان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً